القاضي حاول إقناعه بالتراجع لكن رفض … القاضي الشرعي في اللاذقية لــ«الوطن»: شاب غير ثري يسجل لـ«مخطوبته» مهراً بـ200 مليار ليرة غير مقبوض
| محمود الصالح
كشف القاضي الشرعي الأول في اللاذقية أحمد قيراطة عن حقيقة قيام أحد المواطنين بتسجيل معجل مهر غير مقبوض قدره 100 مليار ليرة ومعجل غير مقبوض قدره 100 مليار ليرة سورية، في عقد زواجه المسجل لدى المحكمة الشرعية الأولى في اللاذقية خلال العام الماضي.
وأضاف قائلاً: هو شخص عادي ليس من الأشخاص المشهورين أو الأغنياء أو المتنفذين عمره 26، وخطيبته لم تطلب منه هذا المبلغ، إنما سجله تعبيراً عن حبه ووفائه لها، ويرى الخاطب أن هذا المبلغ زهيد تجاه حبه لمخطوبته.
وقال القاضي: ناقشته وحاولت ثنيه عن تسجيل هذا الرقم المهول إلا أنه أصر وبكل قناعة وهذا أمر لا دخل للمحكمة به ونحن لا نؤيد مثل هذه المهور.
وأضاف قيراطة: إن ثاني أعلى مهر لمعجل كان مقداره كيلو غرام ذهب عيار ٢١ قيراطاً غير مقبوض ومؤجله عشرون كيلو غرام ذهب غير مقبوض وكان حينها السعر الرسمي ١٧٢ ألف ليرة سورية للغرام أي ما مقداره ثلاثة مليارات وستمئة واثنا عشر مليون ليرة سورية لشاب من جنسية عربية غير سورية.
وتابع قائلاً: ولأن الشيء بالشيء يذكر لوحظ أن أغلب المهور التي سجلت في المحافظة لم تحمل مغالاة وهي تتعاطف مع حال الخاطب وحملت في طياتها حباً وعطفاً وتضامناً مع الخاطب وكانت أغلب المهور منطقية ورأفة ورفقاً بحال الخاطب وخاصة العسكريين.
وعن صلاحية القاضي في فرض مهر معين بين قيراطة أن القاضي يتدخل ويفرض المهر الذي يلزم فقط، في حالة واحدة، عندما يكون القاضي هو الولي، أي في حال عدم وجود الأب، أو عدم موافقته، وقد تم ذلك فعلاً، لكون أسباب عدم موافقة الأب غير مقنعة للقاضي، وهناك مصلحة للفتاة في الزواج، ويتم حينها فرض مهر المثل، الذي يتعلق بحال المخطوبة ووضعها الاجتماعي والتعليمي، فالفتاة المتوسطة في العمر أو البكر مثلاً مهرها أعلى من مهر كبيرة العمر، أو الأرملة، أو المطلقة، أو غير المتعلمة، كل ذلك يدخل في الحسبان.
ويرى القاضي الشرعي أن المهر ليس ما يسجل على الصحيفة، وإنما المهر هو المعاملة الحسنة.
وأوضح قيراطة، أنه خلال عمله في المحكمة الشرعية في اللاذقية كان أقل مهر هو 300 ألف ليرة معجل ومثلها مؤجل، معتبراً أن المهر الخرافي الذي تم ذكره ليس معياراً ولا يشكل ظاهرة هو مجرد طفرة ليس إلا.
وعن وجود حالات مسجلة في القضاء الشرعي تشكل خروجاً عن المألوف بين قيراطة، أن هناك شروطاً خاصة يمكن تضمينها لصك الزواج، حيث يستطيع طرفا العقد وضع ما يريدون من شروط، لكن دائماً لا يتم ذكر أي شروط خاصة، إلا في مرة واحدة حيث قامت المخطوبة بتضمين صك الزواج شرطاً خاصاً هو أن تطلق نفسها بنفسها عندما تريد ذلك، وفعلاً بعد 125 يوماً من الزواج قامت بتطليق نفسها بنفسها، وكان المهر في هذا الصك 10 ملايين معجل غير مقبوض و10 ملايين مؤجل غير مقبوض.
وعن نسبة حالات الطلاق في السنوات الأخيرة وأسبابها أوضح قيراطة أنها شهدت تزايداً لأسباب عدة، منها غياب الزوج أو فقدانه والتراجع الأخلاقي في المجتمع، والتفسخ الاجتماعي، وغلاء المعيشة، كل ذلك له تأثير في زيادة حالات الطلاق.
ويرى القاضي الشرعي أن أغلب المجرمين هم من المطلقين، أو أبناء والدين مطلقين في حالات كثيرة، وانتشار الإنترنت وتغلغل الغيرة بين النساء في تقليد بعضهن البعض، في وقت تكون ظروفهن المادية غير متماثلة والغيرة والمطالبة بالمساواة والمثل وتقليد الأكثر فقراً للأغنى قد يسبب عجزاً وإحباطاً للزوج وبالنتيجة يؤدي ذلك إلى الطلاق، فالعالم بأجمعه يستفيد من الحضارة أما في دول العالم الأدنى فتنقلب النعمة لنقمة، حيث أدى انتشار وسائل الاتصال الحديثة لتضييع الوقت والتعلق بها، وإهمال القراءة والكتاب، وانتشار الجرائم الإلكترونية، بكثرة مما دعي للمطالبة بالتشدد تجاهها، وقد وقعت الكثير من حالات الطلاق بسبب الجرائم الإلكترونية.
وبيّن القاضي الشرعي الأول أنه في مناطق محافظة اللاذقية تم خلال العام الفائت تسجيل 47 حالة طلاق إداري، و902 حالة فصل تفريق للعلل كافة و250 حالة تثبيت زواج، و3952 صك زواج.
وأشار إلى أنه قيد في عدلية مدينة اللاذقية ٤٩٥٨ دعوى أمام المحكمة الشرعية بجميع أنواع الدعاوى، تم فصل 3226 دعوى منها، موضحاً أن بينها ٩٥٠ قرار تفريق وتثبيت مخالعة، أما الدعاوى القائمة التي ما زالت منظورة فهي ١٩٥٤ دعوى. كما سجلت ٣٢٥ معاملة طلاق إداري بإرادة منفردة فصل منها١٩١ معاملة، وهناك 4958 معاملة خاطب ومخطوبة، إضافة إلى ٣١٧ معاملة زواج.
وعن تغيير معدلات الزواج والطلاق في السنوات الأخيرة أوضح القاضي الشرعي أن عدد حالات الطلاق التعسفي كانت خلال عام 2021 بحدود 195 حالة وفي عام 2020 كانت 130 حالة وفي عام 2019 كانت 166 حالة.
أما حالات التفريق والطلاق في 2021 بلغت 2355 حالة وفي عام 2020 كانت 2025 حالة وفي عام 2019 كانت 2086 حالة.
وأضاف: هناك 4986 عقد زواج في 2021 وفي 2020 كان عددها 4513 حالة وفي 2019 كان العدد 4983 حالة، وبلغ مجموع الوثائق الشرعية في محكمة اللاذقية فقط 7216 وثيقة مختلفة.
ولفت إلى أن المحكمة الشرعية في اللاذقية تعمل على إنجاز جميع معاملات الضيوف من المقيمين في اللاذقية من المحافظات الأخرى من دون اضطرارهم للذهاب لإجراء معاملاتهم في مناطقهم الأصلية، وهذا يرتب جهداً وعبئاً إضافياً على الكوادر العاملة.
وأكد قيراطة أن المحافظة بحاجة ماسة لمراكز توعية صحية واجتماعية للمقبلين على الزواج لكون الأغلبية ليست على اطلاع ومعرفة بحقوق وواجبات الزوجة والزوج ونتائج الزواج وآثاره، وهنا لابد من ذكر دور فرق الاستجابة القانونية لمنظمة الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية لتدخلها الإيجابي في هذا المجال لجهة التوعية أو الدعم المادي.
وبيّن القاضي الشرعي أن المحكمة الشرعية في اللاذقية تتجه لتكون أكثر واقعية من خلال فرض مبالغ مناسبة في حالات النفقة سواء للأم أو الأطفال في حال وجودهم، حيث إن هذه المبالغ التي كانت تفرض والتي لا تتجاوز خمسة آلاف ليرة شهرياً للطفل أو الأم زهيدة قياساً إلى تكاليف الحياة الكبيرة، وقال: سنكون أكثر جرأة في إصدار قرارات تتعلق بالنفقة تناسب إمكانيات الزوج وحاجة ومتطلبات الطفل والأم، وهذه المبالغ لن تقل عن 15 ألف ليرة شهرياً سواء للطفل أو الأم.