«في سابقة».. مشفى التوليد الجامعي بدمشق يغلق أبوابه بوجه القبولات الإسعافية لليوم الرابع على التوالي ؟! … مدير عام المشفى لـ«الوطن»: بسبب نقص أطباء التخدير.. عودة الأمور إلى طبيعتها اليوم وحالة الوفاة ليس سببها التخدير
| فادي بك الشريف
في سابقة تحدث للمرة الأولى من عمر الأزمة وما قبلها و«كارثة طبية» (إن صحت تسميتها) أن يغلق فيه مشفى حكومي أمام استقبال المرضى والقبولات الإسعافية ليوم واحد.. فكيف ذلك لليوم الرابع على التوالي من دون أي تحرك مسؤول يذكر أو تدخل إسعافي عاجل ؟!
هذا هو حال «مشفى التوليد وأمراض النساء الجامعي بدمشق» الذي أغلق أبوابه بوجه أي حالات مرضية إسعافية وتم إيقاف جميع القبولات الخاصة بذلك منذ الأربعاء الماضي حتى الآن والاقتصار على بعض الحالات العادية البسيطة، وذلك بسبب نقص يشهده المشفى بأطباء التخدير وسط مخاوف من أن ينعكس ذلك على مشاف أخرى بانتظار الحلول والإجراءات الفورية لعودة الأمور إلى وضعها الطبيعي حتى لا تتفاقم المشكلة أكثر من ذلك بكثير.
هذا الواقع رصدته «الوطن» من خلال التواصل مع مصادر مسؤولة من داخل المشفى مع إجراء زيارة للمشفى أمس للوقوف عند أي مستجدات، ولوحظ خلالها خلو قاعة الانتظار من أي مراجعين وسط حالة هدوء تخيم على المشفى وأروقته.
وأكدت معلومات المشفى وضع الجهات المعنية بصورة الموضوع، علماً أن تحذيرات سبقت وصول المشفى لما هو عليه، كما تمت مخاطبة الجهات المعنية منذ عام عن واقع التخدير في المشفى.
هذا وأكدت المصادر أن هناك طبيب تخدير وحيداً في المشفى خلال الفترة السابقة، كما لا يوجد أي طالب دراسات عليا (اختصاص تخدير) ويقتصر الأمر فقط على طلاب السنتين الأولى والثانية.
تحذيرات سابقة دقت ناقوس الخطر حول ضرورة التحرك الجدي لوقف نزيف الاختصاصيين وخاصة أطباء التخدير فلماذا لم يتدارك الأمر (حسب تأكيد المصادر)، ولاسيما أن المشفى له ميزانية خاصة به واعتمادات كانت حسب تأكيد البعض كفيلة باتخاذ أي إجراء مناسب يحول دون الوصول إلى مرحلة الإغلاق ؟!!
شكاوى وحالة استياء وغرابة أبداها العديد من المواطنين حول هذا التصرف، مؤكدين أن الملاذ الوحيد إما مشفى الزهراوي أو اللجوء إلى القطاع الخاص، وبالتالي تكبد تكاليف وأجور مادية بأضعاف مضاعفة عن الأجور الرمزية التي عرف بها مشفى التوليد وأي مشفى حكومي مقارنة بأي مشفى خاص.
وتساءل مواطنون بالقول: لم يحصل أن توقف مشفى حكومي أو أي قسم أو عيادة فيه رغم كل الظروف والتأثيرات كما يحصل اليوم بالنسبة لمشفى التوليد المعروف بأسعاره المعقولة وخدماته النوعية.. فماذا حدث ؟
وفي العودة إلى معلومات المشفى، أكد مصدر فيه صحة توقف القبولات والحالات الإسعافية.
وقالت المصادر: إن عمل المشفى يقتصر حالياً على الحالات التي تم قبولها مع توقف قبول الحالات الإسعافية بسبب الوضع الذي يشهده المشفى من نقص بأطباء التخدير، علماً أن المواد وكل المستلزمات مؤمنة والمسألة ترتبط فقط بالكادر التخصصي المعني بالتخدير، مبيناً أن مشفى التوليد بالكامل هو قسم إسعافي.
وأضافت المصادر: المشفى يعاني نقصاً شديداً بأطباء التخدير، وهناك مطالبات بتدخل سريع وعاجل.
وأكد أن المشفى كان يستقبل يومياً أكثر من ١٠٠ حالة، وبالتالي هذا الأمر سيشكل عبئاً على المشافي الأخرى ناهيك عن التكاليف الكبيرة لمن قد تضطرهم الظروف والواقع والحالة المرضية الإسعافية للتوجه إلى القطاع الخاص.
وبيّن المصدر أن الأمر بات بحاجة إلى تحرك لاتخاذ الإجراءات اللازمة، منوهاً بأن أهم مقترح هو ضرورة تخطي أي عقبات مالية ليصار إلى إجراء عقود خارجية بأجور مرتفعة مع أطباء من مشاف أخرى، علماً أن تدني الأجور مشكلة راهنة يفترض اتخاذ الإجراءات والحلول السريعة والمنصفة لها، ولاسيما أن عدد أطباء التخدير يعتبر قليلاً على مستوى سورية.
وتواصلت «الوطن» مع مدير عام مشفى التوليد مروان الزيات الذي قال في تصريح خاص لـ«الوطن» إنه يعد بعودة الوضع إلى ما هو عليه وأفضل من السابق اعتباراً من اليوم، علماً أن السبب واضح ويرتبط بنقص أطباء التخدير، مضيفاً: لو استمر عمل المشفى لتسبب بأخطاء طبية قد تتسبب بحالات وفاة ومشاكل للمشفى، لذا كان القرار الصائب بتوقف القبولات الإسعافية.
وحول الحديث عن تسجيل حالة وفاة في المشفى، قال: إن السبب لا يرتبط بشكل مباشر بالتخدير، وإنما هو اختلاط طبي نتيجة صدمة تحسسية أصابت المتوفاة أثناء نقل الدم، وهي من الحالات النادرة التي تحدث ولا تعتبر خطأ طبياً.
وكشفت مدير عام المشفى عن عقد اجتماع لإدارة المشفى مع مدير عام مشفى الأسد الجامعي لتأمين أطباء تخدير إضافة إلى عقد اجتماع اليوم لمجلس إدارة المشفى بحضور معاونة وزير التعليم العالي الدكتورة فاديا ديب وعميد كلية الطب البشري- رئيس مجلس الإدارة الدكتور رائد أو حرب، وذلك لبحث الوضع الطارئ للمشفى وبحث مختلف التفاصيل المتعلقة بالمشفى.
وأكد الزيات أنه من المقرر زيادة عدد أطباء التخدير لـ5 أطباء وسط توجيهات من الوزير الدكتور بسام إبراهيم بمعالجة الأمر بشكل فوري، على أن يتم مبدئياً تعديل نظام الحوافز وطرح مكافآت تشجيعية بشكل شهري مع متابعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بذلك.
وكانت رابطة التخدير وتدبير الألم قد دقت ناقوس الخطر حول النقص الحاصل بأطباء التخدير في البلاد وأن هناك استنزافاً في أعدادهم بشكل كبير، حيث يوجد حالياً في سورية 500 طبيب تخدير فقط أغلبهم يعمل في مشافٍ عامة وخاصة، على حين أن البلاد بحاجة على أقل ما يمكن إلى 1500 طبيب لتغطية جزء من النقص، حيث لا يمكن القيام بعمليات جراحية من دون طبيب التخدير.
يشار إلى أن رئيسة الرابطة في نقابة الأطباء زبيدة شموط كشفت في تصريح سابق لـ«الوطن» عن بعض الحلول المقترحة منها «اقتراح زيادة تعويض الاختصاص لأطباء التخدير إلى 300 بالمئة»، منوهة بأن «ذلك يدرس حالياً في اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء كذلك فصل وحدات التخدير عن الوحدات الجراحية».