الموسيقيون الآن لا يتقاضون ربع ما كانوا يحصلون عليه قبل الأزمة … وسيم الإمام لـ«الوطن»: نحتاج إلى أكثر من معهد للموسيقا في مختلف المحافظات
| عبد الهادي الدعاس
حبه للموسيقا منذ الصغر جعله يرسم أحلامه في هذا الفن، ويبدأ البحث عن ذاته وأدواته وينظر إلى طموحاته التي شكلت شغفه في دراسة الموسيقا، وسيم الإمام موسيقي سوري استطاع أن يخط طريقاً خاصاً ويسلك درب الموسيقا والفن وهو إلى الآن يقدم ويبحث ويجود في آفاقه ويمتعنا. التقيناه لنتحدث عن تجربته ومسيرته وطموحاته وما يحضره في حوار خاص، حيث علق على واقع الموسيقا في سورية، ومعاناة الموسيقيين السوريين.
• في البداية.. من نظرتك كأستاذ في المعهد العالي للموسيقا، كيف ترى واقع الموسيقا في سورية؟
رغم الظروف التي اعترضت جميع المهن في سورية، بالطبع تأثر بشكل كبير مجال الموسيقا والفن، إلا أن وزارة الثقافة اتبعت إستراتيجية مهمة وهي عدم التوقف والاستمرارية بإقامة الحفلات الموسيقية وعدم السماح للظروف بالتأثير في هذا المجال، وبالرغم من التقصير البسيط للعديد من الأمور وعدم توافر الشروط الكافية والبيئة الممتازة، لم نقف مكتوفي الأيدي وقدمنا ما بوسعنا من أجل المحافظة على الاستمرارية، وهذه خطوة تحسب لوزارة الثقافة ولمصلحة الأشخاص الذين قدموا ما بوسعهم للمحافظة على هذا الفن أن يبقى مستمراً في سورية.
• نلاحظ أن هناك اهتماماً بالموسيقا والفنان في بعض الدول يتفوق علينا ما رأيك بذلك؟
هناك بعض الدول تتفوق علينا بهذه النواحي لأنهم يمتلكون شركات ضخمة تهتم بصناعة النجم والإدارة الفنية للفنان، على حين نحنُ حتى الآن لا نملك شركة واحدة متخصصة بالانتشار وإدارة الفنان وصنع نجم من ممثلين أو مطربين أو موسيقيين وهذا ما يجعلنا نخسر عدداً كبيراً من الفنانين السوريين.
• هل يكفي المعهد العالي كنواة لتشكيل وإعداد فنانين أكاديميين؟
المعهد العالي للموسيقا نتائجه واضحة للجميع والفنان السوري معروف في كل مكان، بالتأكيد نحن بحاجة لأكثر من معهد للموسيقا في مختلف المحافظات السورية، لكن لا نلوم أحداً بذلك، بسبب قلة الكوادر التدريسية والهجرة خارج القطر، ويتم الآن الاعتماد على أصحاب الكفاءات والخريجين القادرين على التدريس، إلا أن ما وصلنا له رغم الظروف يعتبر جيداً.
• هل هناك تقصير بحق الموسيقي في سورية، وهل ترى أن الإعلام منصف بحقهم؟
الموسيقيون مهدور حقهم دائماً، ولا يوجد اهتمام بالمؤلفين الموسيقيين، وعند أي حفلة يهتم الناس بالفنان غير مبالين بالعازفين.
وأي شخص يريد الانتشار يجب أن يتمتع بعلاقات ومعارف لأن بلدنا هو بلد الشللية.
• ماذا أضاف لك تعاونك مع الأستاذ الكبير زياد الرحباني؟
من أمتع التجارب التي قدمتها، فقد تعلمت منه الكثير وكانت تجربة أغنت خبرتي الموسيقية، وشاهدت في النوتات الموسيقية أشياء مذهلة، وأستطيع القول إن العمل معه هو من السهل الممتنع.
• علمنا عن تحضيرات قادمة مع الفنان الإماراتي حسين الجسمي، خبرنا أكثر عن هذا التعاون؟
بصفتي عضواً من أعضاء غروب وتريات سورية وهو أحد الغروبات المهمة الذي يحتاج إلى تسليط الضوء عليه، حيث يقوم بتنفيذ أعمال لمختلف نجوم العرب منهم حسين الجسمي ونبيل شعيل ويارا وراغب علامة وشيرين عبد الوهاب والكثير يجهل أن تلك الأعمال تنفذ من خلال الكوادر السورية، ومن الأعمال القادمة التي سيتم الإعلان عنها أغنية للفنان حسين الجسمي.
• ماذا يعني لك وقوفك في المعهد العالي للموسيقا وتعليم الطلاب؟
إنه أمر مرعب أكثر من أيام الدراسة، لأن المسؤولية تصبح أكبر والخوف يزداد ليس من ناحية الطلاب فقط إنما من ناحية المدرسين أيضاً، فأنا أسعى لتقديم الجهد الكامل حتى أغني الطلاب بكامل تفاصيل الفن الرائع، وبفضل من اللـه جميع طلابي حققوا التفوق وبعد تخرجهم تم قبولهم في جامعات أوروبية وهم اليوم يستكملون دراستهم واختصاصاتهم.
• ما تحضيراتك القادمة؟
لدينا تحضير لحفل مع فرقة «قصيد» بقيادة المايسترو كمال سكيكر وهو تحية للرحابنة سأكون فيها العازف الأول والمسؤول عن الأوركسترا، إضافة إلى حفل خاص في الجناح السوري بمعرض إكسبو دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة المايسترو إياد الريماوي.
• تحدث عن تجربتك مع الموسيقي إياد الريماوي، وكيف ترى العمل معه؟
إياد الريماوي شخص لن يتكرر لأنه محاط بهالة كبيرة من الحب، واستطاع أن يضع بصمة خاصة للموسيقا السورية وجميعنا كعازفين فخورون فيه.
• لا يزال اسمك مرتبطاً بمحرك البحث غوغل مع النجمة نادين تحسين بك، كيف تراها كممثلة وكيف علاقتكم؟
نادين صديقة عزيزة وانفصالنا كان بشكل حضاري، ولا تزال العلاقة بيننا مبنية على مبدأ الصداقة والاحترام حتى الآن، وما زلت أشجعها وأدعمها، وأراها من نجوم الصف الأول في مجال التمثيل.
• ما رأيك ببرامج المواهب الغنائية التي قدمت سابقاً في سورية، وهل نحن قادرون على تقديم هذا النوع من البرامج؟
جميع ما قدم يبقى في نطاق المحاولات، ودائماً يوجد ضعف في هذه البرامج، ربما تكون الفكرة صحيحة إلا أن تنفيذها خاطئ، لذلك فإن هذه البرامج تحتاج إلى أشخاص محترفين، وإلى حساب الخطوة الثانية ما بعد البرنامج، وتعتبر الخطوة الثانية أصعب من الخطوة الأولى.
• كيف تقيّم رواتب الموسيقيين في سورية، وكيف يمكن الحفاظ عليهم من الهجرة؟
مغادرة الموسيقيين هي أكبر دليل على قلة الرواتب التي تقدم لهم، على الرغم من الجهد الكبير الذي تقوم ببذله وزارة الثقافة والجهات المعنية، إلا أنه غير كافٍ فالموسيقيون اليوم لا يتقاضون ربع ما كانوا يحصلون عليه قبل سنوات الحرب، في حين الذين لم يغادروا فهم يتوجهون لبذل طاقة كبيرة ويقبلون جميع الحفلات التي تقدم لهم لكي يقوموا بتأمين حياة كريمة، وخاصة أن الحفلات تحتاج إلى بروفات لأوقات طويلة ما يجعلهم يستنزفون وقتهم وجهدهم.
• بعيداً عن العزف أنت مؤلف موسيقي أيضاً، حدثنا عن تجربتك مع التأليف الموسيقي؟
بدأت التأليف عندما كنت طالباً في المعهد العالي، حتى أتت الفرصة وقمت بتقديم عمل كامل وكان ذلك في مسلسل «سحر الشرق» للكاتبة ريم حنا والمخرج أنور قوادري، بعدها توجهت أيضاً للمسرح والسينما وكان هناك تجارب عديدة منها مسرحية «حلم ليلة صيف»، ومسرحية «مساورات للشمس» للمخرج غسان مسعود، وفيلم «المهد» للمخرج محمد ملص، والفيلم الإيطالي «بين تدمر وحلب لا يمكنك الطيران» للمخرجة الإيطالية كيارا دينيس وغيرهم الكثير.
يذكر أن وسيم الإمام خريج المعهد العالي للموسيقا عام 1998، وحاصل على ماستر في علوم الموسيقا في فرنسا عام 2007، وعازف ومدرس لآلة الكمان والبيانو في المعهد العالي للموسيقا ومؤلف موسيقي، إضافة إلى أنه عازف الكمان الأول في الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، وأستاذ مادة العزف الأوركسترالي للآلات الوترية لطلاب المعهد العالي للموسيقا قسم الوتريات.