«جيش سورية الجديدة» مسعى تآمري جديد
مازن جبور :
تحت مسمى جديد وبهيكل خارجي جديد وفق ما ظهر مقاتلوه في فيديو الإعلان عن تشكيله خرج للعلن ما يسمى (الجيش السوري الجديد)، الذي قد يكون ذراعاً عسكرية لتشكيل سابق دعي (هيئة التحرير السورية)، ليناسب التشكيل المرحلة الحالية في إشارة إلى التحرير مما يعتبرونه «الاحتلال» الروسي إذ أبدت كل من السعودية وقطر وأنقرة استعدادها لتزويد الجسم الجديد بالسلاح والمال.
يعتبر التشكيل الجديد ثمرة لتقارب وجهات النظر التركية – الأميركية العدوانية ضد سورية على غرار جيش الفتح الذي أعلن عنه في آذار المنصرم كنتيجة للتقارب بين الرياض وأنقرة حيث بدأ اليوم بالتآكل ورشح أن المجموعات الإرهابية تنفك عنه نتيجة خلافات عقائدية وأيديولوجية وتنظيمية.
إذاً تكمن مجموعة من الدوافع خلف الإعلان عن «جيش سورية الجديد» يأتي في مقدمتها:
أولاً – حاجة أميركا إلى تشكيل جديد تغسل به ماء وجهها بعد فشلها الذريع في برنامجها السابق لتدريب «المعتدلين» إذ أبيدت أول مجموعة منهم خلال أيام من دخولها إلى الأرض السورية، كما أنه يعتبر ملاذاً لخروج المتآمرين على سورية من المأزق الذي وضعتهم فيه موسكو بطلبها قوائم بأسماء الإرهابيين وأخرى بالـ «المعتدلين»
ثانياً – أدت الضربات الروسية إلى خلل في بنية التنظيمات الإرهابية ما دفع رعاتها إلى إعادة إنتاجها بمسميات جديدة في محاولة لإلغاء الصورة السابقة سيئة السمعة، ولاسيما مع بوادر انهيار جيش الفتح مع تعليق جبهة النصرة مشاركتها فيه إلى حين حل بعض الخلافات، سبقه قرار مشابه لميليشيا جند الأقصى وبالتالي سيدفع التشكيل الجديد بالنصرة إلى زيادة التنسيق العسكري والسياسي مع باقي الفصائل، التي سيؤمن لها التشكيل الجديد الحماية من الضربات الجوية السورية الروسية وبالتالي سيعلن آباؤها الخليجيون والأتراك وأميركا اعترافهم بتلك التنظيمات.
ثالثاً – يأتي التشكيل الجديد رداً على تشكيل عسكري أحدث مؤخراً تحت مسمى «قوات سورية الديمقراطية»، بعلمها الأصفر في منتصفه خريطة لسورية كاملة، وكتابة بثلاث لغات، العربية والكردية والسريانية، بزعم محاربة «داعش» في سورية، وهو ما لن يرضي أنقرة بتاتا لما يشكله من خطر كردي عليها ستسعى لإجهاضه بكل السبل. ويبدو أن البديل التركي لتسلّم راية «الجيش الحر الجديد» كان جاهزاً، لتفلحَ أنقرة في سعيها منذ أيلول 2014 لوضع جماعة محسوبة عليها بدل جبهة ثوار سورية التي قضت عليها النصرة. ونقلت «الأخبار» حينها عن مصادر سوريّة معارضة معلومات عن «عزم الدول الداعمة على دعم مزيج من المجموعات داخل سورية، ومسلّحين خارجها تحت قيادة جامعة مُستحدثة». وعلى الخصوص «جبهة الأصالة والتنمية» التي شكلت أواخر عام 2012 على أنها «تمثل الإسلام الوسطي المعتدل». سبق هذا الإعلان تصريح يحظى بدرجة عالية من الأهمية جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم عمليات «التحالف الدولي ضد داعش»، الكولونيل ستيف وارن، الذي أعلن عن تغيّر سياسة بلاده تجاه القوات الكردية في سورية.
إذاً فالتشكيل الجديد في الواقع مشروع قديم، ويبدو أن المعطى السياسي بات مؤاتياً لتصديره في ظل التقارب التركي الأميركي الذي دفع واشنطن للأخذ بالهواجس التركية في ما يخصّ السيطرة الواسعة لأكراد سورية على جزء كبير من الشريط الحدودي بين سورية وتركيا، وبالتالي خلافاً لغيره من البيانات المشابهة، يصلح بيان تشكيل «جيش سورية الجديد» لاعتباره بداية تحوّلات «نوعية» في خريطة المجموعات المسلحة في سورية.