من دفتر الوطن

لو كنت شجاعاً!!

| عبد الفتاح العوض

إحسان عبد القدوس كتب قصة عن حانوت مكتوب عليه تاجر أخلاق بالجملة والقطاعي «المفرق»، بطل القصة يحاور صاحب الحانوت حول بضاعته الكاسدة، وفي تفاصيل كثيرة يصل البطل إلى اللحظة التي يقرر فيها تناول حبوب «للشجاعة».

الحانوتي لا يبيع حبوب النفاق: الجبن والكذب والمكر والرياء لأنها أدوية مفقودة فقد أقبل الناس عليها حتى نفدت من الأسواق لهذا بقيت الفضائل لكن لا أحد يشتريها.

المهم أن صاحبنا قرر شراء حبوب الشجاعة حيث يصبح شجاعاً لمدة عشرة أيام.

وفعلاً تناولها، لكن مع نهاية اليوم الأول وجد أنه دخل بمجموعة كبيرة من المشاكل دفع بعض أثمانها بشكل مباشر وسببت له معاناة صعبة من الناحية النفسية والجسدية، فكل موقف شجاع كان يصطدم مع أحد أو جهة وينال على ذلك جزاء إما ضرباً أو إهانة أو طرداً. يوم واحد من الشجاعة سببت له آلاماً أكثر منذ سنوات من عمره كان يظن فيها أنه شجاع.

يوم واحد فقط ومع نهايته صار يطلب من أخيه أن يذهب للحانوتي عسى أن يؤمن له حبة دواء كي يعود جباناً.

في قصة إحسان عبد القدوس الكثير من التفاصيل، لكن ما أريد أن أقدمه كسؤال افتراضي: ماذا لو أي منا تناول فعلاً حبوب الشجاعة.

سقراط تحاور مع تلامذته حول معنى الشجاعة ولم يصل إلى نتيجة فقد أنهى حواره بإعلانه «فشلنا في أن نكشف ماهية الشجاعة».

محاولات كثيرة لم تنجح لوضع الشجاعة في مكان واضح حيث لا تكون تهوراً رغم أن البعض اعتبر التهور «شجاعة يائسة»! ولا تكون جبناً أو ربما تكون حذراً!

ما الذي يمكن أن تفعله لو كنت شجاعاً؟ أو حتى ما الذي يمكن أن تقوله وتعبر فيه عن مكنونات نفسك أو شطحات خيالك لو تناولت حبوب الشجاعة؟!

ليس سهلاً على أي منا أن يجيب عن هذا السؤال «بشجاعة».. فالشجاعة في ميدان الحروب شيء، والشجاعة في الحياة اليومية شيء آخر.. الشجاعة قد تكون في مجال وقد لا تكون في آخر كل هذا يعتمد على تعريفك للشجاعة!!

لو كنت شجاعاً فهل يمكن أن تعبّر عن رأيك بالبيت أو بالأصدقاء أو بالسياسة أو بالقضايا العامة أو بالدين وبكل ما يحدث معك وحولك؟ ثم هل تستطيع أن تدفع ثمن كل ذلك؟

كل منا له إجابته والمسألة قد لا تعود لك، فالبعض يعتقد أن الشجاعة جينات وهرمونات، والبعض الآخر يراها قراراً ذاتياً يمكن تعلمها. بمعنى آخر هناك رأي يقول إن الناس يولدون شجعاناً، على حين آخرون يقولون إنها تربية وبيئة حياة تعلم الناس قول وفعل ما يريدونه وتجعل من الشجاعة أسلوب حياة أو تجعل من الجبن سبيل نجاة.

ما الذي يجعلنا أقل شجاعة؟

من الغريب أن أكثر الأشياء التي تجعلك جباناً هو خوفك على عائلتك أكثر من خوفك على نفسك… الحديث النبوي يقول «الولد مجبنة مبخلة» أي خوفك على الولد يجعلك جباناً وبخيلاً.

أياً كانت الأسباب التي تحرض على عدم الشجاعة كي لا أقول الجبن فمن الشجاعة أن تعترف أنك لست شجاعاً.

سؤال أخير خاص بالمتزوجين.. هل الخوف من الزوجات حذر أم جبن؟

أقوال:

– الجبناء يهربون من الخطر والخطر يفر من وجه الشجعان.

– عليك أن تتحلى بالشجاعة الكافية لاستخدام عقلك.

– الشجاعة بلا حذر حصان أعمى.

– يفر جبان القوم عن عرس نفسه.. ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه

– يرى الجبناء أن الجبن حزم.. وتلك خديعة الطبع اللئيم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن