ثقافة وفن

مشاهد إيحائية متكررة بغية التسويق والشهرة.. أم ضرورة درامية! … إبراهيم: أنا مع الجرأة.. المزين: أنا ضد .. ملص: من أجل «الترند».. ميخائيل: نحن بحاجتها

| عبد الهادي الدعاس

مع غياب القيم والأفكار الدرامية السابقة التي كانت المحور الرئيسي في جميع الأعمال الدرامية المقدمة للمشاهدين، حيث جسدت لفترة طويلة بوصلة ينقاد إليها المشاهدون، إلا أنها أصبحت اليوم تتلاشى شيئاً فشيئاً، مع انتشار الطرح الجريء في معظم الأعمال المقدمة، هذا الحال بدأ ينتشر مع ظهور العالم الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي التي شجعت معظم الكتاب والمخرجين والمنتجين لتقديم أعمال دون المستوى وفي أحيان كثيرة تخدش الحياء، وربما الهدف الأساسي لذلك هو البحث عن الربح والتسويق وانتشار العمل من خلال تلك المقاطع التي ما أن توجد بعمل ما حتى نرى المنصات تسابقت لعرضه.

ومع تطور وتسابق المخرجين على تقديم أعمال درامية لن تخلو أغلبيتها من الجرأة التي تعتبر جديدة على مجتمعنا، حيث اعتادت الدراما على المحافظة وعلى تقديم أعمال ذي قيمة أخلاقية عالية وكانت دراما بيتية يتابعها الجميع في الأسرة من الصغير إلى الكبير.

فهل تحولت هذه الدراما إلى سينما منزلية يجب أن نشدد وننتبه عند كل مشهد تطرحه وما الهدف الأساسي وراء تلك المشاهد هذا ما نطرحه اليوم من خلال استطلاع آراء عدة فنانين حيث عبر كل عن رأيه وتحدث عن موقفه.

شارع شيكاغو

هذه الثورة بدأت بالظهور عبر منصات التواصل الاجتماعي مع المخرج محمد عبد العزيز، بمسلسل «شارع شيكاغو» حيث حاول صناع العمل من خلاله العودة لهذا الشارع الذي يتوسط العاصمة دمشق، وهو ملتقى لمحبّي الكيف الباحثين عن المغامرة وإثبات الوجود بطرق مغايرة، حيث يتوحد الجميع فيه أمام فتنة الجمال وروحنة أجساد الساقيات الجميلات، فقد حقق هذا العمل ضجة صاخبة عبر منصات التواصل الاجتماعي من ناحية الجدل، ونسب المشاهدة العالية، والهجوم الجماهيري، والآراء النقدية حوله، لظهور المشاهد الفاضحة والألفاظ النابية فيه، ذلك كان من خلال مشهد الممثلة سلاف فواخرجي الذي جمعها مع الممثل مهيار خضور بقبلة حميمية، بالإضافة للمشهد الرومنسي الذي جمع الممثلة ريام كفارنة مع الممثل خالد شباط بعدة قبل حميمية، وكذلك مشهد تقبيل قدم الممثلة أمل عرفة من قبل الممثل مصطفى المصطفى، ما اعتبره البعض بأنه يخدش القيم الاجتماعية التي تعود عليها المشاهد في الأعمال الدرامية.

عالحد

ومنذ أيام تكرر ذلك مع انطلاقة المسلسل السوري اللبناني المشترك «عالحد» للمخرجة ليال ميلاد راجحة، حيث ظهرت الممثلة السورية سلافة معمار بأول عمل مشترك لها بمشاهد حميمية داخل الحمام وبأحضان الممثل اللبناني رودريغ سليمان منذ عرض الحلقة الأولى للعمل، بهدف لفت الأنظار وجعل العمل «تريند» عبر منصات التواصل في سبيل تحقيق الغاية التسويقية المرجوة، ما جعل عدداً كبيراً من المتابعين يعبرون عن استيائهم لهذه المشاهد والإطلالات التي باتت موجودة بشكل كبير في كل عمل جديد.

الإفطار الأخير

وكان فيلم «الإفطار الأخير» للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، قد سار أيضاً على هذا السياق، عندما أحدث ضجة واسعة عند عرضه، لما احتواه من مشاهد حميمة جمعت الفنان عبد المنعم عمايري مع الفنانة كندا حنا، وهم يتبادلان قبلة طويلة بالشفاه، ولقطات أخرى حملت مداعبات فيما بينهم، ما جعل الفيلم يحدث ضجة كبيرة عبر منصات التواصل الاجتماعي بسبب هذا المقطع المجتزأ الذي بدأ يتناقل عبر صفحات التواصل محققين من خلاله الوصول لأكبر عدد من المشاهدين، حتى وإن كان ذلك في سبيل تدهور القيم الاجتماعية.

آراء الفنانين

«الوطن» تواصلت مع مجموعة من الفنانين لأخذ رأيهم حول هذه الأفكار المنتشرة بكثرة في الآونة الأخيرة، فقد تحدث الممثل فراس إبراهيم قائلا: « نعم أنا مع الجرأة ولكن علينا أولاً أن نتفق على مفهوم الجرأة لأن هذا المفهوم انحصر في الفترة الأخيرة بالجرأة في الأزياء وطبيعة العلاقات العاطفية والجسدية، وبهذا المفهوم ليس هناك ما يمنع من الجرأة، ولكن بشرط ألا تتم بصورة مبالغ فيها تخدش حياء المتفرج المتنوع بطبيعته من ناحية أعمار الجمهور المتلقي والبيئة الاجتماعية».

وتابع إبراهيم حديثه: «أما الجرأة في طرح المواضيع فأنا معها إلى الحد الأقصى فأنا لا أرى أي ضرورة لوضع أي سقف أو خطوط حمراء في طريق طرح أفكار ومواضيع مهمة وحارّة وجدلية لأن وضع المعوقات في وجه مثل هذه الأفكار سيجعلنا نغرق في العادي والمكرر والسخيف وهذا ما لا أتمناه».

من جانبه قال الفنان عبد الفتاح المزين: «أنا ضد أي مشهد جريء في الأعمال الدرامية، وهذا ليس تعصباً بقدر ما هو احترام لمشاعر الجمهور، وأي مشهد يحمل إيحاء ضمن سياق العمل فهو غير مقبول لأن أخلاقنا ومجتمعاتنا تنافي هذه العادات التي بدأت تدخل الدراما بشكل غير صحيح وغير موظف، وهذه المشاهد لا تعطي أي قيمة فنية للعمل».

الممثلة أمية ملص بينت حول هذا الموضوع: «الدراما في تراجع وهم غير قادرين على تقديم شيء مفصلي في ظل هذا التراجع، لذلك هم الآن يبحثون عن «التريند» فقط، وعلى هذه الأنماط من الأعمال التي تحتوي على المشاهد الإيحائية».

أما الفنانة سوسن ميخائيل فأوضحت: « الجرأة ضرورية في عصر السوشال ميديا، لأن الأعمال أصبحت ليست مقتصرة فقط على التلفاز إنما على المنصات أيضا، وبوجود التنافس الكبير في الأعمال التي يتم إنتاجها في الخارج عبر المنصات العربية والأجنبية، أصبحنا محتاجين للجرأة حتى تتم مضاهاة الأعمال التي تنتج في الخارج لكوننا نشهد الكثير من الجرأة في تناول المواضيع وتنفيذها، وهي ضرورية اليوم برأيي».

كلمة أخيرة

في ختام بحثنا نقول إن أغلبية الفنانين ربما يفضلون الجرأة في الأعمال وتقديم مشهد كامل حقيقي قريب وصادق إلى الجمهور، بغض النظر عن أصدائه هي أمور تتعلق بدراستهم لمهنة التمثيل والاندماج معها كونها مهنة مقتبسة من الواقع وتعبر عنه في أماكن كثيرة هي تطرح عالمنا وتقدمه بصورة محددة.

على ذلك يجب أن تكون الأعمال مخصصة فقط لـ+18، تحكي واقعنا وتعبر عنا مع إمكانية لقائنا اليوم بهمومنا بشكل تفصيلي عبر الشاشة الصغيرة، وخاصة أن الإنترنت لم يترك شيئاً مغلقاً أو مغفلاً لأجيالنا، الفرق أن الدراما تقدم لنا أعمالاً هادفة ولو مرر الدور الجريء لخدمة تلك الأعمال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن