يفاجئنا بعض المسؤولين المتخمين دوماً بآرائهم ونظرياتهم، منهم تركوا الدنيا وركضوا خلف الدعم، وخلف الرز والسكر والزيت الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، ويطرحون من الآراء تلك التي أقل ما يقال فيها إنها مضحكة مؤلمة، وأفضل ما يقال فيها إنها إهانة لسورية وحكومتها قبل أن تكون أي شيء آخر! فهذا يتحدث، وذلك يكتشف أموراً ذات فوائد جوهرية من التقنيين، والذي يتحدث عن الدعم يتحرك بالدفع الرباعي والذاتي، ويحسب على المواطن إن كان لديه سيارة! وكأن الطبيعي أن يكون السوريون بلا سيارات، والذي يتحدث عن عظمة رجال الإسلام، وهم ما عرفوا الكهرباء يعيش متخماً بالكهرباء، وكل منهم لا يتمثل الأمثلة التي يطرحها للناس! وقديماً قال أبو الأسود الدؤلي:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
عيب كبير على المسؤول أن يوجد المسوغات للتراكم البشري أمام المخابز، وربما ألصق التهمة بالناس الذين لا يشبعون! وينسى أنهم كانوا من قبل يأكلون أكثر ولا يقفون مواقف الذلّ!
عيب ألا يجد هذا المسؤول حلولاً، وإذا ما صدر توجيه من القيادة العليا يمكن أن يوجد الحل السحري خلال دقائق أو ساعات!
يتباهى المسؤول بإنجازات ليست له، وبأخرى ليست إنجازات، وكان من قبل من أهم المنتقدين، ويريد من الناس أن تصمت وألا تتكلم، فهو لا يمكن أن يطوله نقد من بين يديه أو من خلفه!
عندما يتحدث الناس عن عدم إمكانية الكلام علاوة عن عدم فائدته، فعلى المسؤول أن يكون حزيناً لأن ما يفعله لا يعني الناس! وإذا ما تحدث الناس عليه أن يفرح، فهم على الأقل يجدون بارقة أمل لذلك تحدثوا!
لا شيء باستثناء المسلّمات المتعارف عليها الموجودة في كل دول العالم لا يخضع للنقد والتقويم، ومن حقنا أن نسأل عن التقصير، وأن نطالب المسؤول التنفيذي بأن يؤدي واجبه الذي جاء من أجله أو فليذهب، وليترك الأمر لمن هو أقدر على الفعل.
كانت الصحافة من زمن (المضحك المبكي) وحبيب كحالة لا تترك أمراً، وحتى الصحافة العربية زمن العثمانيين والفرنسيين كانت تقول وأغلقوها، أما اليوم، فالصحافة وطنية والحكم وطني، وقد سبق للجهات المسؤولة أن أنصفت الصحفي وردّت إليه حقه عندما ناله ظلم من مسؤول تنفيذي!
لا يمكن لقانون أن يمنع الصحفي من أن يشير إلى مواطن الخطأ ليقوم المسؤول بالتصحيح، وإن لزم الأمر فإنه يشير إلى الفساد والتجاوزات لتصل الشكاية إلى مرتبة أعلى من المسؤولين.
نعم سورية في حرب، وتحت ظروف قاسية، لكن هذه الظروف نقدرها، نتحملها، ولكن شريطة أن تصل آثارها إلى المسؤول، فنعرف حقاً أنه ينتظر أسطوانة الغاز، وليترات المازوت الخمسين، وأن نراه أمام المخبز، وأن يقصد الجمعية مرات عديدة من أجل مواد مقننة كنا نذهب من أجلها مرة واحدة!
إن أعمال المسؤول ليست أهم من أعمال الصحفي أو الأستاذ الجامعي أو الثانوي، اضربوا لنا مثلاً غير الكلام، وغير الجولات الفجائية المرسومة، وغير التنظير، وغير قرار ألا تقدموا ضيافة في مكاتبكم لتعطوا انطباعاً بأنكم حريصون على المال العام!
لا أدّعي معرفة نماذج تخالف المطلوب، فلست أبو العرّيف، فكل سوري يعرف النماذج، ويراها أمامه تتحرك بالسيارات الفارهة التي لا تخضع لرسالة البنزين الأسبوعية.. وليس من حقهم أن يسكتوا الناس، وخاصة بعد أن وصل الإنسان إلى مرحلة من اليأس في صلاح نسبة كبرى من هؤلاء الذين انفصلوا انفصالاً تاماً عن الواقع وعن الناس، وعن قواعد خدمة الوطن..
هي مرحلة وسنرى عودتكم للتغريد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتبدأ رحلة جديدة من نقدكم الذي مارستموه من قبل، ولكن الفرق كبير بين الحالين..