ثقافة وفن

لا مسرح من دون فكر.. والدراما السورية لها الفخر … أسامة الروماني لـ«الوطن»: محمد الماغوط قال لي: المسرح لا يكتب بوصاية!

| هلا شكنتنا

عندما يجتمع الفكر الثقافي مع الموهبة يكمن هنا الإبداع، لتخلق قامة فنية كبيرة وتصبح من أهم وأبرز المؤسسين للدراما والمسرح السوري، وعندما نتحدث عن هذه الصفات بالتأكيد يكون حديثنا عن الممثل المخضرم «أسامة الروماني» حيث بدأ حياته الفنية من خلال مسلسل «زقاق المايلة»، ثم شارك في مسرحيتي «ضيعة تشرين» و«غربة» ثم سافر إلى الكويت وهناك شارك في إنتاج مسلسل «افتح يا سمسم»، وبسبب انشغاله بحياته العملية في الخارج، ابتعد عن العمل الفني، لكن مازال اسمه محفوظاً عند المتابع، وفي أثناء حضوره حالياً في دمشق أحبت «الوطن» أن تلتقي به ليدور بينهما الحوار الخاص التالي:

• في البداية بعد غياب لسنوات طويلة عن العمل الدرامي، أخبرنا كيف ترى الدراما السورية اليوم؟

لكي أكون صريحاً وواضحاً بكلامي أنا في الفترة الماضية لم أكن مطلعاً على جميع الأعمال السورية، لكن برأيي: إن الدراما السورية لها الفخر ويكفي أنها لم تقف عن الإنتاج على الرغم من جميع الظروف التي تعرضت لها، وأريد أن أشير إلى أن الدراما السورية كانت قبل الأزمة في حالة صعود لكن بسبب الظروف تأثرت هذه الدراما، وبالتالي تراجعت وتيرة العمل الواسع، وأنا شخصياً أهنئ جميع العاملين بالدراما على استمرارهم ووقفهم بوجه الظروف والعوامل المحبطة التي أحاطت بهم، وجميعاً نتأمل بأن تكون الأيام القادمة أفضل على الصعيد الدرامي.

• نعلم بأنك مشارك في عدة أعمال منها «وثيقة شرف» والمسلسل الكوميدي «حوازيق»، برأيك كم مهمة اليوم الأعمال الاجتماعية الكوميدية؟

كتابة هذا النوع من الأعمال لا تعتبر سهلة، لأن الجمهور عندما يشاهد العمل يكون في حالة ترقب لمشاهدة شيء مضحك، وبشكل عام هناك البعض من أعمال «اللايت كوميدي» استطاعت أن تحقق هدفها، أما البعض الآخر فكانت عبارة عن مواقف كوميدية مفتعلة، أما بالنسبة لمسلسل «حوازيق» الذي أشارك به ففيه مشاهد جميلة ولطيفة وفيه نوع من الفانتازيا، لأن الكوميديا ليس من شروطها أن تكون دائماً مستوحاة من الواقع، بل من الممكن أن تكون مواقف مستوحاة من الخيال ويقوم الكاتب بإسقاط نوع من الواقع عليها.

• بما أنك سابقاً تحدثت عن وضع الدراما السورية، برأيك هل يجب على المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي أن تكثف جهدها الإنتاجي؟

بما أنها مؤسسة عامة وحاضرة على الساحة الفنية بالتأكيد سوف يكون لها دور في إنتاج الأعمال، لكن الاعتماد الأكبر فيبقى على شركات الإنتاج الخاصة التي تتمتع بقدر أكبر من الحرية ولديهم اتصالات خارجية أكثر وذلك سيساعد على تسويق الأعمال، أما بالنسبة للمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي فيبقى إنتاجها محصوراً من خلال اعتمادها على نصوص درامية تريد أن توجه من خلالها رسالة إلى المتابع، بشكل عام المؤسسات العامة والشركات الخاصة يكمل بعضها بعضاً، لكن العبء الأكبر يقع على عاتق الشركات الإنتاجية الخاصة.

• إذا أردنا الانتقال إلى المسرح السوري، نعلم جميعاً بأن هذا المسرح متعب وجميع المسرحيات التي تعرض ما إلا محاولات لإنعاشه، برأيك ما الأمر الذي يحتاجه المسرح السوري لينهض من جديد؟

دعيني أخبرك شيئاً: المسرح وفي جميع أنحاء العالم من دون دعم لا يستطيع الاستمرار، حتى الشركات الخاصة التي تقوم بإنتاج مسرحيات لن تستطيع أن تستمر إذا لم تجد الدعم المطلوب من الدولة، وأؤكد أن دعم الدولة للعمل المسرحي هو شرط أساسي لنجاح المسرح وجميع الفنون التي تعتبر من الفنون النخبوية، إضافة إلى أن المسرح مرتبط بوجود جمهور يحتاج لمشاهدة المسرح، وإذا أردنا الملاحظة نرى بأن حركة «نواس» أو بمعنى آخر هو المد والجزر حول متابعة بعض المسرحيات على حسب مواضيعها واهتمام الناس بها أو بسبب اهتمام الجمهور بأبطال المسرحية، ولكي نكون صريحين هناك مسرحيات تتابع فقط من أجل أبطالها ومسرحيات أخرى تتابع من أجل مضمونها أو من أجل أديبها، وبالمقابل نرى بأن هنالك جمهوراً يعتبر الذهاب إلى المسرح بمنزلة عادة يومية وحياتية، وبشكل مختصر نستطيع القول: يجب على الدولة أن تقدم الدعم الكافي للمسرح وتعمل على إنشاء صالات مسرحية حديثة تجعل الجو العام ممتعاً وقادراً على توصيل جميع المتطلبات والتقديمات المسرحية، وحقيقة التقنيات المسرحية تطورت كثيراً، لذلك يجب أن يكون الدعم من خلال عدة أشياء أهمها فنية وتقنية وبشرية للنهوض بالمسرح.

• يقول البعض: إن الحكومات تخشى المسرح لكونه يقدم جرعة عالية من الانتقادات، هل توافقهم الرأي؟

لا مسرح من دون فكر، وعندما يكون الفكر متحرراً قد يبدو للبعض الآخر بأنه نقد أو نوع من أنواع تسليط الضوء على قضية معينة، لكن في النتيجة المسرح متنوع ويشمل مواضيع الحياة كافة، ومنذ زمن قدمت مسرحيات جريئة وتم تقبلها لكونها فناً مهماً، ولا نستطيع أن نحول المسرح إلى منبر خطابي، لأنه بذلك سوف يفقد المسرح مهمته، لكن عندما نقدم مسرحية نستطيع من خلالها أن نتحدث عن الرأي الشخصي سواء بالحياة الشخصية أو الوطنية والاجتماعية من خلال مسرحية تحمل فناً حقيقياً أكثر من أن تحمل شعارات ولافتات خطابية، وتأكيداً على كلامي هو نجاح المسرحيات التي حملت الهم الشعبي والوطني، حيث استطاعت هذه المسرحيات أن تصل إلى الناس وتشعرهم بأنها كتبت بشكل فني، على عكس المسرحيات الأخرى التي كانت تحمل أهدافاً مهمة لكنها قدمت على شكل شعارات وخطابات وبالتالي لم تحقق النجاح المطلوب.

• بعد مرور عشر سنوات على حدوث الأزمة السورية، ما الذي يجب تقديمه على خشبة المسرح؟

لا يوجد كلمة «ماذا يجب أن يقدم» في المسرح، لأن المسرحيات يجب أن تكتب بفن، وسأخبرك شيئاً، منذ زمن قديم طلبت من الكاتب «محمد الماغوط» كتابة مسرحية لجهة معينة وحينها أتذكر بأنني قلت له أريد هذه المسرحية أن تتحدث عن موضوع معين، ليقاطعني حينها الماغوط ويقول لي بأنه لا يكتب بوصاية، ولقد ذكرت هذا المثال لكي يعلم الجميع بأن النص يكتب بفن ومن خلال وجهة نظر كاتبه فقط.

• إذاً نستطيع القول: إن الدراما أيضاً يجب أن تقدم نصوصاً فنية من خلال وجهة نظر كاتبها ولا يفرض عليها قصص معينة؟

بالتأكيد، وخلال الأزمة السورية قُدمتْ أعمالٌ درامية تحدثت عن الواقع المعيش من غير أن يكون هنالك شخص يطلب هذه النصوص، لأن الأعمال التي كتبت خلقت من رحم الأزمة ومن أهمها «ضبوا الشناتي»، وهذه النصوص التي كتبت جاءت نتيجة معايشة الأزمة لوجدان المواطن، وكل مؤلف يقوم بكتابة عمل درامي سوف يقدمه من خلال وجهة نظره التي يجب أن تكون فنية من الدرجة الأولى وتحمل رسالة تمرر من خلال الدراما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن