ثقافة وفن

أستاذ البيئة الشامية وعرّابها.. وداعاً … بسام الملا أبرز صنّاع الدراما السورية في عصرها الذهبي … مسلسلاته أخذت شهرة واسعة.. و«باب الحارة» تخطى الحدود العالمية

| وائل العدس

مخرج ذكي وبارع، يعده كثيرون واحداً من أهم المخرجين السوريين والعرب عبر كل الأزمان، وخصوصاً أن معظم الأعمال التي أخرجها أخذت شهرة واسعة، بل إن عمله الأخير «​باب الحارة​» تخطى الحدود العالمية.

إنه أستاذ دراما البيئة الشامية وعرابها ومنشئها، وقد برع فيها كونه ابن حارات الشام، إنه المخرج الكبير بسام الملا الذي فارق الحياة صباح أمس في مدينة زحلة اللبنانية، عن عمر ٦٦ عاماً بسبب معاناته مع مضاعفات أمراض السكر.

ولد المخرج الراحل الذي يعد من أبرز صنّاع الدراما السورية في عصرها الذهبي في دمشق في 13 شباط عام 1956.

وعرفت أعماله وخصوصاً تلك التي تناولت البيئة الدمشقية، بجماهيريتها الشديدة، فقد أعيد عرضها على شاشات القنوات الفضائية العربية عشرات المرات، وحققت ولا تزال تحقق نسب مشاهدة مرتفعة.

وقد تحولت أعماله المستلهمة من البيئة الشامية إلى كلاسيكيات تتبارى المحطات الفضائية على عرضها، وقد تحول «باب الحارة» الذي عرض جزؤه الأول عام 2006 إلى ظاهرة اجتماعية اجتاحت العالم العربي والمهجر، وحققت أعلى نسبة مشاهدة عربية على الإطلاق.

وترافق ذلك مع تفسيرات اجتماعية وسياسية عدة، فرأى الفلسطينيون في «باب الحارة» رمزاً للوحدة الوطنية في الوقت التي تعصف بالشارع الفلسطيني خلافات الأخوة، وفي العراق كتب أحد المحللين السياسيين، معتبراً أن «باب الحارة» يقدم صورة راقية للحكم الفيدرالي «مجلس عضاوات الحارة».

وفي كل الدول العربية ألهمت النماذج الرجولية الشبان قيم الشهامة والمروءة، ولو بشكل عاطفي وانفعالي، إلا أنها عبرت عن الحاجة للنموذج المحلي والعربي الأصيل.

وينتمي الراحل إلى عائلة فنية عريقة، فوالده الممثل أدهم الملا وأشقاؤه المخرجون مؤمن وبشار الملا والممثل مؤيد الملا، وولديه أدهم وشمس الملا شاركا كممثلين في مسلسل «باب الحارة»، علماً أنه لديه أيضاً ابنة اسمها شام.

مشواره الإخراجي

بدأ بسام الملا مشواره الإخراجي بمسلسل فريد للأطفال بعنوان «كان يا ما كان» وتدور أحداثه حول شؤون الأخلاق وحسن تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان، وهو من بطولة ​سامية الجزائري​ ونادين خوري وفاتن شاهين ورضوان عقيلي وجهاد الزغبي وبشار إسماعيل.

وفي عام 1991 قدّم مسلسل «الخشخاش»، بعد تجارب خاضها على مدار عقدٍ كامل كمساعد، ومخرج منفذ، وفي هذا العمل جمع نجوم الدراما السورية حينها، مثل ​منى واصف​ و​رفيق سبيعي​ وأيمن زيدان وسلمى المصري و​حاتم علي​ وعباس النوري​ وسلوم حداد وأيمن رضا وتولاي هارون وليلى جبر ونذير سرحان.

وفي العام نفسه، قدّم أول أعماله الشامية الخالدة بعنوان «أيام شامية» عرض من خلاله قصة حي من أحياء دمشق أواخر فترة الاحتلال العثماني وبداية عصر النهضة، وتعرض للعادات والتقاليد والعلاقات التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وهو من بطولة رفيق سبيعي وعدنان بركات وناجي جبر و​خالد تاجا​ وسامية الجزائري وهالة شوكت وسليم كلاس وحسام تحسين بيك وبسام كوسا وعباس النوري ووفاء موصللي وهدى شعراوي.

ففتح «الآغا» كما يلقبه الوسط الفني السوري باب رواج ما يعرف بـ«أعمال البيئة الشاميّة» التي أصبحت نوعاً رائجاً، ودائم الحضور على قائمة العروض الرمضانية في المحطات العربية.

وخلال عام 1997 قدم مسلسلاً تاريخياً بعنوان «العبابيد» الذي تناول قصة مملكة تدمر والتقاليد القديمة التي كانت تعيش في الضواحي والمزارع المجاورة لمدينة تدمر، في ظل حكم الملكة زنوبيا، وشارك فيها حينها رغدة ومنى واصف وعبد الرحمن آل رشي وأسعد فضة ورشيد عساف وهاني الروماني وعدنان بركات وصباح الجزائري وسلوم حداد وكاريس بشار ونضال سيجري وعابد فهد ونجاح العبد الله وزياد سعد وأدهم الملا وقمر مرتضى ومأمون الفرخ وسعد مينه وحاتم علي.

وفي عام 2000 أخرج بسام الملا عملاً شامياً شهيراً أيضاً هو «الخوالي» الذي روى قصة نصار ابن عريبي المناضل ضد الاحتلال العثماني بمشاركة بسام كوسا وسليم صبري وصباح الجزائري وهالة شوكت وأمل عرفة ونادين تحسين بيك وسليم كلاس وناجي جبر وعبد الرحمن آل رشي ونجاح حفيظ وعصام عبجي وهاني الروماني ومحمود جركس وميلاد يوسف وغزوان الصفدي وماغي بوغصن.

وبعد أربع سنوات، وتحديداً عام 2004 قدّم مسلسل «ليالي الصالحية» الذي يجسد مقولة «الدم ما بيصير مي» وهو من بطولة رفيق سبيعي ونبيلة النابلسي ومنى واصف وهالة شوكت وسامية الجزائري وسليم كلاس وبسام كوسا وعباس النوري وقيس الشيخ نجيب وكاريس بشار وحسام تحسين بيك ومحمد خير الجراح وعصام عبجي وحسام الشاه وأحمد رافع ووائل شرف ووفاء موصللي وسحر فوزي وحسن دكاك.

أما عام 2006 فشهد أشهر أعماله وأعمال الدراما السورية على الإطلاق وهو «باب الحارة»، مخرجاً ومنتجاً ومشرفاً عاماً حتى الجزء التاسع، وقد شارك في هذه الأجزاء عدد كبير من النجوم نذكر منهم مثلاً عبد الرحمن آل رشي ومنى واصف وبسام كوسا وعباس النوري وصباح الجزائري و​أدهم الملا​ وميلاد يوسف ووائل شرف ومصطفى الخاني وميلاد يوسف وقصي خولي ووفيق الزعيم ووفاء موصللي وحسن دكاك وسليم كلاس وديمة الجندي وزهير رمضان وصباح بركات وأمية ملص وهدى شعراوي وسحر فوزي وفايز قزق وعلي كريم.

واختتم الراحل مسيرته الفنية بالإشراف على سلسلة بجزأيه مسلسل «سوق الحرير» عامي ٢٠٢٠ و ٢٠٢١.

وأخرج بسام الملا العديد من برامج المنوعات الناجحة، منها «القنال 7» عام 1984 و«الليل والنجوم» عام 1984 في دمشق، و«بساط الريح» 1993 في دبي، و«داوود في هوليوود» في الكويت، و«ليل يا ليل» و«ابتسامات» 2000 في بيروت.

كما أخرج عدداً من البرامج الثقافية التراثية التي تستلهم التراث وأعلامه وفنونه عبر مشاهد درامية تمثيلية، وأنجز عدداً كبيراً منها في تسعينيات القرن العشرين خصوصاً، ومنها «بوابة التاريخ، ديوان العرب، أعلام العرب، قناديل رمضان».

الجوائز

حصدت أعمال بسام الملا الكثير من الجوائز، كالجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة عن مسلسلي «أيام شامية» و«العبابيد»، وجائزة أحسن إخراج عن الجزء الأول من مسلسل «باب الحارة» في مهرجان التلفزيون العربي بتونس عام (2007)، وسواها من الجوائز عن برامج المنوعات والبرامج الثقافية التي أخرجها.

توثيق مهم

أهم توثيق لمسيرة بسام الملا التلفزيونية منذ بداياته حتى مسلسله الأخير «باب الحارة»، نجده في كتاب «بسام الملا عاشق البيئة الدمشقية» للصحفي السوري محمد منصور، الذي صدر عن دار كنعان بدمشق عام 2008 ضمن سلسلة «الدراما التلفزيونية السورية.. تاريخ وأعلام» ويقع في حوالى 200 صفحة من القطع المتوسط.

نادين خوري: «بسام الملا من أبرز المخرجين الذين أثروا الحركة الفنية بالأعمال الشامية وغيرها الكثير، كان لي نصيب بالمشاركة معه بأكثر من عمل أبرزها مسلسل (كان يا ما كان)».

تيم حسن: «رحم الله الأستاذ الكبير بسام الملا، أعتقد أنه لا يمكن أن تكون ناطقاً بالعربية إلا وقد شاهدت على أقل تقدير مسلسلاً ما أو حلقة ما لمخرجنا السوري القدير. لم يكن صاحب نجاح اعتيادي أو نهج خاص أو بصمة وذائقة خاصة فقط إنما هو حقيقةً من كبار المخرجين العرب الذين عرفوا كيف ينقلون روح وخصوصية حياتهم وبلدهم إلى مدى أرحب، فأدخل رحمه الله المسلسل السوري إلى ذاكرة العرب ووجدانهم بقديمه وجديده من الثمانينات حتى آخر أيام نشاطه الفني».

أمل عرفة: «سيد من عمل روائع الدراما الشامية، ‏المخرج القدير بسام الملا في ذمة الله».

رشا شربتجي: «‏مخرج راقٍ، محترم، ترك في قلوب الناس كل الأثر الطيب، مؤسس مدرسة الدراما الشامية يرحل عنا اليوم، عزائي لأهله ومحبيه والوسط الفني السوري والعربي».

شكران مرتجى: «رحل آغا الشام، صاحب فضل وسبب لنجاح كبير، شكراً على كل شي ولأني بيوم اشتغلت تحت إدارتك وما حدا بينكر أثرك بالدراما السورية والعربية اختلف أو اتفق معك، ارقد بسلام في القلب والذاكرة يا آغا».

فيلدا سمور: «رحيل مؤسس مدرسة أعمال البيئة الشامية في الدراما السورية».

محمد خير الجراح: «وداعاً يا آغا.. حزن شديد ينتابني لرحيلك يا أبو أدهم.. صاحب الأثر الكبير في مسيرتي الفنية.. وداعاً».

ميسون أبو أسعد: «الله معك يا آغا، عزائي الشديد لأسرتك الكريمة وللوسط الفني السوري، رح نفتقد حضورك ولمستك، شكراً على كل شي قدمته بمسيرتك الطويلة واللي كنت أنا محظوظة أن يكون إلي فيها محطة من أهم محطاتي».

فادي صبيح: «رحل المخرج بسام الملا إحدى العلامات الفارقة بتاريخ الدراما السورية».

وائل شرف: «وداعاً يا غالي ما زال الخبر صادماً، كل الذكريات تزدحم بكل اللحظات التي عشناها معاً من ليالي الصالحية مروراً بباب الحارة بأجزائه السبعة، عمر طويل قضيناه ولحظات رائعة عشناها.. وداعاً يا أستاذ بسام الأخ والصديق والشريك كما كنت دائماً تناديني، حزنت جداً ولكن لا أقول إلا ما يرضي الله، إنّا لله وإنّا إليه راجعون».

أمانة والي: «قامة من قامات دراما البيئة الشامية، سنفتقدك جداً.. إلى حياة أوسع وإلى الخلود، الرحمة لروحك الطيبة».

تولاي هارون: «كانت الناس تلتم كلها على حتوتاتك الشامية… تنطر حلقة بحلقة لتعرف شو بدو يصير.. بقمة المتعة كنا نتابع هي الحكايات البسيطة والمعقدة بنفس الوقت، ما بعرف شو قول برحيلك غير إني تشرفت بلقائك، أنت يلي منحتني فرصة عمري بالخشخاش، ومتلي كتار يا صانع النجوم».

تامر إسحق: «خبر حزين، رحيل أستاذ وقامة من قامات سورية بامتياز».

خالد القيش: «وداعاً بسام الملا.. فقدنا اليوم أستاذاً كبيراً قدم لنا الكثير».

مهند قطيش: «صانع الحارة والفرجة.. قامة أخرى تترجل، الآغا المخرج الأستاذ بسام الملا، الرحمة لروحك».

نبال الجزائري: «رحيل عراب المسلسلات الشامية يلي جمع كل الوطن العربي على شاشة واحدة أعطت نكهة خاصة لرمضان».

هيما إسماعيل: «الله يرحم روحك يا آغا، الشام بتزعل لما بيروح حدا متلك حكا عنها بكل هاد الحب».

إياد ابو الشامات: «مخرج الأيام الأحلى.. أيام شامية، الآغا بسام الملا لترقد بسلام».

ليليا الأطرش: «وداعاً الآغا المعلم والأستاذ شيخ الكار بسام الملا».

عثمان جحى: «ستبقى نقطة علام في تاريخ الدراما.. وآغا المخرجين مهما اختلفنا أو اتفقنا».

ماغي بوغصن: «أستاذنا الغالي بسام الملا، الله يرحم روحك ويسكنك فسيح جناته، تاريخك الفني المشرف رح يبقى، آمنت فيي ولك فضل كتير كبير عليّ ببدايتي، كل الحب والذكريات الطيبة، صلواتنا لروحك».

أمية ملص: «معلمي وأستاذي ملك الإيقاع الدرامي وسيد انتشار رائحة الياسمين واللهجة السورية في العالم ويا من منح بسبور عبورنا لقلوب ملايين المشاهدين وملك الدهشة وجمال لمة العائلة أمام التلفاز وفراغ الطرقات ساعة عرض أعمالك، خسارة رحيلك موجوعة للدراما».

ريم عبد العزيز: «خبر مؤلم جداً.. خسارة كبيرة لنا وللفن السوري والعربي، المبدعون لا يرحلون».

يزن الخليل: «أستاذ الحكاية الشعبية… آغا البسطاء، الرحمة لروحك وشكراً على المتعة التي قدمتها لنا».

عباس النوري: كان لدوداً في حياته ويريد مزيداً من الحياة لإنجاز المزيد

النجم عباس النوري الذي كان شريك النجاح في مسلسلات «أيام شامية» بشخصية «محمود الفوال» و«ليالي الصالحية» بشخصية «المعلم عمر» و«باب الحارة» بشخصية «أبو عصام» كتب: «أيام الملا الشامية لا تقترب من النهايات فجأة لكنها تحافظ دوماً على مباغتتنا، خبر يباغت وهو عادي لكونه أمر الله، عادي لأنها الحياة وهذا ديدنها، ومباغت لأننا نريد للحياة خلوداً غير مستحق إلا بالعمل وبما نبقيه فيها من نتائج نتركها لمن يشهد علينا أننا خضنا تجربة الحياة ونحن نراهن على الجدارة، الآغا إلى رحمة الله، كان شريكاً حاراً لكل من حوله، يقرأ ويتمعن بما قرأ وينتظر رأي الجميع قبل رأيه، يعترف بقدرة الغير من دون خجل ويستفيد منها أيضاً بلا تحفظ تاركاً للشهود أن يكتشفوا قوة قيادته لتجميع وتكوين الرؤية النهائية.. كان لدوداً في حياته ويريد مزيداً من الحياة لإنجاز المزيد».

وختم: «بسام الملا، يكفيك أنك كنت شرارة مستحقة لكل الأعمال الشامية التي أتت بعد تجربتك الأولى «أيام شامية» عام 1992».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن