«واشنطن بوست»: فات الأوان لحل الفوضى المتشابكة في الشرق الأوسط
شكلت الاعتداءات الأخيرة في باريس التي راح ضحيتها 130 قتيلاً وأكثر من 350 جريحاً، نقطة فاصلة في التعامل مع التنظيمات الإرهابية، وتغيّر في التحالفات الدولية لمواجهة ذلك الإرهاب، إلا أن البعض شكك في أن الوقت لم يعد يسمح لمحاربة تلك الآفة.
في هذا السياق، اعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أن الهجمات التي شهدتها باريس الجمعة الماضية تمثل إعلانًا من تنظيم داعش الإرهابي بالحرب على العالم، مما يزيد من الدعوات الجديدة المطالبة بجهود عالمية مكثفة لهزيمة هذا التهديد الناشئ.
غير أن الصحيفة رأت، أن الأوان فات كثيراً لحل سريع وسهل للفوضى المتشابكة في الشرق الأوسط خلال خمس السنوات الماضية، أي منذ بداية ما سمي بـ«الربيع العربي» الذي دفع بالمنطقة إلى حالة من الاضطراب والفوضى.
وذكرت الصحيفة أن ما يشهده العالم من إرهاب إنما هو خليط من الحروب المتداخلة تسببت فيها الأجندات المتصارعة، التي تعتبر هزيمة داعش واحدة فقط من عدة أهداف سياسية متنافسة ومتناقضة.
وتابعت الصحيفة أنه «في تلك السنوات، انهارت أربع دول عربية وهى العراق وسورية وليبيا واليمن، واندلعت الحروب فيها جميعا، واصطفت القوى العالمية لدعم الأطراف المختلفة في تلك الحروب، ومنحت الفوضى هدية لإرث أسامة بن لادن، وهي الوقت والمساحة» بحسب الصحيفة.
وأضافت قائلة: إن عدم اهتمام العالم المنهك والحذر بعد إخفاقات الحرب على العراق ساعد مجموعة متنوعة من قدامى المقاتلين في تنظيم القاعدة، والمنظرين العرب التكفيريين ومتطوعين غربيين على استغلال الفراغ الناجم عن انهيار حكومات في المنطقة، وبنوا لأنفسهم ما تسميه الصحيفة بـ«دولة بروتو»، والمقصود بها أنه لا يمكن اعتبارها دولة حقيقية، إلا أنها تسيطر على أراضٍ وتجمع الضرائب ولها جيش.
وتمضي «واشنطن بوست»: أنه بالنسبة لإدارة أوباما، فإن تجنب التورط في حرب أخرى بالشرق الأوسط كان أولوية سياسية يليه التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران. ولا يوجد شك في أن الولايات المتحدة قد بدت لينة في السياسة تجاه سورية. أما تدخل روسيا، فكان هدفه الأساسي رغبة بوتين في إعادة تأكيد مكانة بلاده كقوة عالمية ودعم النظام السوري وبالتالي التركيز على استهداف المعارضة المدعومة من قبل الولايات المتحدة في الأيام الأولى لهذا التدخل. وبالنسبة للسعودية، فهي مشغولة بالتحدي الذي تمثله إيران وتوسيع طاقاتها العسكرية في محاربة الحوثيين المدعومين من طهران في اليمن، حسب الصحيفة.
من جهته قال الخبير في الحركات الإسلامية بمعهد بروكينجز شادي حميد: الآن سيكون متأخراً للغاية، وتلك ثمار عدم التحرك التي يتم حصادها، ولا نستطيع أن نتراجع عن الضرر الذي حدث خلال السنوات الأربع الماضية، والآن يجد تنظيم داعش موطئ قدم له في ليبيا وأفغانستان، مع تراجع سيطرة الدولة. ويقول بروس ريدل وهو محلل سابق بالمخابرات الأميركية: إن واشنطن تحارب القاعدة وفروعها، التي انبثق منها داعش، منذ عام 1998، وأصبحت أرض المعركة الآن أكبر بكثير من ذي قبل. بدوره أوضح بيتر هارلنج من مجموعة الأزمات الدولية، أن العالم لم يجعل هزيمة داعش أولوية له، إن الأمر أيضاً أكثر تعقيداً، والجميع يستغلون داعش.
اليوم السابع