بوابات الأسطورة.. استكشاف الهند رحلة في الحضارة … لوحة متكاملة عن الهند وغناها في صورة قلمية
| سارة سلامة
صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب جديد بعنوان «بوابات الأسطورة.. استكشاف الهند»، للدكتور طالب عمران، وذلك ضمن سلسلة «آفاق ثقافية» التي تصدرها الهيئة، ويقع الكتاب في 295 صفحة من القطع المتوسط، ويتألف من قسمين، الأول تحت عنوان أسفار الكشف، والثاني ملامح في الأدب والثقافة الهندية، حيث يتنقل الكاتب بين آغرا الشامخة بآثارها إلى تاج محل قبر ممتاز حبيبة شاه جهان مستعرضاً تفاصيلهما التاريخية ليفرد في مكان آخر حيزاً لجيبور مدينة المهرجانات والتجار والتحف والقلاع والمعابد والتطهر بمياه الغانج.
جمالية الأسطورة
وفي تقديم الكتاب يبين الدكتور عمران أنه عاش سنوات دراسته الطويلة في الهند ومن هنا يروي حكايته مع هذا البلد وتفاصيل موجودة هناك وغرائب تحدث كل يوم ويقول: «عشت هناك سنوات الدراسة الطويلة وكلما توغلت في جوها، شدني السحر إلى الأعماق، لألج إلى جمالية الأسطورة المدهشة المذهلة، عوالم قائمة بذاتها من العفوية والبساطة، تثير في مكامن النفس شجون الإنسان المكبوتة، وبحثه عن خوارق كانت شيئاً غامضاً استعصى فهمه حتى على فتوحات العلم فأرجعته إلى عفويته وبدائيته الصادقة المسالمة الوديعة.
تجولت في ولاياتها، عشت في عمق عوالمها بين الهاريجان المنبوذين والبراهمان- الطبقة العليا الموسرة. قد تتشابه المدن والقرى في الشكل لكن العمق يختلف، الكل يلتقون في سعيهم نحو سعادة مجهولة في الالتحام مع المعتقدات التي ظلت مسيطرة عليهم آلاف السنين، من دون أن تؤثر فيهم حضارة مادية فاقت في تطورها كل الحضارات السابقة.
وسط الجزيرة
وفي تفاصيل إقامته كان يزور كل مكان يوثق من خلال هذه الزيارة كل ما يدور حوله ويقول: «في معرض عجيب في دلهي في الهند، يتحدث عن القوى الخفية، أدخلني أحد معلمي اليوغا إلى غرفة مظلمة ثم بدأ يتحدث إليّ.. استرخ في مقعدك، ستنتقل بعد قليل إلى مكان آية في الجمال.
بعد دقائق، كنت أحلق فوق جزيرة في وسط المحيط كانت جزيرة تحف بهت الخضرة، وينتشر سكانها على الشواطئ، يصيدون السمك ويسبحون، وإلى الداخل كانت هناك مجموعة من الأكواخ الخشبية المصنوعة بشكل فني رفيع، يلعب حولها الأطفال. أرى بحيرة وسط الجزيرة، شكلها كحدوة حصان يجري سباق للقوارب الطويلة فيها. أدهشتني كثرة أسراب الطيور المحلقة، كنت مبهوراً وأنا أتابع ما يجري في الجزيرة حين سمعت صوتاً كأنه ينطلق من داخلي- حان الآن وقت العودة.
خرجت من الغرفة وأنا أشعر بالتعب، أشار الرجل- معلم اليوغا إلى صورة فوتوغرافية ملونة، جزيرة وسط المحيط تشبه الجزيرة التي كنت أحلق فوقها في الغرفة المظلمة، تتداخل فيها صور لأناس يشبهون أولئك الذين تابعت تفاصيل حياتهم الصغيرة عن بعد، لقد تمكن الرجل أن ينقل تلك الصورة مجسمة إلى دماغي، ولكن كيف تحركت الحياة فيها؟ هذا لم أفهمه، قال محاولاً إجابتي بطريقته، نقلت الصورة إلى دماغك، وساعدني خيالك في تحريكها».
السينما الهندية
كما لم يخف عنه التطرق إلى السينما الهندية، حيث وصفها بأنها سينما مترفة وجمهور بائس وملامح أفلام جادة بدأت في الظهور وقال: «عند الحديث عن العلاقة بين الجمهور والسينما في الهند، لا بد لنا من وقفة قصيرة، تعطينا فكرة عن هذا الجمهور الواسع العريض الذي ينتمي لبلد يقارب تعداد سكانه الآن 1400 مليون نسمة، لقد ظل التباين الطبقي يحدد العلاقة بين الناس من فئات مختلفة، وهو محور الحياة في الهند، فطبقة البراهما وهي الطبقة العليا قد لا تكون لها علاقة مباشرة بالسينما إلا من خلال أفلام الفيديو التي غزت الهند في الفترة الحالية، وكانت علاقة هذه الطبقة بالسينما تنحصر بإحضار نسخ عن الأفلام وعرضها على آلات عرض خاصة قبل ظهور الفيديو، ولكن طبقة المحاربين والحكماء التي تلي طبقة البراهما- ساهمت في تجربة الإنتاج السينمائي وأصرت على نوعية أفلام خاصة مهمتها الترفيه والتسلية، وشارك في تمثيل هذه الأفلام ممثلون ينتمون إلى هذه الطبقة «كاميتاب بتشان وعائلة كابور»، ولعل مثل هذه الأفلام تحقق إيرادات لشباك التذاكر، وتزيد من دخول منتجيها إلى حد كبير».
قارة هائلة
ولكل مدينة في الهند وفقاً للدكتور عمران سحرها الخاص، حيث يبين أن الهند قارة هائلة وبتنا عاصمة ولاية بيهار، هي صورة تتجسم فيها قصة الهند الحديثة، انطلق بنا القطار من محطة «دلهي الجديدة» إلى «بتنا» عاصمة ولاية بيهار أفقر الولايات الهندية التي تشترك بحدودها مع نيبال، ومعظم القطارات التي تمر من «بتنا» تتجه إلى كالكوتا في البنغال، كان القطار واسمه «جانتي جانتا إكسبريس»، يبدأ حركته من دلهي في السابعة مساء حتى يصل «بتنا» كان عليه أن يقطع ست عشرة ساعة متواصلة، هذا إذا لم يتأخر على عادة القطارات في الهند.
يذكر أن الدكتور طالب عمران من مواليد 1948 حاصل على دكتوراه في الهندسة التفاضلية والفلك من جامعة عليكرة الهند وهو أستاذ في كلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق وله أكثر من 115 كتاباً في مجال الدراسات العلمية وروايات وقصص الخيال العلمي.