العاصي يتلوث بالصرف الصحي ونواتج المنشآت الصناعية … مدير البيئة «للوطن»: مياه النهر مخالفة للمواصفات إلا أنها لم تصل لدرجة الخطورة والضرر الكبير على المزروعات
| حمص- نبال إبراهيم
وردت «الوطن» عدة شكاوى من العديد من المزارعين في غوطة محافظة حمص وعدد من القرى الواقعة على ضفتي نهر العاصي بريف المحافظة عن تلوث مياه نهر العاصي بشكل عام وتلوث مياه الري القادمة من بحيرة قطينة بشكل خاص وانبعاث روائح كريهة من المياه وعكورتها جراء تلوثها بمنصرفات الصرف الصحي من جهة ومنصرفات المنشآت الصناعية على ضفتي النهر من جهة أخرى، متخوفين من تلوث مزروعاتهم التي تسقى من هذه المياه والضرر التي قد يحدث فيها وإتلافها أو على الصحة العامة بشكل عام.
مدير البيئة في حمص طلال العلي بين «للوطن» أنه لرصد عوامل التلوث على مجرى النهر لا بد من البدء من منبعه في الأراضي اللبنانية حيث يوجد جزء من الجانب اللبناني يستفيد من النهر، موضحاً أنه خلال فترة الحرب كان هناك تعديات من الجانب اللبناني في المناطق الواقعة على النهر حيث كان هناك حفر جائر للآبار بشكل غير مدروس وتحويل مسارات من النهر للاستفادة من مياهه وهذا ما أدى إضافة إلى الجفاف لضعف غزارة النهر، مضيفاً: من المعروف أن النهر يقوم بتنقية ذاتية من الملوثات التي فيه عندما يكون في الوضع الطبيعي.
وأوضح العلي أن أحد مصادر التلوث على مجرى نهر العاصي هو منصرفات الصرف الصحي حيث أن كل القرى الواقعة على ضفتي النهر من المنبع حتى المصب تقوم برمي منصرفات الصرف الصحي فيها بشكل مباشر إلى النهر، مشيراً إلى أنه قبل الحرب كان هناك تنفيذ لمشاريع صرف صحي بإقامة محطات مركزية وأخرى مكانية على ضفتي النهر لمنع تلوث النهر من مصادر الصرف الصحي، وأن جزءاً من هذه المحطات تم تنفيذها لكنها تعرضت للتخريب خلال فترة الحرب وجزء آخر منها كان قد تم البدء بتنفيذه إلا أنه لم يكتمل.
وبين أن الخطة حالياً في هذا الجانب باعتماد محطات المعالجة المكانية تعالج منصرفات كل قرية على حدة قبل رميها إلى النهر بالمواصفات المطلوبة، بحيث لا يتم جمع مجموعة من القرى في محطة مركزية كبيرة لصعوبة تنفيذها في ظل ظروف الحصار حالياً، مؤكداً أن مصدر التلوث بالصرف الصحي على مجرى النهر يشكل نسبة لكن ما زالت هذه النسبة ضمن حدود المعالجة، ولاسيما أنه تم إنشاء غرف فنية في بعض القرى التي تعتبر مصادر للتلوث.
ولفت العلي إلى أن المصدر الآخر لتلوث مياه النهر وهو الأهم المنصرفات الصناعية من المنشآت الصناعية والصناعات المتوسطة الواقعة على النهر ابتداءً من معمل الأسمدة ووصولاً إلى مصفاة حمص التي تصب منصرفاتها في النهر وتؤدي إلى تلوث مياه النهر في حال لم يتم المعالجة لها، موضحاً أن معمل الأسمدة في أصل تصميمه يوجد فيه محطة معالجة لكن كفاءتها ليست بالشكل المطلوب وكان من المفترض أنه بعد استثمار المعمل من الشركة المستثمرة له أن يبدأ تحسين الوضع البيئي وخاصة أن أحد شروط العقد هو تحسين الواقع البيئي والقيام بإجراءات فنية تضمن معالجة الانبعاثات الغازية والمنصرفات السائلة الناتجة عن هذه الصناعة التي تصب في بحيرة قطينة على مجرى النهر، إلا أنه وحتى تاريخه فإن الإجراءات المتخذة مازالت قاصرة وغير كافية لمنع التلوث عن نهر العاصي وبحيرة قطينة والوسط المحيط بالشركة، وكذلك مصفاة حمص قامت بإجراءات مهمة ساهمت بتقليل نسبة التلوث على النهر إلا أن محطة المعالجة فيها قديمة وليست بالكفاءة المطلوبة.
وبين العلي أنه إذا كانت نسبة الملوثات عالية فسيكون لها أثر سلبي في المزروعات، موضحاً أن حماية المصادر المائية هو من مسؤولية الموارد المائية التي لديها مراصد على نهر العاصي من المنبع وحتى خروجه من محافظة حمص، وتقوم بمراقبة نسب التلوث بشكل دائم وبموافاتنا بالتحاليل المخبرية، مؤكداً أنه يوجد في معظم هذه التحاليل مؤشرات مخالفة للمواصفات القياسية ويتم حينها مخاطبة الجهات المسؤولة عن هذه المنشآت التي تسبب التلوث، وفي كثير من الأحيان يكون هناك تجاوب وفي بعض الأحيان الأخرى يكون التجاوب ضعيفاً، إلا أنه بالمجمل يمكن القول إن إجراءات المنشآت الصناعية ما زالت قاصرة وليست بالمستوى المطلوب.
وبين العلي أن التلوث لا يقاس بنسب لسبب أن برامترات النهر كثيرة، وهو ما يعني أنه عندما يكون هناك عامل واحد للتلوث يمكن القول حينها إن نسبة التلوث كذا، إضافة إلى أن نسب التلوث ليست ثابتة حيث إن النهر يمر بفترات تكون مياهه ضمن المواصفات وأحياناً تخرج عنها، لافتاً إلى أنه ما زال هناك بعض المخالفات وهي مقبولة نوعاً ما على الرغم من أنه لا يوجد شيء مقبول بالتلوث وأن العمل يكون بمنع التلوث بشكل نهائي لكن ليس بالإمكان حل مشكلة متراكمة عبر السنين بإجراءات سريعة، بل يتم العمل بشكل تدريجي ضمن الإمكانات المتاحة وكل جهة تحاول القيام بالإجراءات ضمن إمكانياتها على الرغم من أنها ما زالت قاصرة.
وبين أن نسب التلوث متفاوتة حسب المجرى والمناخ ومتعلقة بعوامل عدة منها الموسمية، ففي فصل الشتاء عندما يكون هناك أمطار غزيرة وذوبان للثلوج تزداد غزارة النهر وبالتالي يكون هناك تحسن كبير في مجراه ويقل التلوث وخاصة إذا كان هناك إجراءات أشد، وفي فصل الصيف يزداد التلوث لانخفاض الغزارة.
وفي ختام حديثه أكد العلي أن مياه النهر مخالفة للمواصفات حالياً في بعض المؤشرات إلا أنها لم تصل لدرجة الخطورة والضرر الكبير على المزروعات.