تغيير المدربين داء يفتك بالكرة السورية … 19 مدرباً شهدهم الدوري الممتاز ونصف الفرق لم تعرف الاستقرار
| ناصر النجار
بعد مضي 11 أسبوعاً من ذهاب الدوري الكروي الممتاز أجرت نصف الفرق تغييراً على أجهزتها الفنية فبلغ المدربون المتغيرون 19 مدرباً، وأكثر الفرق تغييراً للمدربين نادي الوحدة بواقع خمسة مدربين ثم عفرين وحطين ثلاثة مدربين وكل من الجيش والنواعير والكرامة والفتوة مدربان اثنان واحد مستقيل والآخر جديد.
هذه الظاهرة ليست بالجديدة، فكل موسم نشهد مثل هذه الظاهرة التي يتفرد بها الدوري السوري دون غيره من الدوريات العربية والعالمية لأسباب غير مفهومة أحياناً وغير منطقية أحياناً أخرى.
كيف كانت أنديتنا هذا الموسم وما الأسباب التي دعتها لتغيير مدربيها، هاكم التفاصيل..
داء الكرة
المرض المزمن الذي لا يمكن الشفاء منه هو كثرة تغيير المدربين في كرتنا سواء على صعيد المنتخبات والأندية، وهذا دليل على عدم الاستقرار الإداري والاضطراب وسوء الإدارة والعلة تكمن في الخطوة الأولى بتعيين المدرب الأول، فالخطأ يولد من هذه النقطة لأنه على الأغلب أن اختيار المدرب لا يأتي ضمن الشروط الفنية للفريق، الشرط الأول يتحدد بالسيرة الذاتية للمدرب ومدى نجاحه بالدوري في المواسم الماضية، والشرط الأهم: انسجام اللاعبين مع المدرب بالأفكار والأسلوب بحيث يكون اللاعبون قادرين على تنفيذ خطط المدرب وأسلوب لعبه.
الشرط الضروري أن تتمسك الإدارة بالمدرب وأن تدافع عنه ما دام هو خيارها ونال ثقتها.
للأسف فإن اختيار المدرب يكون حسب قدرة الإدارة المالية ومستوى العلاقة الشخصية معه، فهذا المدرب مقرّب من عضو الإدارة الفلاني، وذاك يقبل بأي شروط، وآخر مسالم لا يزعج الإدارات، وضمن هذه الشروط يتم اختيار المدرب، فإما أن تسعفه الظروف فينجح أو سيكون مصيره الفشل.
وفي الكثير من الأحيان نجد أن اللاعبين يجتمعون ضد المدرب وخصوصاً المدرب المتعالي أو الشديد في التمارين. وحدث هذا الأمر في هذا الموسم وغيره من المواسم مراراً وتكراراً.
من جهة أخرى فإن استقرار الأندية يؤدي إلى استقرار العمل الفني الذي يبني كرة القدم بالشكل الصحيح، وهذا ما تفتقده أغلب أنديتنا فالكثير من التغييرات التي تحدث في الدوري ناجمة عن ضعف الإدارات ووقوعها في مشاكل عديدة قد يكون أبرزها المشاكل الفنية.
وجرت العادة في أنديتنا بكل الدرجات والفئات ألا يبقى المدرب أكثر من عام مع استثناءات بسيطة، وإن أتم عامه الأول ونجح فإننا أمام معادلة صعبة من شقين.
أولها، تنهال العروض على المدرب من الأندية الأخرى، فيستقوي بها على ناديه ويطالب بمبالغ وشروط قد تكون تعجيزية أو فوق قدرة النادي.
ثانيها: مع التغييرات الشاملة على الفرق كل موسم فإن الأمور تصبح منقطعة بين موسمين بهذا التجديد وهنا قد لا تتلاءم التشكيلة الجديدة مع المدرب السابق فيرحل بعد أول مطب.
الفكرة في الموضوع أن الاستقرار الفني هو مصدر بناء وتطور كرة القدم، وكلما حافظنا على المدرب والفريق كلما كانت النتائج الآنية والمستقبلية أفضل.
في هذا الموسم فإن الحديث عن المدربين له أبعاد كثيرة بين الموجب والسالب ومنها، نستخلص العبر لغيره من المواسم لنصل إلى الاستقرار الفني ولنتخلص من هذا الداء المزمن.
بالدرجة الأولى فإن تعيين المدرب يرتبط بالهدف العام للفريق، فهناك فريق يدخل الدوري من باب المنافسة، وفرق تدخله من أجل الثبات، وفرق أخرى لتجنب الهبوط، وضمن هذه الأهداف يتم اختيار المدربين واللاعبين.
النموذج الإيجابي هذا الموسم كان فريق الوثبة الذي اختار عمار شمالي مدرباً، كما أعدّ فريقاً عوضاً فيه الكثير من لاعبي النادي ودعمه ببعض اللاعبين والفكرة الجيدة هنا أن الإدارة حافظت على أغلب لاعبيها وبنت عليه فكان البناء قوياً، فحقق الفريق ما يريد حتى الآن وهو يسير بخطا ثابتة نحو اللقب دون إغفال أهمية بقية المنافسين.
الفكر الصحيح هو الذي ينتهجه فريق جبلة منذ تعيين المدرب زياد شعبو، فإدارة النادي تريد الصبر على المدرب ومنحه الفرص الكاملة لتحقيق هدف الفريق إن لم يكن هذا الموسم ففي المواسم القادمة.
جبلة اليوم بعيد بعض الشيء عن المنافسة، لكنه في المركز الخامس، من الإيجابيات أن الفريق لم يخسر أي مباراة من مبارياته العشر، لكنه بالمقابل فرّط بالكثير من النقاط عبر تعادلات هي الأكثر بالدوري وبلغت سبعة تعادلات.
ورغم المطالبات من البعض بتغيير المدرب لأسباب عديدة إلا أن الإدارة بقيت محافظة عليه على سبيل الاستقرار، وسبق أن جربت (موضة) تغيير المدربين ولم تجن منها أي فائدة.
تشرين أكثر الأندية واقعية وتنظر الإدارة إلى فريقها من باب الظروف الموضوعية والضائقة المالية، لذلك تعرف إن مدربها يقدم أفضل ما لديه. وأن الفريق يعاني من نقص كبير بعد رحيل العديد من اللاعبين المحترفين إلى الأندية العربية وفريق البطولة في الموسمين الماضيين غير فريق هذا الموسم الذي ينقصه الكثير من اللاعبين، ومع ذلك فإن تشرين يعدُّ أبرز المنافسين على اللقب حتى الآن وهو بحاجة إلى التوفيق والحظ ولا يحتاج إلى تغيير المدرب، فالعلة ليست بالمدرب.
التغيير كان غير مفهوم بفريق الجيش عندما استقال أحمد عزام من تدريب الفريق بشكل مفاجئ معللاً استقالته بالظروف غير الطبيعية الموجودة في أجواء الفريق، وتحدث البعض عن هذا الشيء بوضوح لدرجة أن خسارة الفريق أمام الوثبة كانت سبباً لتطفيش المدرب، ولكن هل حقق المدرب الجديد المطلوب؟
أسباب إدارية ومالية
التغيير في فريق الوحدة كانت أسبابه إدارية بحتة وترافقت مع الوضع الإداري المتأزم للنادي الذي طال أكثر من الحد الطبيعي والذي قد يساهم بضياع أمل الفوز بلقب الدوري هذا الموسم الإدارة عينت ماهر بحري مدرباً قبل انطلاق الموسم الكروي، واختيارها جاء بناء على سمعة المدرب الذي فاز مع تشرين ببطولة الدوري مرتين، لكن البحري (هرب) في ليلة مظلمة طمعاً بعقد في لبنان، وكان اللوم على العقد الذي لم يتضمن أي شرط جزائي على المدرب، وتولى بعده المهام المدرب المساعد مازن زيتون وعندما كلف عساف خليفة بتدريب الفريق توقف الدوري، لكنه انسحب بعد أسبوعين عند إقالة الإدارة وتولي اللجنة المؤقتة شؤون النادي، فتم تكليف المدرب المساعد محمد غريبة، حتى جاءت الإدارة الجديدة التي تعاقدت مع المدرب ضرار رداوي وبالفعل قاد الفريق بمباراتي النواعير والشرطة.
لذلك يعتبر نادي الوحدة أكثر الأندية تبديلاً للمدربين بواقع خمسة مدربين في إحدى عشرة مباراة.
الجميع يعرف ظروف حطين والضائقة المالية التي يعاني منها، لذلك كانت تشكيلته على مبدأ بمن حضر من اللاعبين والمهمة الفنية التي تولاها عبد الناصر مكيس اختصرت بتثبيت أقدام الفريق بالدوري والخروج منه بأقل الخسائر، لكن مع وجود الإدارة المؤقتة ثم تغيير المدرب إلى سليم جبلاوي الذي لم يفعل أي شيء، مع ملامح ظهور الإدارة الجديدة تم تكليف المدرب أحمد هواش كثالث مدرب في حطين.
النتائج كانت سبباً في إقالة مدرب الكرامة عبد القادر الرفاعي، فإدارة نادي الكرامة كان طموحها أكبر من النتائج المحققة وخصوصاً أنها أعدت فريقاً لينافس على بطولة الدوري، الخيار الثاني كان بالمدرب أيمن الحكيم وحتى الآن لم يسعد جمهور الكرامة واكتفى بتعادلين قلصا كثيراً من مساحة التفاؤل الكرماوية.
المشاكل الإدارية والأزمات المالية كانت سبباً في النتائج السيئة والتغييرات بفريقي عفرين والنواعير عفرين بدأ بأحمد هواش ثم أنس صاري وأخيراً عبد القادر الرفاعي، أما النواعير فقد بدأ الدوري بخالد حوايني الذي حل بديلاً منه محمد خلف.
التغيير الأعمى مارسته إدارة الفتوة بردة فعل متسرعة بعد خلافها المالي مع مدربها أحمد الجلاد، فتعاقدت على وجه السرعة مع أحمد عزام وأدى ذلك إلى شق صفوف الفريق ولو تمهلت لكان خيراً لها.
الاستقالة الأخيرة كانت بفريق الاتحاد وقد استقال مدربه أنس صابوني بعد التعادل مع عفرين لكن الإدارة رفضت الاستقالة فعاد الصابوني عنها بعد يومين.
الخلاصة
الفرق التي بدلت مدربيها هي: الجيش والوحدة والكرامة والنواعير والفتوة وعفرين وحطين.
والفرق التي حافظت على مدربيها: الوثبة والشرطة وحرجلة والطليعة وجبلة وتشرين والاتحاد.
ليس كل تغيير بالمدربين يوصل إلى النتائج المطلوبة، المدرب وحده لا يتحمل مسؤولية الفشل والدليل أن المدربين الذين فشلوا مع الجيش والكرامة وعفرين وجدوا أندية تستقبلهم مباشرة، لذلك نقول: إن إدارات الأندية وحدها تتحمل مسؤولية فرقها والنتائج التي تحصل عليها لأنها من اختارت المدرب ووافقت على اللاعبين.