قضايا وآراء

بايدن الرئيس المفضل للإعلام الأميركي

| دينا دخل الله

ربما تكون شعوب العالم قد تعودت على الازدواجية التي يتعامل بها الإعلام الأميركي فيما يخص قضايا السياسة الخارجية، وقد نكون نحن في الشرق الأوسط وخاصة في العالم العربي، أكثر الشعوب دراية بالازدواجية الأميركية، لكن ما لم يكن معروفاً أو بالأحرى لم يكن واضحاً من قبل، هو ازدواجية المعايير للإعلام في قضايا الداخل الأميركي أيضاً.

ما يجعل هذه الفكرة تطفو على السطح الآن هو انفجار الرئيس الأميركي قبل أيام غضباً على صحفي من مؤسسة «فوكس» للإعلام المحسوبة على المحافظين، وشتمه على الملأ، لأن الصحفي سأله سؤالاً محرجاً حول تأثير التضخم على نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس، لم تقم الصحف والمؤسسة الإعلامية الأميركية بانتقاد الرئيس، كما كانت ستفعل لو كان دونالد ترامب رئيساً مثلاً، بل ذهبت بعض الصحف إلى تسويغ ما حدث بالتذكير كم من الرؤساء شتموا صحفيين على الملأ من قبل فصحيفة الـ«نيويورك تايمز» استذكرت حادثة للرئيس جورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني، كما عددت المرات التي شتم فيها الرئيس السابق دونالد ترامب الصحفيين، أما آخرون فأثنوا على الرئيس وقالوا إن هذا ما تستحقه شبكة «فوكس».

لكن هذه الصحف نفسها كانت تلاحق الرئيس السابق ترامب على كل كبيرة وصغيرة، فهي مازالت إلى اليوم تتابع الرئيس السابق ترامب حتى إن بعضها خصص صفحات لأخبار ترامب ومناصريه.

تناصر معظم الصحف الأميركية الديمقراطيين، إلا المحسوبة على المحافظين، فهي تجد نفسها قريبة منهم مع محاولتها الحفاظ على الموضوعية، إلا أن وصول ترامب للرئاسة وخسارة الديمقراطيين في انتخابات ٢٠١٦ جعل من الصحف الأميركية تتنازل عن موضوعيتها المزعومة وتدخل الحرب الشرسة التي دارت بين الحزبين على مدى أربع سنوات.

والآن تحاول مؤسسات الإعلام الأميركي تسويغ كل أفعال الرئيس بايدن من دون أن تكترث إذا كان هذا التسويغ سيجعلها تبدو غير موضوعية وغير شفافة.

لكن أين تكمن أهمية دعم الإعلام لبايدن في أفعاله وعدم انتقاده؟

الإعلام في الولايات المتحدة هو مؤسسات كبيرة مملوكة من المجموعات النافذة التي تؤثر في مجريات السياسة الأميركية، ولا تقتصر هذه المجموعات المالكة للإعلام على السياسيين بل هي مكونة من عدد كبير من المؤسسات كمصانع السلاح والشركات التجارية الكبرى وشركات التكنولوجيا وغيرها من المؤسسات التي تعمل على تغيير السياسات وبناء رأي عام يتناسب مع مصالحها، لعل الدور الأهم للإعلام في أميركا هو في الانتخابات وخلال المشكلات الداخلية كالاحتجاجات حول الحريات العامة كما حصل مع حركة «حياة السود مهمة» أو في فترة الكوارث الطبيعية.

ربما يكون وصول ترامب للرئاسة عام ٢٠١٦ ومحاولته تطبيق السياسة الانعزالية في الولايات المتحدة قد أضر بمصالح المجموعات المالكة للإعلام كمصانع السلاح والشركات التجارية الكبرى، لذلك على ما يبدو شارك الإعلام في تشويه صورة مرشح لمصلحة آخر ونجح في ذلك.

قد يكون واضحاً الآن لماذا يدافع الإعلام الأميركي عن رئيسه المفضل، فهو كل ما تحتاجه المجموعات المالكة، فالعالم في السنة الأولى من رئاسة بايدن أصبح أكثر فوضى كما أن حرباً جديدة قد تكون على الأبواب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن