يحذر عوزي روبن، أحد المؤسسين منذ عام 1991 لمنظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، في تحليل نشره في المجلة الإلكترونية اليهودية الأميركية «جويش سينديكيت نيوز» في 25 كانون الثاني الجاري، من الأخطار التي تمكنت قوى محور المقاومة وبخاصة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من فرضها على إسرائيل والولايات المتحدة بعد نجاح طهران في تطوير صناعات الطائرات المسيّرة وزيادة قدراتها العملياتية والاستطلاعية، بل أصبحت طهران قادرة على نقل هذا التطوير وتكنولوجياته لأطراف محور المقاومة ومنظماته المسلحة، ويعترف أن «منظومات الطائرات المسيّرة الإيرانية تحولت إلى سلاح رئيس اتسعت مهامه لتشمل جمع المعلومات والتدمير والردع، ولذلك قامت بتطوير القذائف والصواريخ المستخدمة بالمسيرات».
بالمقابل يبين روبن أنه يؤكد الاستنتاج الذي توصل إليه وزير الدفاع وأعلن عنه حين صرح قبل أسبوع أن «إيران تشكل أكبر دولة تولد الأخطار على إسرائيل بطائراتها المسيّرة، وطالب حلفاءه بالعمل على منع إيران من تغيير ميزان القوى العسكري لصالحها في المنطقة، نتيجة تكثيف اعتمادها على هذا السلاح».
تدل هذه التحذيرات والتصريحات لأهم شخصيتين عسكريتين في الكيان الإسرائيلي، على إخفاق كل الجهود والوسائل التي قامت بها القيادة العسكرية في تل أبيب لمنع إيران وحلفائها من امتلاك سلاح طائرات مسيّرة، أثبتت قدراتها على يد المقاومة اللبنانية من جنوب لبنان والفلسطينية من قطاع غزة، وفي مسرح العمليات الحربية في شبه الجزيرة العربية، ويقر روبن، وهو أحد الذين شاركوا في محاولات تطوير الصواريخ المضادة للقبة الحديدية، أن إسرائيل أصبحت تحيط بها المسيّرات والصواريخ من الشمال والجنوب، وقد يأتي وقت يتاح فيه للفلسطينيين في الضفة الغربية استخدام المسيرات.
ويرى أن استخدام المسيّرات الطائرة سيصبح قريباً أهم الأسلحة التي ستواجهها إسرائيل، لأن الأطراف التي تعتمد عليها تدرك أنها لا تكلف ثمناً يذكر، في حين ستكلف بطاريات الصواريخ التي ستتصدى بصواريخها المضادة للمسيّرات أثماناً خيالية بالمقارنة مع تكلفة هذه المسيّرات وما يمكن أن تسببه من تدمير.
يستذكر روبن أن سلاح الجو الإسرائيلي كان في الماضي يهيمن على أجواء واسعة بعدد لا يتجاوز مئتين من الطائرات الحربية ويسهل عليه ضرب الأهداف، لكن المسيّرات عند أطراف محور المقاومة قد يصبح عددها بالآلاف عند منظمات مسلحة وقد يصل عددها بالمستقبل إلى عشرات الآلاف عند الدول المجاورة.
ويشير روبن إلى خطورة المدى الذي يمكن أن تصله الطائرة المسيّرة الذي قد يبلغ 1500 كلم، وهذا ما يضع إسرائيل أمام خطر توجيه مسيّرات من منظمة أنصار اللـه في اليمن، وإضافة إلى ذلك يقارن بعض الخبراء العسكريين بين قيمة ما يدمره صاروخ إسرائيلي يستهدف مكاناً في اليمن وقيمة ما تدمره طائرة يمنية مسيّرة في أي مكان مكتظ بالأبنية وبالسكان فيها، وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قد شدد في تحذيره الأخير على أن إيران نفسها تستطيع إطلاق مسيّرات تصل إلى إسرائيل، وفي هذه الحال ما بالك بما يمكن أن تفعله مسيّرات اليمن وحزب اللـه وسورية وقطاع غزة؟!
بالمقابل يعتقد المحللون العسكريون في تل أبيب، أن حروب الماضي التي كان جيش الاحتلال يشنها بعيداً عن الحدود الإسرائيلية، لن يكون لها جدوى حين تعجز مضاداته عن إيقاف سقوط آلاف القذائف من مئات المسيّرات القادمة من اتجاهات بعيدة.
ربما يمكن الاستنتاج بأن تطور الحروب المقبلة والتأكيد على قيمة الطائرات المسيّرة في ساحاتها، يضع الكيان الإسرائيلي أمام حسابات لم يتصور وجودها، بعد أن أثبتت المقاومة اللبنانية قدرتها على هزيمته وإجباره على الانسحاب للمرة الثانية من لبنان عام 2006، وزادت قدراتها أكثر فأكثر طوال ستة عشر عاماً، وأصبحت المقاومة الفلسطينية بصواريخها ومسيراتها في قطاع غزة تشكل معضلة لجيش الاحتلال طوال خمس عشرة سنة.
لذلك بدأت نسبة من المستوطنين لا تتردد بالقول إن ظروف حرب عام 1948 أعادت نفسها هذه المرة بشكل مفزع، لم يتوقعوا ما تثيره من خوف لهم وانعدام لمستقبل آمن لوجودهم فوق الأراضي المغتصبة بعد أكثر من سبعين عاماً.