المؤسسة مملوءة بالمحسوبيات.. وأنا خارج حساباتهم … المهند كلثوم لـ «الوطن»: وجودي بالمهرجانات الدولية سببه الجهد الشخصي
| عبد الهادي الدعاس
عشقه منذُ الصغر لواحد من أهم الفنون في العالم، دفعهُ ليرهن أيام وساعات شبابه بالبحث والغوص في أعماق الفن السابع، متوجهاً لأكاديمية خاركوف الأوكرانية لصقل موهبته وإغنائها.
بناء الأجيال الشغوفة لفن السينما كان هدفاً لا يمكن أن يتنازل عنهُ، برصيده موسوعة كبيرة من الأفلام السينمائية والوثائقية الحاصلة على جوائز بالمهرجانات العربية والدولية، إنه المخرج السينمائي المهند كلثوم التقته «الوطن» للاطلاع على واقع السينما السورية، واكتشاف المشاكل التي كانت سبباً في صراحته الدائمة، وغيرها الكثير.
• في البداية… تمتلك مسيرة طويلة بالمجال السينمائي، وللآن لا يوجد فيلم روائي طويل برصيدك؟
المؤسسة العامة للسينما فقط من تنتج الأفلام، وعدد المخرجين السينمائيين الأكاديميين الذين انتقلوا من مجال الإخراج الدرامي للسينمائي أصبح كثيراً، ولم يعد بمقدور المؤسسة استيعاب هذا الكم، والمحسوبيات والأولويات في المؤسسة كانت ولا تزال موجودة، فأنا خارج حساباتهم على صعيد الأفلام الروائية الطويلة ربما.
لا أنكر وجود العديد من الأفلام القصيرة في رصيدي في إنتاج المؤسسة، حققت من خلالها ما أطمح إليه وحصدت جوائز عديدة بالمهرجانات العربية، وجمهورنا السوري للأسف لا يطلق على الشخص صفة المخرج السينمائي، إذا كان رصيده خالياً من الأفلام الروائية الطويلة.
• لماذا لم تتوجه للشركات الخاصة بذلك؟
رأس المال «جبان»، ويعطي اهتماماً أكبر للإنتاج الدرامي، لأن المشاهد السوري يولي اهتماماً أكبر للدراما التلفزيونية، بعيداً عن الأفلام السينمائية.
• بعيداً عن الدبلوماسية، العلاقات التي تملكها في هذا المجال، هي من تجعلك حاضراً في المهرجانات؟
جودة المنتج السينمائي هي التي ترشح الأفلام للحضور، وإمكانية حضور الفيلم السينمائي القصير بالمهرجانات الدولية والعربية والإقليمية طاغية على الفيلم الروائي الطويل، بسبب كثرة المهرجانات السينمائية القصيرة وبعدها عن الخط السياسي، ووجودي الدائم سببه الجهد الشخصي بالتواصل مع إدارة المهرجانات وتقديم المحتوى، وإذا أردت تقييم الحضور فهو 90 بالمئة كان جهداً شخصياً و5 بالمئة علاقات.
كما أن المهرجانات الدولية للفيلم القصير هي المنصة الوحيدة لعرض الأفلام التي نقوم بصنعها، ففي سورية يحصل الفيلم الطويل على الاحتفالات والعروض الخاصة الجماهيرية في مختلف المحافظات ويقدم الدعم الكامل لهُ، على غرار الفيلم القصير الذي لا يعطى حقه بذلك.
• مشروع «يلا سينما» استهدفت به تدريب أجيال من مدرسة أبناء وبنات الشهداء، لم يستكمل النجاحات التي حققها منذ انطلاقته، لماذا؟
حقق نجاحات كبيرة منذ انطلاقته بالعام 2018، لكن جائحة كورونا بالعام 2020 كانت السبب بالحد من الاستمرارية به، ومشروع «يلا سينما» لا يعتمد على المزاجية وهو مشروع متكامل ويقدم له الدعم الكامل فنياً وتعليمياً ولوجستياً، وهذا العام سيستكمل نجاحاته وسيقوم بتخريج الدفعة الثالثة من طلابه.
• منذ فترة وأنت غائب عن التعاون مع المؤسسة العامة للسينما، ما السبب؟
ليس غياباً بالمعنى العام ولا يفترض الوجود الدائم، عدم حضوري سببه النص المناسب أولاً، وثانياً لأنه بعد مسيرة طويلة بمجال الأفلام القصيرة أصبحت أكثر حذراً باختياراتي، وأصبح من المفترض أن أحقق خطوة على صعيد الفيلم الروائي الطويل.
• صراحتك ومهاجمتك الدائمة للأشخاص، ألا يسببان لك بعض المشاكل، أو تبحث من خلال ذلك عن «التريند»؟
ليست مهاجمة إنما صراحة، فأنا شخص صريح لا أسكت عن حقي، وهذا يسبب المشاكل لي، فقط حرمت من العمل والظهور بوزارة الإعلام والوسائل الإعلامية الرسمية لمدة أربع سنوات بسبب وزير الإعلام الأسبق، وهذا الشيء لم يزعجني لأني شخص لا يتنازل عن حقه مهما كان الثمن، ولم أبحث عن «التريند» إنما أسعى وراء حقي فقط.
• لماذا لم تتوجه للإخراج التلفزيوني، كما العديد من زملائك المخرجين؟
كنت أرغب بداية في تقديم عمل سينمائي طويل ومن ثم التوجه للإخراج الدرامي، لكن هذا العام سيتحقق المشروعان من خلال تحضيري لفيلم روائي طويل إنتاج المؤسسة العامة للسينما، سأسعى من خلاله للخروج من النمط التقليدي، وسأتناول فيه الوضع الاجتماعي في سورية بفسحة مملوءة بالأمل والتفاؤل وتحديداً محافظة حمص، كما يتم التحضير لعملين من نمط العشاريات الأول سيحمل الطابع الكوميدي الاجتماعي، والآخر البوليسي التشويقي وسيتم الإفصاح عنهما عندما يتم الانتهاء من تحضيرهما بالشكل الكامل.
• هل هناك تخوف من دخولك مجال الإخراج الدرامي؟
من جعلني أتأخر عن اتخاذ هذه الخطوة هو التخوف من تقديم شيء لا يرضي ذائقة الجمهور، والعملان القادمان سأتجنب فيهما المشاهد الإيحائية إلا إذا كانت تخدم الضرورة الدرامية، وبحال وجودها سأعمل على مراعاة نظرة المشاهد.
• أطلقت مشروع «يلا سينما» و«سينما الطفل»، على ماذا كنت تعول فيهما؟
هذان مشروعان تنمويان، تدريبيان، تدريسيان، أسعى من خلالهما للتعويل على بناء طفل مثقف ومهيأ وقادر على خوض غمار هذا الفن المهم، لأن الحرب كان لها أثر كبير على الأطفال، واليوم عندما تبحث عن مثل هذه المشاريع تراها موجهة فقط لليافعين والكبار، ونادراً ما تستهدف الطفل، ونحنُ لو تهيأنا منذُ الصغر على عشق فن السينما لما حاولنا المغادرة خارج القطر بحثاً عن الفرص التدريبية، وعندما نتحدث عن مشروع يستهدف الطفل يجب أن يكون هناك سعي أكبر لتحقيق التعاون المشترك بين وزارة الثقافة والتربية والإعلام.
• تضع مؤخراً مجموعة من الصور تجمعك مع زملائك الفنانين عبر صفحاتك الخاصة على السوشال ميديا، هل هي تحضير لشيء ما سيتم إطلاقه قريباً؟
هناك تحضيرات ونقاشات عديدة مع الأصدقاء مثل الفنان جهاد سعد وعامر علي وشادي أسود حول الأعمال التي تحضر لهذا العام، وأقوم بفتح باب النقاشات معهم دائماً لأن أي عمل يجب أن يحتوي نقاشات وآراء من أجل تقديمه بالشكل الأصح ما يتناسب مع ذائقة المشاهد.
• ما سر العلاقة التي تجمعك مع الفنان جهاد سعد؟
لأنه فنان جميل ومبدع ووفيٌّ بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ويقوم بالاطمئنان عن أصدقائه بشكل دائم، هو فنان يعبر عن النمط السوري المبدع والمثقف.
• لماذا لم تتوجه لصناعة أعمال سينمائية تجارية؟
عندما أتلقى دعوة من شركة إنتاج خاصة لن أتردد وسأقدم عملاً سينمائياً تجارياً، لأنه لا نستطيع دائماً تقديم أعمال مرتبطة بالقطاع العام وسينما المثقف والنخبة، نحنُ اليوم نفتقد الأعمال السينمائية التي تتحدث عن العائلة الاجتماعية والعديد من المواضيع الأخرى، ولكن شركات الإنتاج غائبة وإن لم تستفق فستبقى الحال هكذا.
• ما رأيك بدبلوم العلوم السينمائية الذي تقوم بتقديمه المؤسسة العامة للسينما؟
فسحة سينمائية جميلة لصقل مواهب الشباب غير القادرين على دخول المعاهد الأكاديمية، وأي منظومة تعليمية ضمن مؤسسة تعنى بهذا الفن تبقى أفضل من دورات القطاع الخاص، وعلى الرغم من أنها غير كافية إنما تعطي للطالب معلومات ومفاتيح وعلوم هذا الفن.
• متى ستصبح السينما السورية منافسة للسينما المصرية؟
أولاً عندما يتم اعتمادها كمشروع صناعي وليس مجرد إنتاجي فحسب، وثانياً حين يدخل القطاع الخاص بعملية صنع الأفلام السينمائية ويصبح هناك منافسة بين الشركات مع تقديم التسهيلات لهم، وثالثاً عندما يصبح هناك صالات عرض مهمة وعديدة في مختلف المحافظات السورية، وهذا لن يتحقق إلا عند ما توجد الجدية «الغائبة».