سورية

بهدف تنشئة جيل عقائدي يحمل أفكار التنظيم وينفذ رغباته … مدارس «النصرة» الدينية تطغى على التعليم في إدلب والأهالي متخوفون

| وكالات

وسط الأوضاع المتردية لـ«المدارس» التي تديرها ما تسمى «الحكومة المؤقتة» التابعة لـ«الائتلاف» المعارض في إدلب، وانتشار المدارس الخاصة بشكل غير مسبوق، والسير نحو احتكار التعليم لأبناء ميسوري الحال، يتنامى نفوذ «المدارس الدينية» التي يمولها تنظيم «جبهة النصرة» المدرج على اللوائح الدولية للتنظيمات الإرهابية.
ويتعاظم نفوذ «المدارس الدينية»، والتي تمتلك مناهج خاصة فيها، تطبعها وتشرف عليها وتراقبها ما تسمى «هيئة تحرير الشام» التي يتخذ منها تنظيم «النصرة» واجهة له، وتستهدف في الدرجة الأولى أبناء مسلحي التنظيم والأيتام، وما يترتب على ذلك من استهداف لتلك الشريحة من الأطفال التي يسهل أدلجتها وتنشئتها وفق فكر معين، وذلك وفق ما ذكرت مواقع الكترونية معارضة.
أولى «المدارس الدينية» وأكبرها في إدلب هي مدارس «دار الوحي الشريف» التي تتخذ من عبارة «نحو جيل قرآني فريد» شعاراً لها.
وفي حين تتلقى «المدارس الدينية» دعماً ملحوظاً من الضرائب التي يفرضها تنظيم «النصرة»، يعاني القطاع الذي تديره «الحكومة المؤقتة» من تدهور حاد لغياب الدعم عن معظم المدارس، حيث تتفاقم ظاهرة إضراب المعلمين الذين عملوا بشكل تطوعي سنوات، ويتزامن ذلك مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتردي الواقع الاقتصادي.
وأسست «دار الوحي الشريف» للمدارس القرآنية أواخر عام 2017 في مدينة إدلب، وأخذت بالتوسع في عموم مناطق سيطرة «النصرة» حتى بات عددها اليوم 42 مدرسة.
وتعتمد هذه «المدارس» على أساس الفصل بين الجنسين، ففي كل مدينة أو بلدة هناك مدارس للطلاب للذكور وأخرى للإناث، كما يُفصل في تلك المدارس بين المعلمين، فيحظر أن يدرس معلم في مدارس الإناث أو أن تدرس معلمة في مدارس الذكور.
ويبلغ عدد طلاب «الدار» قرابة 14 ألف طالب وطالبة، حسبما نقلت المواقع عن مدير العلاقات العامة لـ«الدار» المدعو عمر سويدان الذي يتبع لـ«النصرة»، وشغل عدة مناصب تتعلق بالحلقات القرآنية والدورات الشرعية منذ نشوء تنظيم «النصرة» وحتى الآن، والذي أفاد بأن من بين أهدافهم «بناء أجيال مؤهلة علمياً وتربوياً تنهض بالمجتمع»، وهو ما يبدو أنه الهدف الأبرز للدار تنشئة جيل عقائدي يحمل أفكار تنظيم «النصرة»، وينفذ رغباته.
فضلاً عن سويدان يشغل المدعو «أبو أحمد الشاوي» وهو أحد قيادات الصف الثالث في «تحرير الشام»، منصب رئيس مجلس الإدارة لـ«الدار» ويكنى بـ«الشيخ».
كما يشغل المتزعم السابق لميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» عام 2014، ومتزعم «تحرير الشام» عام 2017 المدعو هاشم الشيخ الملقب بـ«أبو جابر» منصب عضو في مجلس الإدارة لـ«الدار».
وتعتمد «مدارس الوحي الشريف» مناهج خاصة بها تشرف «تحرير الشام» على إعدادها وطباعتها وتوزيعها، ولا تتدخل «الحكومة المؤقتة» في إدلب بالمدارس التابعة لـ«الدار».
لا حصص للموسيقا في «الدار»، وهناك حظر لحصص الرسم، في حين تم تحويل اسم حصة الرياضة إلى حصة «الإعداد البدني» ما ينقل الطلاب من أجواء المرح واللهو إلى أجواء شبيهة بالدورات التي تقام في معسكرات تدريب التنظيمات الإرهابية.
هناك الكثير من النقاط التي تمنح التفوق للمدارس التابعة لـ«الدار» على حساب المدارس التابعة لـ«الحكومة المؤقتة» وأولى تلك المزايا هي توفير خدمة نقل الطلاب من منازلهم إلى المدارس وبالعكس عبر حافلات خاصة تابعة للمدارس، والتدفئة التي ينعم بها الأطفال في الغرف الصفية، وكذلك منح الطلاب زياً موحداً للذكور وآخر للإناث ومجاناً، إضافة إلى مجانية التعليم، عدا الدعم السخي الذي لا يقدم للطلاب فقط، فالمعلمون أيضاً يحظون برواتب أفضل من رواتب المعلمين في مدارس «الحكومة المؤقتة» حيث يصل راتب المعلم الواحد في مدارس «الدار» إلى 150 دولاراً أميركياً شهرياً وعلى مدار العام، وحصول المعلمين على ملابس مجانية ومساعدات غذائية ومكافآت ومحفزات أخرى.
ومصادر تمويل «الدار» تنحصر في «تحرير الشام» ووارداتها غير المنقطعة، حيث يفرض معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا رسماً على البضائع المستوردة قيمته 10 دولارات أميركية تحت بند يحمل اسم «رسم تربية وتعليم»، وتذهب هذه الرسوم المقتطعة على جميع البضائع إلى خزينة «الدار»، إضافة إلى رسوم تعليم تفرض على البضائع من معابر أخرى مع مناطق ريف حلب الشمالي، ورسوم تقتطع عند إجراء العديد من المعاملات في الدوائر التابعة لما تسمى «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«النصرة».
وقالت المواقع: إن «المدارس القرآنية» بما تحمله من مزايا وخدمات ترغيبية، تأتي وسط حالة الفقر التي يعاني منها معظم سكان إدلب كخيار يُقدم عليه بعض الأهالي مكرهين، وسط الصراع بين دفع المال مقابل الحصول على تعليم جيد، أو الغوص في الجهل وابتعاد أطفالهم عن مقاعد الدراسة.
وأعرب عدد من الأهالي وفق المواقع عن تخوفهم من تنشئة جيل كامل مؤدلج لا يعرف إلا تنفيذ ما يؤمر به من متزعمي «تحرير الشام» التي يبدو أنها تعمل جادة على الإمساك بجميع مفاصل الإدارة والسلطة في إدلب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن