من دفتر الوطن

رهانات الحياة

| عصام داري

نسحب من بنك أعمارنا سنوات نصرفها بما لا يفيد أحداً، وفي الوقت نفسه لا ينفعنا، وفجأة نتوقف في نهاية الطريق، ربما المشوار لنحصر الخسائر الفادحة التي راكمناها ونحن بكامل قوانا العقلية، لكن عقولنا حينها كانت مسلوبة ومصادرة من ناس، أو جهات قادرة على الهيمنة علينا.

اليوم لم يبق الكثير من الرصيد في بنك أعمارنا ونحاول الاقتصاد في الصرف والإنفاق غير الضروري وغير المسوغ، لكن إرادة أكبر منا تجعلنا نصرف ما تبقى لنا لاستباق الزمن وسرقة ساعة فرح لم نجدها في مسيرة حياتنا، ونخشى أن تكون البنوك مغلقة والأرصدة آيلة للسقوط!

يبدو أن ما تبقى لنا مجرد حلم عابر، ولاشيء أجمل من حلم يولد من رحم حلم آخر بعد مخاض عسير مع الكوابيس وموجات التشاؤم التي كادت توصلنا إلى حافة اليأس والكآبة والإفلاس الفكري والمادي، لكن أحلامنا تنقذنا في آخر المطاف وتحملنا إلى شاطئ التفاؤل وبر الفرح الدائم الخضرة، أو هكذا نظن!

هكذا الأيام رهانات وأحلام وكوابيس، أمل ويأس، فرح وحزن، ولولا الحزن لما عرفنا معنى السعادة والفرح، ولا نعرف الحلاوة إن لم نتذوق المرارة، هكذا هي الحياة، فنحن في النهاية لا نملك سوى الكلمة.

الكلمة سلاح يجرح وترياق يداوي، هي درب إلى قلوب الناس، وسهام مسمومة توجه للصدور والظهور ولنا حرية الاختيار.

بالكلمة تبدأ قصة حب، وتبدأ حرب، والإنسان في كلتا الحالتين هو نفسه الذي يستخدم الكلمة ويوجهها نحو الخير أو الشر ويصنع الحب أو يخوض الحروب، ومعروف أن النفس البشرية تتكون من الخير والشر معاً، لكن الاختلاف يكون بالنسبة، لمصلحة من تميل كفة الميزان، نحو حب وخير وعدالة وسلام وإشراق، أم نحو حقد وبغضاء وشر وظلم وحرب.

تلك هي المشكلة يا شكسبير، أن نكون أو لا نكون، إما في صف الخير والمحبة، أو في جبهة الحروب والكراهية: نحن الذين نختار.

لكن الظلم يقع علينا دائماً، عندما يفرضون الحروب ويؤججون الكراهية والبغضاء، نظلم مرتين: مرة لأننا نتعرض لهجومهم الكاسح، ومرة لأننا خسرنا رهاناً في معركة طويلة عنوانها الخير، لكننا لم نخسر المعركة دفاعاً عن القيم والمثل النبيلة وعن الحب.

رهاننا كان وسيبقى على الحب والتفاؤل خارج حسابات المكسب والخسارة، الرهانات الرابحة، والحب المتجدد.

من السهل أن نسطر الصفحات عن التفاؤل والأمل والفرح والحب، لكن الصعوبة في التطبيق على أرض الواقع.

لكن السؤال الكبير هو:كيف نجعل رهاناتنا في متناول أيدينا، فصنع الغد يعتمد على قدرتنا على التخطيط السليم، والنجاح مؤكد!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن