الرئيس حافظ الأسد كان سبباً في عودتي إلى سورية … موفق بهجت لـ«الوطن»: الدكتور بشار الأسد حارب الكون كله حفاظاً على وحدة سورية … أحضّر لعمل فني استعراضي إهداء إلى سورية بمناسبة انتصارها بعنوان «عرس الياسمين»
| وائل العدس
يعتبر نفسه سعيداً بأنه واكب زمن العمالقة أمثال عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، رغم أنه تميز عنهم بأنه كان صاحب لون مختلف يختار الكلمات اللطيفة التي أحبها الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج..
موفق بهجت مطرب ذاع صيته في الفترة الذهبية للأغنية السورية، دون أن ننسى الكلمات الجميلة واللحن الرشيق والأداء المتميز للفنان الكبير الذي تميز بأدائه الاستعراضي المعبّر.
إنه الصوت الرجولي الذي استطاع بصوته القوي الصافي وأدائه الفني نقل تراث وبيئة بلاده إلى العالم وجعل الأغنية السورية مألوفة لدى المستمع العربي، فصدحت حنجرته بتلك الأغنيات التي خالطت الدم والروح وألهبت المشاعر الوطنية والعاطفية.
في الحلقتين الماضيتين، تطرق النجم القدير موفق بهجت إلى مراحل تألقه في حياته الفنية بدءاً من دمشق ومروراً بلبنان والأردن وانتهاء بمصر والجزائر، إضافة إلى العديد من الحكايات والأسرار وقصة ابتعاده عن الأضواء بعدما حقق نجاحات كثيرة في كل الأزمان والأمكنة.
اليوم نختم سلسلة «حديث الذكريات» بأسئلة متنوعة يروي فيها مقتطفات من حياته وشخصيات كان لها الأثر الجميل في حياته وإلى التفاصيل:
• لنبدأ من الفنان القدير حسام تحسين بيك، الذي ذكرت لي سابقاً أن ذكريات جميلة تجمعك به، فأخبرنا عنها.
كان صديقي المقرب وتعرفت عليه عندما كان عضواً في أحد الفرق المسرحية، وهو نجم كبير ورائع، وله أثر كبير في حياتي أخلاقاً وسمعة وحباً.
في أحد الأيام كنت أحضر عرضاً مسرحياً استعراضياً وكان يؤدي أغنية لفتتني كلماتها وألحانها فسألته عنه وأخبروني أنه عضو في فرقة الدبكة.
احتضنت الأغنية وانتقلت إلى بيروت وصنعت لها إخراجاً موسيقياً جديداً ومونتاجاً مغايراً وعدلت عليها فأضفت وحذفت، هذه الأغنية هي «جايتني مخباية» التي كانت كالحصان الرابح الذي امتطاه أغلب المطربين على الساحة الفنية في سورية، وهي بكل تأكيد لحسام تحسين بيك.
حسام أكثر من أخ، وقدّمت له ثلاث أغنيات هي «أنا خاف ياربي» و«يسامحكم ربي» و«ما علينا».
المحزن أن أغلب الفنانين مقصرون في حقنا، فيؤدون أغانينا من دون أن يذكرونا بالخير، لأن أدب التعامل الفني مفقود في سورية.
• ما سر حفاظك على اللون الغنائي السوري؟
الفن رسالة، وأنا عاهدتُ نفسي بأن تكون هويتي سوريّة، وعملت مع المبدعين السوريين لأصل إلى مكان أحمل علمي ولوني السوري الغنائي المميز ونجحت.
من هؤلاء المبدعين سمير مجدي ومصطفى البدوي وخلدون المالح ونذير عقيل ومحمد محسن وعبد الفتاح سكر وشاكر بريخان وحسام تحسين بيك وسعيد قطب وزهير عيساوي وفوزي المغربي وعمر الحلبي وجورج عشي، وكلهم مبدعون رحلوا وأنا سأرحل يوماً، إنها سنّة الحياة والكون.
• ما قصة جامع بعيرة في ساحة السبع بحرات؟
هذا الجامع بناه جدي أبو راشد في آذار عام 1938 احتفاء بقدومي إلى الحياة، خاصة أنني كنت أول صبي من الأحفاد.
• أنت من مواليد 1938، ورغم ذلك مازلت تحافظ على حيويتك؟ فما السر؟
أنا إنسان طبيعي أمارس حياتي بطريقة اعتيادية، ولا أمارس طقوساً معينة ولا أعتمد نظاماً غذائياً، بل جيناتي قوية، وزد على ذلك أنني متفائل ومبتسم دائماً ولا أحتفظ بضغينة في قلبي، وكنتُ فترة الشباب رياضياً من الطراز الأول.
• متى آخر مرة ضحكت من قلبك ومتى بكيت؟
أنا مبتسم دائماً، وما بين الابتسامة والدمعة خيط رفيع، آخر مرة بكيت لحادثتين، أولاها وفاة أمي وثانيتهما وفاة زوجتي «أم حسام».
أنا بطبعي شخصية مرحة تحب الحياة، لكن الضحكة لا تخرج الآن إلا بجمعة مع أعز الأصدقاء، وخاصة أنه لا وقت للأفراح في وقتنا في ظل الظروف التي نعيشها.
• لو عاد بك الزمن للوراء، هل تعيد الحياة نفسها التي عشتها؟
أعتقد أن القدر تدخل في حياتي، لكنني لا أتمنى أن تعاد الأيام، لأني اكتسبت الكثير من رضا اللـه والوالدين وحب الناس، هذا الأمر لا يتكرر، لذلك لا أريد أن يعود الزمان بي إلى الوراء لأنني راضٍ عن نفسي.
• هل حققت كل أهدافك بالحياة؟
ما كل ما يتمناه المرء يدركه، لكن تصميمي وجهدي وتخطيطي واحترام ذاتي وحبي وإخلاصي للناس ساعدني على تحقيق كل النجاحات والأهداف.
• هل كان لنزار قباني أثر في حياتك؟
نعم جداً، ومحمد الماغوط أيضاً، لكن أثر نزار أكبر على اعتبار أنه شاعر معاصر، وكان له وللأستاذ صباح قباني فضل في تبني التلفزيون لي في سورية ولبنان.
• حدثنا عن فنانين كان لهم الأثر في حياتك غير الذي ذكرناهم سابقاً.
الملحن سعيد قطب قدم لي العديد من الأغنيات وخاصة الوطنية منها في مرحلة بناء سورية الحديثة منها أغنية «سلامي عليكم كيفكم».
وأيضاً الشاعر فوزي المغربي الذي تعاون معي بأغنيتين، منها «رمانك يا حبيبي».
وهناك الملحن زهير عيساوي الذي تعاونت معه في أغنية حققت نجاحاً كبيراً هي «أصبح علينا الصبح يا زينة».
أما الملحن محمد محسن فكان له فضل عليّ في لبنان عندما أعطاني أغنية من كلمات ميشيل طعمة هي «يسلمولي عيونهن».
وفي مصر الملحن محمد ضياء الدين الذي قدم لي أغنية «مجنون بحبك يا جارة» في فيلم «السلم الخلفي».
كما أذكر جورج عشي المتألق بفن التصوير كتب لي أغنيتين هما «مندل دلوني بابا» و«ما علينا الحق الحق عليك».
وأحمد قنوع أيضاً الذي جمعتني فيه عدة أغنيات ناجحة، منها «عجبي عليك عجبي».
بالنسبة للمغنيات أذكر طروب التي كانت بمنزلة السندريلا وأشهر فنانة ولها بصمة كبيرة، وأيضاً سهام إبراهيم التي كانت من أجمل الفنانات.
• كيف تنظر للمستقبل في سورية؟
متأكد من أن سورية ستعود كما كانت قبل الحرب وربما أفضل في ظل القيادة الحكيمة للدكتور بشار الأسد الذي حارب الكون كله حفاظاً على وحدة سورية.
أشعر أن شمل البلاد العربية سيلتئم بجهود سورية، فالجامعة العربية من دون سورية لا تساوي شيئاً، وأرى أسباباً كثيرة تمهد إلى الانفراج التام على بلدي الذي تعرض لحرب ظالمة على مدار 11 عاماً، كل ذلك سيكون في عهد «الأمل والعمل».
دمشق قلب العروبة النابض ستتعافى بعد الحرب الكونية الحاقدة العشوائية، وسورية على طريق الانتصار سياسياً وعسكرياً واجتماعياً وثقافياً، والإنسان السوري الذي كابد المتاعب وجابه الحرب الكونية سيعود إلى حياته الطبيعية شاء من شاء وأبى من أبى.
وفنياً، سورية كانت دائماً راعية لكل الفنانين السوريين والعرب من التصحيح وحتى التطوير والتحديث، وستعود إلى دورها الريادي في الفن والثقافة.
• ختاماً، هل في ذاكرتك كلام يجب أن يقال.
نعم، أريد أن أؤكد مجدداً أن القائد الخالد كان سبباً في عودتي إلى سورية عام 1970، خاصة عندما قاد الحركة التصحيحية المجيدة وأنهى من خلالها الكثير من المطبات السياسية وزرع في البلد الأمن والأمان وقاد مشروع بناء سورية الحديثة.
ويكفيني أنني عشت في عز الرئيس حافظ الأسد، وأفتخر وأعتز أنني عشت أيضاً تحت قيادة الرئيس بشار الأسد.
وأريد أن أكشف للمرة الأولى أن اللواء ماهر الأسد تكفل بي وبصحتي عندما تعرضت لأزمة قلبية خطرة، فأرسلني إلى لبنان وأجريت لي عملية جراحية مكلفة جداً ولذلك ألقبه بـ«سيد القلوب».
وأخيراً، لأنني أدين إلى سورية فإنني أحضّر لعمل فني استعراضي كبير إهداء إلى سورية بمناسبة انتصارها بعنوان «عرس الياسمين».
موفق بهجت في سطور
ولد موفق بهجت في دمشق عام 1938
قدّم عشرات الأغنيات الناجحة التي صنعت الحدث عند إطلاقها.
من أشهر أغنياته «يا صبحة هاتي الصينية، يمكن حبيبي يمكن، بابوري رايح رايح، ما قتلتني إلا العين الكحلاوية، سلامي عليكم، جيتم بالسلامة يا عيني، مهلك علينا مهلك، عجبي، جاييتني مخباية».
غنى للوطن أغنيات عدة منها «شآم» و»عزي وبلادي سورية» التي مازالت كلماتها المؤثرة وألحانها الساحرة موجودة في قلوب كل من سمعها وعايشها.
خاض تجربة التمثيل من خلال أربعة أفلام هي «السلم الخلفي، بأمر الحب، العسل المر، الدلوعة».
غنى عام 1973 في مسلسل «ملح وسكر» مع دريد لحام ونهاد قلعي والكثير من النجوم.
ذاعت شهرته عربياً في منتصف ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
تنقل بين عواصم عدة منها بيروت والقاهرة والجزائر.
قدم لوناً غنائياً استعراضياً شعبياً مميزاً، مخلصاً للهجة السورية في مجمل نتاجه.