قضايا وآراء

بكين على خط الأزمة الأوكرانية

| هديل علي

أمام التحشيد العسكري لواشنطن وموسكو في أوروبا الشرقية يخرج رئيس الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية مارك ميلي، ليقول إن بلاده لا تمتلك أي أنظمة قتالية أو قواعد دائمة في أوكرانيا، وأن دورها العسكري هناك يقتصر على التدريب وتقديم المشورة، أي إن واشنطن هدفها المعلن حرب بالوكالة وقودها الأوكرانيون ومن يدعمها من الأوروبيين إضافة إلى تركيا التي لا تنفك عن تزويد كييف بمختلف صنوف الأسلحة من المسيرات إلى الطرادات والتي لن تنفع أمام الآلة العسكرية الروسية إذا ما دارت رحى الحرب والشهادة هنا لخبراء عسكريين غربيين.

ولكن كيف لبكين أن تظهر تأثيرها الفعال إلى جانب موسكو على خط الأزمة الأوكرانية؟
المحادثة الهاتفية التي جرت بين وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ونظيره الصيني وانغ يي أظهرت وجهة السياسة الصينية التي تدعم خطوات موسكو ومقترحاتها حيث أكد يي، أن حل القضية الأوكرانية ينبغي أن يكون ضمن أربع نقاط أولاها العودة إلى تنفيذ اتفاقيات «مينسك» وهو ماتنادي به موسكو منذ إعادة تعويم الأزمة، وثانيتهما ضرورة التخلي عن سياسة توسيع وزيادة التكتلات العسكرية لضمان الأمن الإقليمي لمن يبحث عنه بشكل جدي، والنقطة الثالثة أنه على جميع الأطراف التخلي تماما عن عقلية الحرب الباردة وإنشاء آلية أمنية أوروبية متوازنة وفعالة ومستدامة من خلال المفاوضات، والرابعة تتلخص بأخذ مخاوف روسيا الأمنية المشروعة على محمل الجد أي الدعوة للحوار والمفاوضات والدبلوماسية ولا شي آخر غير الدبلوماسية.
طبعا صلابة الموقف الصيني للوقوف إلى جانب موسكو رسالة إلى العقل الأميركي المخطط لافتعال الأزمات بأن نقل سيناريوهات الأزمة الأوكرانية إلى جنوب شرقي آسيا، واستنساخها ضد بكين بما يخص تايوان التي يفصلها عن الصين مضيق فورموزا ولا تتجاوز المسافة بينهما 140 كيلومتراً لن ينجح وستكون نتائجه عكسية على واشنطن، إذا لم تكن مدمرة، خاصة أن كييف خط أحمر لموسكو كما تايوان هي ألف خط أحمر لبكين، وواشنطن تعي هذا المنطق تماما وتحاول الابتزاز فيه لعلها تكسب ضغطاً صينياً على روسيا للقبول بمحاولات الولايات المتحدة فرض واقع أمني جديد في أوروبا الشرقية يقلق موسكو ويهدد أمنها القومي.
الرد الصيني على الولايات المتحدة كان متوقعاً وهو في رأي الكثيرين لن يزيد التعاون الروسي الصيني إلا تقدماً خاصة أن العدو مشترك وهو واشنطن التي لم تخف عداوتها لكل من موسكو وبكين، أما من تبقى من الأدوات والبيادق الأميركية، فلا وزن لهم سياسياً أو عسكرياً أو اقتصادياً وبالتالي عند انتهاء استخدامهم في أدوارهم المرسومة لهم سيعودون إلى حجمهم الطبيعي من حلف الناتو إلى أقصى الغرب في القارة العجوز.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن