ثقافة وفن

غسان مسعود: هذا الاحتفاء هو الأبرز في حياتي … المعهد العالي للفنون المسرحية وطلابه يحتفون بمسيرته الإبداعية الكبيرة

| عبد الهادي الدعاس- تصوير: طارق السعدوني

أجواء ساحرة مفعمة بالحب والأمل والإيجابية، تشعر بها منذ دخولك بوابة المعهد العالي للفنون المسرحية، وصولاً إلى مدرجات مسرح سعد اللـه ونوس، لتشاهد لقاء من نوع آخر، بين الطلاب الشغوفين لرؤية واستماع ومناقشة أحد أهم مؤسسي المعهد، الذي خرّج العديد من نجوم الدراما السورية، وكان واحداً من الأشخاص الذين رسموا للمسرح والدراما الخطوط الذهبية.

اللقاء الذي يقيمه المعهد العالي للفنون المسرحية بالتعاون مع وزارة الثقافة تحت عنوان «ملتقى الإبداع»، مع المسرحي القدير والنجم العالمي غسان مسعود، احتفاء بمشواره الفني وتجربته الإبداعية الرائدة في مختلف مجالات الفن، بدأ بعرض موسيقي بقيادة العازف وسام الشاعر، قدم من خلاله مقطوعة «أومن» التي تدعو للتفاؤل والأمل، ومقطوعة «فالس» العالمية، تلاه عرض راقص قدمه طلاب المعهد تعبيراً عن هذا اللقاء التاريخي.

دموع غسان مسعود كانت حاضره خلال عرض فيلم توثيقي، تناول بعض الشخصيات التي قدمها مسرحياً ودرامياً وسينمائياً عبر سنوات حياته بطريقة احترافية.

وكان اللقاء الذي أداره الناقد سعد القاسم مليئاً بالحماس بين الطلاب الذين اغتنموا كل دقائق الحوار في طرح أسئلتهم واستفساراتهم لإغناء أدواتهم وأفكارهم، لكون المجيب عنها بروفيسور الفن.

الاحتفاء هو الأبرز في حياتي

النجم غسان مسعود في بداية الملتقى قال: «كرمت كثيراً عبر سنوات حياتي، لكن أشعر أن هذا الاحتفاء هو الأبرز في حياتي، ولا أعرف إن كان سيتكرر مثله أم لا، ووجودي اليوم في بيتي وبين أولادي يشعرني بالفرح والحب».

وعن كيفية دخوله للمعهد العالي للفنون المسرحية قال مسعود: «لم أفكر بالمسرح والمعهد، لكن السبب بدخولي يعود للمخرج المسرحي فواز الساجر، فهو عرّابي الأول والمطلق، التقيته في سنوات الدراسة الجامعية وتحديداً في كلية اللغة العربية، وحينها قال لي: «يجب أن تجعل هذه المهنة تأخذ شكل الاحترام»، إضافة إلى أنني حصلت على الدعم من والدي الذي كان محباً للأستاذ دريد لحام، طالباً مني آنذاك أن أصبح مثلهُ وأقدم قيمة لهذا الفن».

وأكد مسعود خلال حواره: «إن جيل الثمانينيات كان محظوظاً، لأن سورية كانت منفتحة على الغرب نسبياً وعلى الشرق كلياً، ما أدى إلى تلاقي ثقافات متنوعة على الأرض السورية، ما دفع القائمين على المعهد يستعينون بخبرات من كلا الجانبين شرقاً وغرباً، وجعل الجيل آنذاك يتلقى المعلومات وعلوم الفن المسرحي على أيديهم».

ولفت مسعود إلى أن أساتذة المعهد في ذلك الوقت شكلوا منهجاً محكماً، ومن ثم حاولنا أن ننقل هذه الخبرات إلى الطلاب، مبيناً أن المعهد كان يضم 17 مادة، منها مواد علم النفس والاجتماع والتذوق الموسيقي والرقص والقتال المسرحي، وجميعها كانت مواد أساسية في بناء الممثل».

التدريس عملية اكتشاف متواصلة

وحول تجربة التدريس أوضح مسعود: «إن التدريس له فائدة كبيرة، لكونه عملية اكتشاف متواصلة لفن التمثيل والإخراج والمعرفة والجسد والصوت والمشاعر والعواطف»، مشيراً إلى أن «التدريس أصعب من الإخراج والتمثيل، لأنه يذهب من خلالها إلى أمزجة طلابٍ كلٌ منهم قادم من بيئة وتربية وثقافة مختلفة، ما يتطلب الدخول إلى عقولهم وإنشاءها وإيصالها إلى مرحلة التخرج»، لافتاً إلى أن «تجربة التدريس أكسبته خبرة ومعرفة جديدة في التمثيل والإخراج».

طلاب المعهد خلال اللقاء طالبوا مسعود أن يقوم بتخريج إحدى دفعات المعهد، ليجيب مسعود قائلاً: «الصديق الفنان فايز قزق يطلب دائماً أن أعود للتدريس وتخريج إحدى الدفعات، وأنا أتشرف بذلك، لولا الارتباطات والضغوطات الكثيرة لكنت موجوداً منذ زمن، ولكن أعدكم بأن العام القادم سأكون موجوداً في تخريج إحدى دفعات المعهد».

ودار بين الفنان غسان مسعود والطلاب مجموعة كبيرة من النقاشات حول المواد ومفاهيم الفن وطريقة التدريس والتفكير التي يجب أن يتبعها الممثل، والحديث عن بعض التجارب التي مرّ بها عبر مسيرته الطويلة.

خطة ثابتة نحو المستقبل

وفي تصريح للصحفيين عقب اللقاء قال مسعود: «هذا المكان لهُ فضل كبير عليّ، ووجودي اليوم جعلني أشعر بالاشتياق والحنين، وينبغي النظر والاهتمام لهذا المكان بجدية، وما رأيته اليوم من الطلاب يستحق الفرح والاعتناء لنقدم لهم ما نستطيع من أجل شق طريقهم بخطوات ثابتة نحو المستقبل».

مشروع أكاديمي

من جانبه بين عميد المعهد الدكتور تامر العربيد: «إن ملتقى الإبداع هو مشروع أكاديمي نسعى من خلاله لاستضافة الخبرات والتجارب والمعرفة، مشيراً إلى أن لقاء الأستاذ غسان مسعود نوعي لكونه شخصاً يجمع بين الأكاديمية والتجربة العملية الغنية التي تحقق الفائدة للطلاب ليكونوا فناني المستقبل».

أسس كثيراً للمعهد والمسرح

الأستاذ والفنان فايز قزق أكد لـ «الوطن»: «أهمية هذا الملتقى الذي كان يجب أن يحدث منذُ زمن، مشيراً إلى أن اللقاء مع الفنان غسان مسعود الذي أسس كثيراً من الأشياء للمعهد والمسرح، هو عصارة تجربة لإنسان عانى ما عاناه في تكوين ذاته بمنتهى القوة، لافتاً إلى أن مسعود هو إحدى دعامات المعهد وستبقى ذكراه طيبة لفترة طويلة، متمنين عليه السعادة والعودة للمعهد لتخريج دفعة جديدة من طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية».

العلاقة العائلية القوية

ابنة الفنان غسان مسعود الكاتبة لوتس مسعود بينت لـ «الوطن»: «رأيت اليوم من خلال هذا اللقاء سبب العلاقة العائلية القوية بين والدي وهذا المكان المهم، وسعيدة جداً بهذا اللقاء الإبداعي الذي جمع والدي في بيته الثاني مع طلاب المعهد للاحتفاء به عن مسيرته الفنية الطويلة».

لقاء مليء بالمتعة والفائدة

وفي لقاء مع الطالب معن المقداد سنة ثانية تمثيل أكد: «أن اللقاء مع الفنان غسان مسعود كان ممتلئاً بالمتعة والفائدة، وأنه حاول استغلال كل المعلومات الغنية التي قدمها مسعود خلال اللقاء».

أما الطالبة غفران هواري سنة رابعة تمثيل لفتت إلى أن: «وجود قامة كبيرة بينهم اليوم أعطتهم حافزاً لتقديم طاقة أكبر، موجهة الشكر لعميد المعهد على هذا الملتقى الذي يساعدهم في الحصول على معلومات وخبرات الأساتذة الكبار».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن