رياضة

عائد بقوة على أمجاد الشياطين الحمر وذكريات الثمانينيات … بلجيكا هل يكون حصان الرهان في يورو 2016؟

خالد عرنوس :

من بين المنتخبات الأربعة والعشرين التي ستشارك في نهائيات فرنسا الأوروبية الصيف القادم يبرز اسم منتخب بلجيكا كواحد من المرشحين للعب دور كبير في النسخة السادسة عشرة للبطولة القارية وإن لم يكن للقب بوجود ألمانيا وإسبانيا وإنكلترا والبرتغال وإيطاليا وصاحب الأرض الفرنسي فللمنافسة لاختراق هؤلاء نحو دور نصف النهائي خاصة أن الفريق الأحمر العائد إلى البطولة بعد غياب عقد ونصف العقد يضم النخبة الأكبر من اللاعبين المتألقين على الساحة المحلية الأوروبية في المواسم الثلاثة الأخيرة، فالفريق لا تنقصه العراقة ولا التاريخ بل هو بحاجة لبعض التنظيم والخيارات الصحيحة من المدرب والتآلف على خوض البطولات المجمعة ليكون أحد كبار البطولة على غرار ما فعل أسلافه في عقد الثمانينيات.

حكاية الشياطين
يظن الكثيرون من عشاق كرة القدم خاصة من الجيل الحالي أن اسم أو لقب الشياطين الحمر مرتبط بنادي مانشستر يونايتد الإنكليزي لكن اللقب بالأساس أطلق على منتخب بلجيكا عام 1920 عندما تألق ذلك الفريق في دورة الألعاب الأوليمبية التي استضافتها بلاده (أنفيرس) وحاز الإعجاب بنتائجه الكبيرة فأطلقت عليه وسائل الإعلام يومها هذا اللقب.
ومع انطلاق بطولة كأس العالم بعد عقد كان المنتخب البلجيكي أحد المواظبين على حضور النهائيات لكنه لم يحقق أي نتيجة كبيرة في مونديالات 1930 و1934 و1938 و1954 1970و فكانت المغادرة مع الدور الأول فيها جميعاً، وكان حضوره الأوروبي الأبرز في النسخة الرابعة 1972 عندما تأهل إلى مربع الكبار واستضافت بلاده النهائيات فحل ثالثاً بعد الخسارة من ألمانيا والفوز على المجر.

عودة أولى
في نهائيات يورو 1980 فاجأ الشياطين الحمر الجميع بتأهلهم للنهائي الذي خسروه في الدقائق الأخيرة أمام الألمان واستغل جيل سوليمانس تحت قيادة المدرب التاريخي غي تيس ذلك الإنجاز وسجلوا أفضل النتائج على صعيد المونديال فتأهلوا إلى الدور الثاني في إسبانيا 1982 وحلوا رابعاً في المكسيك 1986 ودأبوا على حضور النسخ الأربع التالية إلا أن حدودهم لم تتجاوز الدور الثاني، وفي عام 2000 نظمت بلجيكا النهائيات الأوروبية مع هولندا وفشل الشياطين باستثمار عودتهم إلى منافسات البطولة القارية فسقطوا من الدور الأول، وغابت الكرة البلجيكية عن الساحتين الأوروبية والعالمية منذ الخروج الظالم أمام البرازيل في الدور الثاني لمونديال 2002 حتى مونديال 2014 حيث تأهل المنتخب بقيادة المدرب إلى ربع النهائي وهناك خسر بصعوبة أمام الأرجنتين.

نهاية مثالية
تلك البطولة من تصفيات ونهائيات شكلت العودة الأخيرة للشياطين الحمر الذين يتوقع لهم احتلال مكانة مرموقة على خريطة الكرة العالمية لأعوام قادمة، وهاهو المنتخب الذي يقوده المدرب مارك فيلموتس (اللاعب الدولي السابق) يتألق في التصفيات الأوروبية ويتصدر المجموعة الثانية بعد مشوار بدايته مرتبكة ونهايته رائعة.
فبعد فوز على أندورا بالستة جاء التعادل في أرض البوسنة 1/1 ثم في بروكسل مع ويلز صفر/صفر ليربكا نجوم فيلموتس الذين عادوا بفوزين على قبرص 5/صفر ثم على الكيان الصهيوني بهدف ليعدلا المسار، وفي ويلز تلقى الشياطين أول خسارة من رفاق غاريث بيل صفر/1 لتكون بمثابة جرس الإنذار لزملاء هازارد الذين عادوا من جديد بقوة وسجلوا أربعة انتصارات متتالية وضعتهم في المقدمة ففازوا على البوسنة 3/1 ثم في قبرص بهدف ثم على أندورا 4/1 وأخيراً على قبرص 3/صفر رافعين رصيدهم إلى 23 نقطة وبمعدل تهديفي بلغ (+19) ولم يتقدمهم في هذا المجال سوى إنكلترا وبولندا وإسبانيا.

بين جيلين
بالعودة إلى تاريخ كرة القدم البلجيكية نجد أن الجيل الأكثر تميزاً ذلك الذي قاده يان سوليمانس وامتد حتى اعتزاله تقريباً وبرز فيه فاندنبرغ ودي موير وفيركوتيرين وميلكان وأنزو شيفو وفاندرايكن وجان ماري بفاف وجورج غرون وديمول وفان ديراليست وفيرفورت وكلاسن وغيرهم ويتباهى قسم من هؤلاء أنهم وصفاء أبطال أوروبا والبقية بأنهم أصحاب أفضل إنجاز بالمونديال.
وبنظرة سريعة إلى أسماء الفريق الحالي نجد أن عناصر الجيل الحالي لا يمكن بأي حال من الأحوال بأجيال المنتخب السابقة فالكفة تميل بقوة نحو أفراد الفريق الحالي المزدحم بالأسماء المتألقة مع أكبر أندية القارة العجوز، وإذا أقررنا بنجومية سوليمانس القائد التاريخي لذلك الجيل وكذلك أنزو شيفو الذي لعب لأكثر من ناد على مستوى القمة في إيطاليا وفرنسا والحارس الرائع بفاف الذي حرس مرمى بايرن ميونيخ لسنوات طويلة، فإن استعراضاً سريعاً لما يقدمه إيدين هازارد في تشيلسي وزميله الحارس كورتوا الذي تألق مع اتلتيكو مدريد وإلى مكانة مروان فلاييني بإنكلترا ووضعية خط الهجوم المؤلف من باتشواي وبينتيكي ولوكاكو ويانوزاي وميراليس وأوريغي لنعرف مدى كثافة الخيارات أمام المدرب فيلموتس والتي يحسد عليها بالتأكيد.
جيل متميز
بالتأكيد إن منتخباً يضم 26 لاعباً من أصل 40 ارتدوا قميصه في الأعوام الثلاثة الأخيرة يزاولون نشاطهم مع أندية أوروبا الكبرى لاشك أنه فريق يستحق الإشادة ويمكن وصفه بالمرهوب الجانب، وهو مايدلل عليه المراقبون عندما يضعون المنتخب البلجيكي في مقدمة المرشحين للمنافسة على البطولة القارية في الصيف القادم.
ويبرز إيدين هازارد قائد خط الوسط الذي قورن في فترة قريبة مع ما يقدمه ميسي ورونالدو ويعتبر من أبرز المواهب التي يعول عليها الفريق فهو يتمتع بمهارات فريدة بالمراوغة والتمرير والتسجيل عندما يتطلب الأمر وعندما يدخل مع رفاقه معترك اليورو سيكون في منتصف الخامسة والعشرين من العمر وهي سن مثالية ليكون رمزاً لعنفوان الكرة في بلاده.

خبرة وشباب
وإذا كان هازارد من النجوم ذوي العمر المتوسط فإن الفريق يضم نحبة من اللاعبين أصحاب الخبرة مثل فيرمايلين مدافع البرشا والقائد فينسنت كومباني مدافع مان سيتي وكيفن ميراليس مهاجم إيفرتون ومروان فيلاييني عملاق المحور في مان يونايتد وموسى ديمبلي لاعب الوسط في توتنهام وراديا ناينغولان لاعب وسط روما ونيكولاس لومبارت مدافع زينيت الروسي ودرايس مارتينيز مدافع نابولي.
ومقابل أصحاب الخبرة تعج الصفوف بالمواهب الشابة ونذكر من هؤلاء أبرو الصاعدين مثل كاراسكو لاعب وسط اتلتيكو مدريد وميشي باتشواي أحد هدافي الدوري الفرنسي ويلعب في مرسيليا وعدنان يانوزاي مهاجم اليونايتد وأوريغي لاعب ليفربول وروميلو لوكاكو مهاجم إيفرتون وزكريا بقال لاعب وسط فالنسيا ولاعبا وسط أندرلخت المحلي تيليمانس وودينيس برايت وكل هؤلاء أعمارهم أقل من اثنتين وعشرين سنة.
ومن اللاعبين الأكبر قليلاً هناك بينتيكي (ليفربول) ودي بروين (مان سيتي) وألكس فيتسل وناصر الشاذلي (توتنهام).

واقع وتطلعات
يدخل المنتخب النهائيات القارية بآمال عريضة فالواقع يقول إن فريقاً يملك هذا الكم من الأسماء قادر على فعل الكثير ولا شك أن محبي الشياطين الحمر يتطلعون إلى منصة التتويج في باريس الصيف القادم، إلا أن ذلك يتطلب عملاً كبيراً من المدرب الذي سيكون لخياراته القول الفصل، والأهم أن يكون اللاعبون قد استفادوا من درس مونديال 2014 وخوض النهائيات الأوروبية بنفس جديد لكي يصلوا أبعد مكان فيها، المنطق يقول: إن وصول البلجيكيين إلى نصف النهائي يعد إنجازاً، ونحن نؤكد أن الفريق الوحيد بين فرق الصف الثاني التي من الممكن أن نراه فوق منصة التتويج هو المنتخب البلجيكي.. فهل نشهد بطلاً جديداً لليورو؟.. لنا موعد بعد 8 أشهر لنتحقق من الأمر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن