فساد… أم فاسدون؟
محمد حسين :
إعلامياً يبدو (الفساد) كأنه كائن ضعيف يستحق التعاطف فمن يتحدثون عنه باستمرار لديهم البأس والقدرة على البطش به في أول جولة بينما هو يبقى صامتاً «كأن لا حراك به» وكلما طال صمته يزداد الحديث فيزداد إبهامه ويصبح إدراكه بالعين أو باللمس شبه مستحيل!!
إعلامياً يبدو الفساد وكأنه كائن خرافي لا وجود له إلا في الأحاديث التي يتم تناقلها عنه في المقاهي ووسائل النقل والتواصل الاجتماعي بطريقه معوّمة تثير الريبة والشك لدرجة أنك تشك بنفسك فيما إذا كنت فاسداً أم لا… لأن الحديث يطول الفساد بشكل عام لا الفاسدين على وجه الخصوص..
إعلامياً يتحدث أحد قادة جبهة مكافحة الفساد في بلدنا عن عدم وجوده في بلدنا إلا في الحدود الدنيا وأن كل ما هو موجود مجرد مخالفات لا ترتقي لمستوى (الفساد) ويجري التعامل معها بالشكل القانوني المناسب… هكذا تماماً قال على إحدى شاشاتنا وكأنه قبل قليل أطلق على الفساد سهماً خارقاً حارقاً فأرداه قتيلاً…
صديقي المتعب من هذه الأحاديث قال لي: «حيرتونا… في فساد أو ما فيه»!!»
وأنا المسكين الواقع بين ما أسمعه وما أقرؤه وبين ما أراه من تحول البعض من الفقر المدقع إلى الغنى الفاحش… وهو على رأي الشاعر (لم يسافر ولم يهاجر ولم يرث عن أبيه… إلى آخر الشطر من بيت الشعر المشهور) انعقد لساني ولم أتحدث ببنت شفة فإذا كان المعني بمحاربة الفساد يقول: إنه لا فساد في بلدنا فهذا يعني أنه لا فساد… ونقطة من أول السطر.. يا شباب..
ولذلك يجب التنبه والقول إن كل ما يقال عن الفساد ليس إلا ثرثرة لا معنى لها وحرام عليكم يا شباب ارحموه للفساد.. ما بيجوز ع الميت غير الرحمة مو.. تعو نحكي عن الفاسدين مو أحسن؟!!