رياضة

الانتقاد والخوف من سوء النتائج أهم أسباب اعتذارنا عن البطولة العربية وغرامات قادمة

| مهند الحسني

إذا كان الفارس بلا جواد، والرامي بلا بندقية، واللاعب بلا كرة، والاتحاد بلا شخصية اعتبارية. مظاهر حية وحقيقية في رياضتنا الوطنية، فإن الرهان على المقدرات الفردية للأشخاص سيكون رهاناً خاسراً لا محالة.

قرار الاعتذار عن البطولة العربية لكرة السلة لم يأت من فراغ، ولا هو نتاج لحالة معينة، وإنما جاء نتيجة توقعات غير مضمونة وقراءة غير واضحة لنتائج المنتخب.

وقد ترك هذا القرار الكثير من إشارات الاستفهام والاستغراب لدى عشاق ومحبي اللعبة، وخاصة أنه جاء بعد سلسلة من التصريحات المفعمة بالأمل من قبل القائمين على اللعبة بعد تعاقدهم مع المدرب الإسباني خافيير لقيادة المنتخب.

صدر قرار الاعتذار بعد مسلسل من الأخذ والرد وتجاذب الأحاديث هنا وهناك ليصدر اتحاد كرة السلة بياناً مفاجئاً قرر خلاله الاعتذار عن المشاركة في بطولة المنتخبات التي ستنطلق يوم الثلاثاء المقبل بمشاركة عشرة منتخبات.

حقائق وخفايا

لسنا في صدد إلقاء اللوم على الاتحاد، ولن نكون جناة عليه لأنه اعتذر لأننا نؤمن بأنه صاحب القرار الفني وهو الذي يقيس مشاركاته بمعايير فنية بعيداً عن أي حسابات أو ضغوطات، لكننا بالوقت نفسه لن نكون مدّاحين له في قرار اعتذاره الذي وجده الكثيرون بأنه مجحف وغير منصف بحق منتخبنا بعدما رسم الاتحاد لنفسه شخصية اعتبارية لها الحق في القرار الفني والإداري، لكنه تفاجأ بأن شخصيته لم تتعد حدود الورق التي رسمت عليه، وبأنه شطح بخياله كثيراً عندما ظن بأنه قادر على اتخاذ القرار لوحده.

واتسعت فسحة تفاؤلنا بوجود القيادة الرياضية الجديدة ودعمها اللامحدود لكرة السلة في جميع مفاصلها في رؤية منتخبنا في محفل عربي جديد بعد غربة طويلة امتدت لأكثر من عشر سنوات، وبدلاً من السعي لتوسيع رقعة مشاركاتنا العربية والقارية نجح أصحاب الرؤية الضيقة في لجم طموحات منتخبنا الوطني لكسب فرصة احتكاك لن يراها حتى في أحلامه، و اتخذ هؤلاء قراراً من المؤكد أننا سنعض أصابعنا ندماً عليه في هذه العجالة التي لا تستند إلى معرفة ولا إلى دراية ببواطن الأمور، ولا يمت للرياضة بصلة من دون أن تكون هناك أسباب مقنعة لهذا القرار.

لكننا تمكنا من كشف خفايا قرار الاعتذار والذي يتجلى في خشية القيادة الرياضية من نتائج المنتخب في البطولة.. ورجاء دققوا كثيراً في كلمة خشية، بحجة أن منتخبنا سيشارك في البطولة بلاعبيه المحليين من دون أي لاعب أجنبي أو مجنس، وهذا سيضعه أمام خسارات قاسية ومؤلمة حسب توقعات أصحاب القرار والرؤية الضيقة، وهذه الخسارات والنتائج المخيبة للآمال ستكون بمنزلة الشرارة الجديدة لانتقادات أكثر حدة وأقواها إيلاماً من الشارع الرياضي قد تتلقاها القيادة الرياضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي و«السوشيل ميديا» على سوء النتائج التي قد يحققها المنتخب في البطولة، وهذه الانتقادات القيادة الرياضية بغنى عنها بعد سلسلة من الأصوات الثائرة والساخطة على خروج منتخبنا الوطني بكرة القدم من التصفيات العالمية.

والسؤال هنا؟ هل باتت مشاركة منتخباتنا الوطنية متعلقة بمدى رضا وسخط صفحات التواصل الاجتماعي والتي يشرف عليها أشخاص لا يعرفون ألف باء أبجديات الرياضة الحقيقية، ومنذ متى باتت تتأثر قراراتنا الرياضية بهذه الآراء، وأين الشخصية الاعتبارية لقيادتنا الرياضية وقراراتها الصائبة والحازمة، أم إننا أصبحنا في حال نخشى من انتقادات الشارع الرياضي قبل انطلاقة أي مشاركة؟

فالقيادة الرياضية التي دعمت مفاصل اللعبة بكل ما تتمناه، ووفّرت كل الرعاية والاهتمام باستثناء لبن العصفور هي نفسها التي حرمت منتخبنا من فرصة احتكاك أكثر من مثالية قبل دخوله معترك مباراتي منتخبي البحرين وإيران في النافذة الثانية من التصفيات العالمية.

أحد الخبثاء غمز مازحاً بأنه على اتحاد السلة قبل كل مشاركة ومن أجل الاطمئنان على حسن النتائج وتجنباً لانتقادات الفيس بوك والتويتر والتلغرام والذي منه، عليه العودة للعرافات وقارئات الطالع والبصارات والمنجمين والمنجمات، وبناء على توقعاتهم وقراءاتهم عليه اتخاذ القرار المناسب بالمشاركة في أي بطولة من عدمه.

تدخل مباشر

لا تتوانى القيادة الرياضية في كل تصريحاتها بأن تقف على مسافة واحدة من جميع اتحاداتها وتحترم قراراتها وخاصة الفنية منها، ليأتي قرار الاعتذار ليؤكد عكس كل هذه التصريحات لأنها قررت وفصلت القرار على قياسها متجاهلة رأي الاتحاد الفني صاحب القرار في أي مشاركة خارجية، وهي بهذا القرار وجهت من حيث لا تدري ضربة موجعة لاتحاد السلة، ووضعت حداً لطموحاته بعدما حسب البعض منهم بأنهم يحق لهم ما لا يحق لغيرهم، و بأنهم قادرون على اتخاذ أي قرار، وبأنهم إلى ما شاء الله، ومع أول هزة انكشفت النيات، وبانت الحقائق بأن لا قرار يعلو على قرار ومصلحة القيادة الرياضية حتى لو كان فنياً، وما تراه صالحاً هو الأفضل والأنسب بغض النظر عن رأي اتحاد اللعبة.

ويبدو أن شهر العسل الذي عاشه اتحاد السلة الحالي والذي تلقى من الدعم ما لم يلقه أي اتحاد بدأت تلوح بالأفق غيوم داكنة قد تعكر صفو هذه العلاقة وخاصة إذا جاءت نتائجنا في النافذة الثانية مخيبة للآمال.

عقوبات قادمة

من المؤكد أن سلتنا ستكون تحت وطأة العقوبات والغرامات المالية من قبل الاتحاد العربي نتيجة قرار الاعتذار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن