نجحت في تكوين شخصية فنية خاصة بها … عايدة عبد العزيز.. عانت التجاهل وأصيبت بالزهايمر واكتأبت بعد رحيل زوجها
| وائل العدس
كانت تبحث عن الاختلاف دائماً، وتسبح في محيط بعيد عن الآخرين، وعندما يفتّش المشاهد في السجل الفني لهذه الفنانة الاستثنائية، لن يجد أعمالاً متشابهة، أو أخرى تتسم بالسطحية.
إنها الممثلة المصرية عايدة عبد العزيز التي نجحت في تكوين شخصية فنيّة خاصة بها، وقد فارقت الحياة يوم الخميس الماضي متأثرة بأمراض الشيخوخة.
تصر على أن الوسط الفني ساحة لممارسة الشللية والتحزب، وتحكي أنها لم تصل إلى مكانتها القديرة كممثلة مسرح وممثلة دراما سينمائية وتلفزيونية وإذاعية بالطريقة السهلة، حيث كانت تتم محاربتها بشراسة.
كانت تحكي بكوميديا مأساوية عن قصص سفر ولديها إلى الخارج وارتباطهم بأجانب، فتزوجت ابنتها من ألماني وابنها من إنكليزية، وعن فقدانها للونيس الذي كان من المفترض أن يكون مصاحباً لامرأة في هذا العمر.
رحيل مؤلم
عانت الراحلة التجاهل وافتقادها لسؤال زملائها عليها كما كانت تصف لنجلها قبل رحيلها، فقد كانت النجمة الراحلة رجاء الجداوي آخر من تواصل معها من زملائها.
في تموز عام 2021 كشف شريف أحمد عبد الحليم نجل الفنانة الراحلة تفاصيل الحالة الصحية لوالدته، فقال: إنها عانت اكتئاباً شديداً بعد وفاة والده المخرج المسرحي الذي كان حبيب عمرها، وابتعدت تماماً عن الوسط الفني، إلا أن الفنان القدير يحيى الفخراني شجعها وطلب منها المشاركة معه في بطولة مسلسل «دهشة».
وأكد أنها لم تتحمل ضغوط العمل، وابتعدت مرة أخرى عن التمثيل، وأصيبت بالزهايمر حتى أصبحت تنسى الأحداث القريبة، كما أنها أصيبت بكسر في الحوض وأجرت جراحة خطيرة ما منعها من حضور عدة تكريمات ومهرجانات ومناسبة فنية، قبل أن تفارق الحياة عن عمر 92 عاماً.
أما ميادة ابنة شقيقة الفنانة الراحلة فكشفت تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياتها، موضحة أن حالتها الصحية كانت مستقرة بشكلٍ طبيعي، إلا أنها تعرضت لوعكة صحية فور استيقاظها من النوم حتى خضعت لجلسة أوكسجين، بجانب حصولها على الأدوية.
وتابعت: «فجأة وهي قاعدة على الكرسي، وجدناها فقدت النطق تماماً وبشكل مفاجئ، اتصلنا على الإسعاف، لكن لفظت أنفاسها الأخيرة قبل وصولها».
من التعليم إلى التمثيل
ولدت الممثلة الراحلة في تشرين الأول عام 1930 في محافظة القليوبية، واسمها الحقيقي والكامل عايدة عبد العزيز عبد الرحمن.
حرصت أسرتها رغم تواضع مستواها المادي على تعليمها، وفي عام 1956 حصلت على دبلوم المعلمين.
وذات يوم اقترحت عليها إحدى الزميلات الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، لترد بأنها لم تفكر في الأمر أبداً ولا تملك مقوماته، لكنها لسبب ما تذهب للاستئذان من أهلها، وتذهب للوقوف على خشبة المسرح القومي بالقاهرة، وحين يسألها الأستاذ عبد الرحيم الزرقاني: «هتقدمينا إيه؟» تجيب بارتباك: «مش هقدم حاجة.. معرفش». فيضحك ويسألها: «بتعرفي تغني؟» فتغني وتُقبَل، وتلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، لتتخرج بعد ذلك في المعهد وتكون الأولى على دفعتها وتتسلم جائزتها من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وفي عام 1959، تم تعيينها مشرفة على المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم، وقد تملكتها السعادة بعد الالتحاق بهذه الوظيفة، لكنها بعد عامين وجدت أن روتين الوظيفة يقتل حالة الإبداع المشتعلة بداخلها، لذا قررت احتراف التمثيل والبحث عن مساحة أرحب وأوسع تستوعب طموح الفنانة بداخلها.
وابتسم الحظ بعدما تعرفت على المخرج المسرحي أحمد عبد الحليم، إذ كان وقع في حبها، وتزوجها بعد عام من لقائهما الأول، ولم يقف هذا الفنان القدير في طريق طموحها، وشجعها على العمل، وكانت البداية من الإذاعة، حيث شاركت في أوبريت بعنوان «يوم القيامة»
وفي عام 1962، سافرت رفقة زوجها إلى لندن لدراسة التمثيل والإخراج، وعندما عادت بعد 5 سنوات، وجدت مناخاً فنياً خصباً، إذ قدمت بعد العودة مجموعة من العروض المسرحية المتميزة منها: «ملك يبحث عن وظيفة، دائرة الطباشير، المهاجر، السيرك الدولي، لعبة السلطان».
أعمالها
قدّمت الفنانة عايدة عبد العزيز أكثر من مئتي عمل بين السينما والدراما والإذاعة والمسرح، ومن أهم أفلامها: «صراع الأبطال، امرأة عاشقة، رغبات ممنوعة، على ورق سيلوفان، دعاء المظلومين، شوق، الظلال في الجانب الآخر، رحلة داخل امرأة، امرأة قتلها الحب، شهد الملكة، رجل قتله الحب، شارع السد، سكة سفر، النمر والأنثى، سوبر ماركت، بوابة إبليس، عفاريت الإسفلت، أيام الخادمة أحلام، خلطة فوزية، الحرامي والعبيط، الواد محروس بتاع الوزير، خرج ولم يعد».
ومن مسلسلاتها: «خيبر، بنات × بنات، ملكة في المنفى، سقوط الخلافة، قاتل بلا أجر، أما بعد، الهودج، الفرار من الحب، القطار الأخير، طيور الحب، طيور النورس، أم العروسة، بريء في ورطة، يوميات ونيس، ضمير أبلة حكمت، الساقية تدور، سنوات الضحك والدموع، الإمام مالك، فرصة العمر، الوعد الحق، نساء في الغربة، أحلام وسنابل، عواصف النساء، ورقة توت، فتيات صغيرات».