عذراً محمد الماغوط، قد أختلف معك في هذه النقطة، فقد عنونت ديوان شعر لك بهذه الجملة: «الفرح ليس مهنتي» لكنني أصر على أن الفرح مهنتي مهما كانت الظروف التي تحيط بي وبالسوريين عامة.
لا شك أن الماغوط كان ناقداً للواقع بسخريته القاسية، أو عن طريق الكوميديا السوداء، فماذا تعرفون عن هذه الكوميديا السوداء؟.
بعض الباحثين يعرّف الكوميديا السوداء بأنها تسليط الضوء على الكثير من موضوعات المجتمعات ومنها: الموت، والعنف، والجريمة، والقتل، والانتحار، والجنون، والإعاقة، والكوارث البيئية، والفساد السياسي، والفقر، والمجاعة، والمرض، وتعاطي المخدرات، وإساءة معاملة الأطفال، وغيرها كثير.
برع الماغوط في شعره ونثره ومسرحياته في تسليط الضوء على معظم أمراض عصرنا ومجتمعنا، ليس على مستوى سورية وحسب، بل في البلدان العربية وربما في دول العالم الثالث والرابع والثالث عشر! لذا أعلن أن الفرح ليس مهنته، لكنه كان بالفعل ينسج فرحاً من أحزان ومآسٍ نعيشها، وكان يفجر الضحكات ويرسم الابتسامات على الشفاه.
لذا أرى أن العنوان المناسب لديوان الماغوط هو: الفرح مهنتي، لكن ليس أي فرح، هو الفرح المرسوم بحد السكين وليس بالريشة والقلم والذي يضحكنا إلى حد البكاء، ويصح أن نطلق عليه تسمية (المضحك المبكي).
أما أنا فأرى أن نلجأ إلى الكتابة الساخرة التي تصل بسرعة أكبر من الكتابة الجديد إلى الجمهور، لأنها تلعب على أوتار مشاكله وتعزف ألحانه الخاصة بلغة سلسة ومضحكة، مع أنها تجعلنا نبكي بالفعل.
بالمناسبة قد ينزعج مني بعض الناس، وخاصة في هذه الظروف الحلوة، ربما لأنهم أصبحوا مستبعدين، و«معلومكم» المستبعد نقيض المدعوم، والمدعوم هو من يحصل على بعض المواد اللازمة للمواطن كي يعيش حياة أقرب إلى حياة بني البشر وبأسعار مخفضة نسبياً، على العكس من المستبعد الذي يتوجب علية دفع سعر سلعة ما بما يعادل ثلاثة أضعاف السعر الذي يدفعه المدعوم، وخمسة بعيون الشيطان!.
في هذه الحال علينا أن نفرح، صحيح أن آلاف الأسر خرجت من طبقة المدعومين إلى طبقة المحرومين، لكن الصحيح أيضاً أن هذه الطبقة الجديدة والمستجدة كانت لسنوات طويلة تتمتع بحق الدعم، من الخبز والغاز والبنزين والمازوت وغيرها، لكنها لم تكن تقدر هذه النعم، اليوم اكتشفت الخطأ الفاحش الذي وقعت فيه لسنوات طويلة خلت، وأما بنعمة ربك فحدث.
الفرح مهنتي لأنني أتلمس عن بعد ضحكة هنا وابتسامة ساخرة هناك عندما يقرأ شخص ما كتاباتي، لكن هناك بعض المسؤولين يضحكون عندما يقرؤون ويرمون الكتابة في سلة المهملات وهم يقولون:.. ابن الحرام كلامه صحيح!.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يعني الشتيمة جاهزة في كل الحالات، وعلينا ألا نغضب ونقدر ظروف المسؤولين، كان اللـه في عونهم، وما علينا إلا أن نجعل الفرح مهنتهم، كما هو مهنتي، فهل سننجح ونصمت كي نفرح قلوبهم المتعبة؟.