رياضة

مسيرة التصفيات المونديالية تكشف واقع الحال المتردي لمنتخبنا … كرتنا أمراضها مزمنة والحلول يرفضها المعنيون

| الوطن

قبل أربع سنوات وأربعة أشهر كتب الإعلامي السوري العلّامة أيمن جاده صفحة كاملة في صحيفة «الوطن» هذه متحدثاً عن المسيرة الظافرة لنسور قاسيون خلال تصفيات مونديال 2018 يوم باعدت خطوة بينهم وبين خوض الملحق النهائي على طريق المونديال الروسي، وكانت لغة الإعجاب والمديح المستحق طاغية على الكتابة ترجمة لأداء منتخب سورية الذي قارع منتخبات الصف الأول قارياً (إيران وكوريا الجنوبية والصين وقطر وأوزبكستان وأستراليا) رغم المصاعب التي كانت تحيط بجسد المنتخب والويلات التي كانت تحيط بسورية عموماً على هامش أزمة تكسر القلوب والنفوس من مختلف الجوانب.

في تلك المادة التي جاءت عناوينها:

اتركوا النسور تحلق عالياً فالسماء ما زالت تنتظرها

حافظوا على المدرب الحكيم لأنه من أهم مفاتيح النجاح

وفّروا الاحتكاك الكافي لهذا المنتخب وانتظروا المزيد

واليوم نعيد ما طرحه زميلنا الذي نفخر به وبما وصل إليه في عالم الإعلام الرياضي الذي لم يلق آذاناً مصغية رغم بساطة الطرح وسهولته عبر جملة من الحلول للحفاظ على المكانة السامية التي وصل إليها نسور قاسيون عندما تحدث عن المستقبل وكيفية مساعدة اللاعبين على الاستمرار في التحليق، في وقت كان الجميع يتحدث عن قرب إقالة المدرب المحلي أيمن الحكيم صانع ذاك الإنجاز الذي يستحق أن يكتب بماء الذهب وها نحن نعيد نفحات من تلك الحلول ذكرها وفق الترتيب التالي:

1- استكمال وتسهيل انضمام كل المحترفين المميزين مع الحفاظ على اللاعبين الناشطين محلياً وتقديم الدعم الكافي لهم مادياً ومعنوياً، فضم كل النجوم سيضمن لنا بلوغ مصاف النجوم في السماء.

وعذراً من القائمين على كرتنا فالأستاذ أيمن قال: كل النجوم وضعوا خطاً تحت كلمة النجوم..

لا ضم أسماء عادية لغايات غير رياضية ولذلك لا يكون لهم مكان في الملعب وما أكثر الأمثلة ولن نخوض أكثر من ذلك.

2- السعي لإنجاز اتفاق مبكر لاختيار الملعب البديل للمنتخب، ريثما يستعيد منتخبنا حق اللعب على أرضه وبين جمهوره في أقرب فرصة ممكنة، ولعل اختيار ملعب عربي يبدو أكثر دعماً للاعبين، فعندما يلعب المنتخب في بيروت أو عمّان، أو في مدينة خليجية فإنه سيحصل على مزية المساندة الجماهيرية الأكبر إضافة لقرب المسافة وعدم اختلاف التوقيت أو حتى المناخ.

وتم التعريج على هذا الطرح من منطلق أن منتخبنا كان يلعب في ماليزيا، وإلى اليوم لا مكان ثابتاً وتذكروا أن البداية كانت في الأردن والنهاية في الإمارات، بمعنى أن معضلة صغيرة كهذه لا نمتلك رأياً مرجحاً للبت بها من دون شوائب.

3- توفير شركة راعية للمنتخب تساهم في تقديم الدعم المادي واللوجستي الذي يخفف العبء عن اتحاد الكرة ويقرب المنتخب مما تتمتع به المنتخبات المتقدمة عربياً وعالمياً.

وتعقيباً على هذا الطرح تذكروا أيها السادة أننا لم نستطع تسويق الدوري السوري الذي شارف على نهاية مرحلة الذهاب، كما أنه لا شركة راعية للمنتخب خلافاً لبعض الأندية، وشر البلية ما يضحك.

4- الحرص على عقد اتفاقات مبكرة لإقامة مباريات ودية مناسبة ومعسكرات تحضيرية، بمقابلة منتخبات وأندية من مستويات ملائمة لخطة التحضير قبل كل منافسة واستحقاق.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن وديات المنتخب بعد انتهاء التصفيات المونديالية 2018 كانت وفق التالي:

العراق وأوزبكستان وقيرغيزستان والصين وعُمان والكويت واليمن والإمارات وإيران والبحرين ومنتخب الجزائر المحلي.

ما يعني أننا لم نواجه أي منتخب إفريقي أو أوروبي أو لاتيني واقتصرت المواجهات على منتخبات قارتنا، وهذا لا يساهم بالتطور.

5- حرص اتحاد كرة القدم على دراسة قرعة وجداول المباريات في كل منافسة يشارك فيها.

وعذراً من الأستاذ أيمن فهذا آخر ما يفكر به القائمون على كرتنا المغرمون بالسياحة والسفر على حساب المنصب، بل إنهم يجدون الشماعة بغيرهم كلما دعت الحاجة، وتكفي الإشارة إلى تغيير المدرب مرتين خلال فترة وجود اللجنة المؤقتة الحالية التي وجدتها فرصة للبقاء أطول فترة ممكنة.

وآخر ما حرر في هذا الجانب أن الاتحاد الدولي خاطب اللجنة المؤقتة كي ينتهي كل شيء خلال ثلاثة أشهر لينبلج اتحاد كرة قدم جديد.

6- عدم طرح أو إثارة انتقادات لا مبرر لها ولا طائل منها، مثل الحديث عن خيارات المدرب أو مردود بعض اللاعبين، وسوى ذلك مما يحبط ويعيق، وينقص ولا يزيد، بل فلننظر للمستقبل بتفاؤل وطموح، ولندعم هذه الحالة المفرحة التي أنارت قلوبنا بالأمل رغم كل الصعاب، وفي هذا الجانب يبدو دور الإعلام مهماً وفاعلاً.

وفي هذه النقطة غاب عن بال الأخ أيمن أن الشراكة الإعلامية التي يريدونها هي من طرف الإعلام فقط، وآخر ما يفكرون به العقلية المنفتحة على الإعلام وترجمة ذلك على أرض الواقع من خلال عدم اصطحاب الإعلاميين إلى المحفلين القاري ثم العربي.

والحديث عن خيارات المدرب واللاعبين تتكرر في كل جلسة حوار بما يضر ولا يفيد.

أجنحة مكسورة

الأستاذ أيمن تمنى يومها لنسور قاسيون المزيد من التحليق ولا يتسبب أحد بقصقصة أجنحتها المشرعة بقرار خاطئ قد يصدر عن نية حسنة، فما زالت السماء رحبة وما زالت تنتظر النسور القادرة سواء في كأس أمم آسيا 2019 ، أم في تصفيات كأس العالم 2022.

وها هي أمنياته لا يتحقق أي شيء منها لأن منتخب سورية هوى بأدائه بسرعة قياسية، إذ صعد للأعلى بسرعة الصاروخ وانحدر بسرعة الضوء نتيجة العبث بالرياضة السورية من كل حدب وصوب، وها هي تختصر عام 2021 المنصرم بالبطل الفردي معن أسعد الذي حقق برونزية في رياضة رفع الأثقال خلال الأولمبياد الصيفي المنصرم.

مقارنة بسيطة

لم يكن أحد يتخيل خروج منتخب سورية من دور المجموعات خلال نهائيات أمم آسيا 2019 عقب المسيرة الظافرة خلال تصفيات مونديال 2018، وخاصة أن مجموعتنا يومها ضمت أستراليا والأردن وفلسطين مع إمكانية تأهل الأول والثاني من المجموعات الست إضافة إلى أفضل أربعة منتخبات تحتل المركز الثالث، ومع ذلك حصلت النكسة الكروية.

واللافت للنظر أن منتخب قطر الذي هزمناه بثلاثة أهداف لهدف خلال رحلة التصفيات تلك حقق اللقب القاري عن جدارة واستحقاق بجملة أرقام قياسية لم يحققها أي منتخب بطل في تاريخ المسابقة، وهذا يدلل على اتحاد محترف همه العمل واتحاد هاو يفكر بطريقة بدائية.

كرتنا لماذا لا تتطور؟

في كتاب الزميل أيمن جاده «لماذا كرة القدم؟» أفرد فصلاً كاملاً للحديث عن الكرة العربية وسبب عدم تطورها، وهي:

لأن الكرة العربية تتكون من محترفين وأشباه محترفين ولكن الذين يديرونهم هم في الأغلب من الهواة.

لأن الكرة العربية لا تعرف الاحتراف الحقيقي وكأن الاحتراف بنظر القائمين على الكرة العربية دفع المال فقط.

لأنها لا تعمل وفق رؤية إستراتيجية واضحة ولمدة زمنية معقولة ولو بعشر سنوات، لأن النتاج السريع هو المطلب.

لأنها لا تملك ثقافة كروية حقيقية أو تقاليد أو حتى ثقافة الفوز والخسارة.

لأن جمهورها في أغلبه يفضل متعة الفرجة لا عناء التشجيع ولأن ولاءه للفوز وليس للفريق.

لأن قواعدها لا تملك مناهج صحيحة ولا توصل لاعبين مؤهلين وجاهزين للفريق الأكبر.

لغياب القدوة، فالقدوة من اللاعبين السابقين يجب أن يكونوا في حالة مادية وصحية واجتماعية ومعنوية جيدة لا أن يكونوا في حالة يرثى لها، وما أكثر الشواهد!

لأنها ضيعت الرياضة المدرسية التي كانت مفرخة للنوابغ والخامات.

لعدم الاهتمام بالفرق الشعبية الموجودة في الأحياء الفقيرة وعدم إرسال الكشافين إلى هناك.

والآن ألا ترون أعزائي القراء أن الأسباب الآنفة الذكر كلها يمكن إسقاطها على كرتنا الموجوعة المسكينة.

ونختم بما قاله رابح ماجر النجم الجزائري المعروف وأحد أبطال ملحمة خيخون 1982 يوم قهر الأشقاء الألمان المتعجرفين بهدفين لهدف يقول:

لكي تتطور الكرة العربية يجب الاهتمام بالصغار والمدارس وتكليف اللاعبين السابقين بأدوار رئيسية في التدريب.

فأين نحن من هذه المقولة التي نسمعها ولا نطبقها.

في الختام أردنا التذكير بمادة نشرت يوم الثاني والعشرين من تشرين الأول عام 2017 على أمل أن تلقى آذاناً مصغية عند المعنيين برياضتنا، لا أن يكونو أذناً من طين وأخرى من عجين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن