قرار «الأقارب» يثير الجدل … سوء حظ إن كان المسؤول أحد أقاربك وقت المسابقة … قرارات الوزراء ليست أقوى من القانون
| محمد راكان مصطفى- فادي بك الشريف
أثار قرار مجلس الوزراء الجديد وملحقه قرار وزارة التنمية الإدارية الخاص بما تمت تسميته بقرار ناظم للعلاقات بين الأقارب، استهجان شريحة من المتقدمين إلى المسابقة المركزية وردود أفعال كبيرة حيال توقيت صدور هذا القرار، الأمر الذي خلق جدلاً ومزيداً من التعقيدات حسب رأي الكثير من الراغبين وأحدث ضجة في صفحات التواصل الاجتماعي وبين القانونيين حول منطقية هذا القرار.
القرار الجديد تضمن في حيثياته استبعاداً جديداً بداعي القرابة، حتى ذهب البعض لاعتباره مُنافياً للدّستور، ولاسيّما المادة 33 التي تنص على أن الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم، كما أن المواطنة مبدأ أساسي ينطوي على حقوق وواجبات يتمتع بها كل مواطن ويمارسه وفق القانون، وأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وتكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.
«الوطن» رصدت ردود الأفعال حول الموضوع، حيث أكد مصدر (فضل عدم الكشف عن اسمه)، أن لا معنى للقرار على الإطلاق ويخلق مزيداً من التعقيد لا مبرر له، مضيفاً إن القرار لن يقدم ولن يؤخر، ولاسيما من يملك علاقات أو وساطة معينة سيستمر بالاعتماد عليها أينما كان.
وأكد المصدر أن القرار يشكل حرماناً للمواطن من التقدم لمسابقة بداعي وجود قريب له، وبالتالي حرمان المواطن من حق ليس مفترضاً حرمانه إياه، وذلك لأسباب خارجة عن إرادته، وبالتالي ندفع المواطنين وأصحاب الخبرات إلى الذهاب لأماكن وجهات بعيدة عن اختصاصهم وخبراتهم.
وأوضح المصدر أن للقرار أثراً سلبياً قد يدفع المتقدم إلى أساليب أخرى ملتوية إن افترضنا اعتماده على أقاربه لتعيينه، مضيفاً: قد لا يكون أقارب المتقدم أصحاب قرار أو تأثير في تعيين أو قبل هذا المتقدم، كما من غير المنطقي مثلا النظر إلى المتقدم على أنه متهم بالتواطؤ مع أقاربه لتعيينه، وهذا يعتبر تشكيكاً.
«الوطن» تواصلت مع عضو مجلس الشعب وأستاذ القانون العام في جامعة دمشق محمد خير العكام فقال: إن القرار يحمل في طياته تخوفاً أكثر من اللازم في تأثير صلة القربى على نزاهة المسابقة، إضافة إلى وقوع ظلم للمتقدمين أنفسهم، متسائلاً: ما ذنب المتقدم إن كان له قريب في هذه المؤسسة أو تلك؟
واعتبر العكام أن المسألة والقضية تتعلق بالأشخاص الممكن محاباتهم للمتقدم، وبالتالي يخلق ظلماً أكثر من اللازم، معتبراً أن القرار يتضمن إقراراً ضمنياً أن هناك شبهة فساد نتيجة صلة القربى.
مضيفاً: هناك افتراض بأن صلة القربى تؤدي إلى الفساد وهو افتراض لا يجب تبنيه أو الأخذ به على أنه القاعدة، وإنما القاعدة تستدعي تشكيل لجان نزيهة وحيادية في هذا الإطار، ولا يتأثر أعضاؤها بأحد وعلى حد قوله «هذا بيت القصيد».
وقال: هذا لا يمنع الفساد بشكل كامل، وإنما هناك ضرورة لاستقلالية اللجان وحياديتها، وبالتالي هناك أهمية لمنع الأشخاص من المحاباة وعدم الاستجابة لأي وساطة.
وأضاف: إن مبرر صدور القرار هو إحساس رئاسة الحكومة بأن هناك محاباة وفساداً في لجان التعيين والمسابقات المتعلقة، ولو لم يتولد لديهم هذا الإحساس والوقائع الملموسة لما أصدروا هذا القرار، والحل وجود لجان حيادية نزيهة لا تتبع لأحد ولا تتأثر بأحد، مع اعتماد أسئلة موضوعية وصولاً للبعد عن العامل الشخصي وبالتالي تحقيق النزاهة والشفافية، مؤكداً أن هذا يعتبر العمود الفقري في القضية.
وبين أن القرار ممكن أن يقلل من الأساليب الملتوية لكن لن يمنعها.
وحول قانونية القرار أوضح مسؤول حكومي سابق فضل عدم ذكر اسمه أنه غير مشروع، مؤكداً أنه لا يمكن وضع قيود على الراغبين بالتقدم إلى الوظائف العامة تحت مبرر استقرار العمل الوظيفي وغيره من المبررات.
وبيّن أن قرارات مجلس الوزراء لا تقيد النص التشريعي، موضحاً أنه لا يوجد نص في القانون رقم 50 ﻟﻌﺎم 2004 المتضمن نظام اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ الأساسي ﻓﻲ الدولة يعطي الصلاحية لمجلس الوزراء بالتقيد لهذه الدرجة.
وقال: ما صدر عن مجلس الوزراء بهذا الشأن يسمى لائحة بالمسمى القانوني السليم، وينبغي ألا تخالف نصاً تشريعياً، واللوائح التنفيذية تشرح القانون وتضعه موقع التطبيق، عبر وضع قواعد تفصيلية، ولكن أساسها موجود في النص التشريعي، ولا يجوز وضع قواعد جديدة غير موجودة في التشريع.
وحول إصدار الحكومة بعض القرارات التي لا تراعي بشكل تام التشريعات والقوانين، قال: هذه مشكلة كبيرة في مبدأ المشروعية القانونية، وعدم مراعاته اكبر خطر على البنية القانونية على الدولة.
وبين أنه يحق للمتضررين من قرار رئيس الحكومة التقدم بدعاوى عبر القضاء الإداري بهذا الشأن.
مضمون القرار الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء تم بعنوان ناظم للعلاقة الوظيفية بين الأقارب في ذات الجهة العامة والعلاقة الإشرافية بينه، والقرار يشمل القرابة أو المصاهرة حتى الدرجة الثانية، وإشغال الوظيفة العامة سواء التعيين أم الإسناد أو النقل أو الندب أو التكليف.
وحول تنظيم إشغال الوظيفة العامة بين الأقارب، نصت المادة الثانية على أنه لا يجوز إشغال الوظيفة العامة للعاملين في ذات الجهة العامة أو الوحدة التنظيمية وذلك لمن تربطه رابطة القرابة بالرئيس الإداري الأعلى للجهة العامة (وزير – محافظ- أمين عام رئاسة مجلس الوزراء- رئيس هيئة – رئيس جهاز – رئيس جامعة – مدير عام أو كل من له صلاحية الحق في التعيين).
إضافة لمن تربطه رابطة القرابة بالرئيس الإداري المباشر في ذات الوحدة التنظيمية (إدارة – قسم – مديرية – دائرة – شعبة – مكتب) ضمن الجهة العامة، ولمن تربطه رابطة قرابة بعامل آخر في ذات الوحدة التنظيمية ضمن الجهة العامة.
على أن يبدأ تطبيق أحكام الفقرة السابقة من هذه المادة على العاملين الجدد المعينين أو المتعاقد معهم بعد صدور هذا القرار، كما تنطبق أحكام الفقرة عند تعيين المرشحين لشغل مراكز عمل معاوني الوزير والمديرين العامين والمديرين المركزيين ورؤساء الدوائر وفق الأنظمة النافذة بعد صدور هذا القرار.
أما المادة الثالثة المتعلقة بتنظيم الحالات الوظيفية القائمة، فلا يجوز إشغال الوظيفة العامة للعاملين من الفئتين الأولى والثانية في الإدارات المركزية للوزارات وذلك لمن تربطه رابطة القرابة مع الرئيس الإداري الأعلى، ولمن تربطه رابطة القرابة مع الرئيس الإداري المباشر أو مع عامل آخر في ذات الوحدة التنظيمية.
وبموجب القرار تشكل لجنة في كل وزارة برئاسة الوزير المختص لمعالجة الحالات الوظيفية القائمة في الجهات العامة التابعة للوزارات أو المرتبطة بها للعاملين من الفئتين الأولى والثانية ممن تربطهم القرابة مع الرئيس الإداري الأعلى أو الرئيس الإداري المباشر أو مع عامل آخر في ذات الوحدة التنظيمية وفق ما نصت عليه الفقرة السابقة من هذا القرار ووفقاً لمقتضيات المصلحة العامة خلال مدة لا تتجاوز /3/ أشهر.
وفي حال كانت المعالجة بتحديد مركز عمل العامل أو نقله خارج الجهة العامة، يجب أن يتم النقل إلى مركز عمل لا يقل مستواه عن مستوى مركز العمل المنقول منه على أن تتوافر فيه شروط إشغاله ومطابقة بطاقة الوصف الوظيفي، وألا يكون هذا النقل إلى خارج المحافظة.
على أن تتم موافاة وزارة التنمية الإدارية بجداول الحالات الوظيفية القائمة الواردة في الفقرتين السابقتين من هذه المادة، والمعالجة التي أقرتها اللجنة ليتم إنشاء قواعد بيانات بذلك، ولا يجوز لأي عامل الاشتراك في أي قرار يتعلق بتقييم أو ترقية أي عامل تربطه به صلة قرابة.
ونصت المادة الخامسة على أنه لا تطبق أحكام هذا القرار على العاملين في المدارس كافة، ووحدات الإدارة المحلية من مستوى بلدة وبلدية وباقي الوحدات الإدارية التابعة للجهات العامة في البلدة والبلدية. وكل عامل يترتب عليه التزام بالعمل تجاه الجهة العامة.
وعلى الراغب بإشغال الوظيفة العامة وفق أحكام المادة /2/ من هذا القرار تقديم تصريح إلى الجهة العامة التي سيتم إشغال الوظيفة لديها يتضمن عدم وجود رابطة قرابة مع الرئيس الإداري الأعلى أو الرئيس الإداري المباشر للوحدة التنظيمية أو أي عامل فيها حسب الحال، مع مراعاة أحكام المادة الخامسة بأن يلتزم العامل الذي تربطه رابطة القرابة بالرئيس الإداري الأعلى أو الرئيس الإداري المباشر للوحدة التنظيمية أو أي من العاملين فيها، بإبلاغ مديرية التنمية الإدارية بذلك خلال مدة شهر من تاريخ نفاذ هذا القرار.
وبدورها أصدرت التنمية الإدارية قراراً تضمن ضرورة تقديم الراغب بالتقدم لمسابقة التوظيف المركزية تصريحاً إلى لجنة استلام الطلبات في الأمانة العامة للمحافظة يشمل عدم وجود رابطة قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الثانية مع الرئيس الإداري الأعلى أو الرئيس الإداري المباشر أو مع عامل آخر في ذات الوحدة التنظيمية التي يرغب المتقدم بالتقدم إليها ضمن الجهة العامة.