من دفتر الوطن

أبيع نفسي!

| عصام داري

من شاهد فيلم «مرجان أحمد مرجان» بطولة عادل إمام يعرف عن أي شيء أتحدث.

فهذا العنوان هو لديوان شعر نظمه شاعر مغمور فقام الملياردير(عادل إمام) بشرائه وطبعه ووضع اسمه عليه كأنه الشاعر في حين هو شبه أمي.
ليس هذا موضوعنا، فالموضوع أعمق وأشمل وأخطر، فهل وصلنا إلى مرحلة نعرض فيها أنفسنا للبيع؟.
في الكثير من دول العالم الثالث والرابع والثالث عشر والدول النامية والنائمة والحافية، في جميع هذه الدول المحسوبة على البشرية ظلماً وصلت الأمور إلى بيع الأم لأطفالها نتيجة الفقر المدقع، وهذه أخبار متداولة فعلاً.
لكن هل وصلت الأمور إلى أن يبيع الشخص نفسه في سوق نخاسة الألفية الثالثة؟ ومن سيشتري شخصاً ما؟ وماذا سيفعل به؟.
التفسير الوحيد المنطقي هو أن يبيع أعضاءه لمن يحتاجها ويملك المال، فقد سمعت أن «ثمن» الكلية ثلاثمئة مليون ليرة، وهو مبلغ يستطيع الشخص أن يشتري به بيتاً متواضعاً في الأرياف ومدن الصفيح!.
لكن الذي يبيع نفسه لا يرغب في اقتناء بيت، بل شراء كل ما يوفر له ولأسرته العيش الكريم من دون اللجوء إلى التسول والتوسل!.
فهو، على سبيل المثال، يحتاج إلى قنطار حطب كل شهر تقريباً لزوم الطبخ والتدفئة، ومن خلال البطاقة الذكية، وبإمكانه شراء القنطار من السوق السوداء بعشرة أضعاف سعرها الرسمي!.
كما يحتاج إلى«سراج وفتيلة» لزوم الإضاءة في البيوت، ويعرف جيلنا ما يعنيه السراج والفتيلة، اليوم وقد عز التيار الكهربائي يتم اللجوء إلى وسائل أجدادنا كي يدرس أبناؤنا وينجحون ويسهمون في بناء وطنهم، وتأكدوا أن المتفوقين في الدراسة هم الدين درسوا على ضوء السراج والفتيلة والشمعة أو القنديل، أو حتى على ضوء القمر.
في بلد ناء بعيد عن مركز الشمس تفرض الضرائب على الفقراء، وينجو الأغنياء منها، مع أن من يملك المال مسؤول عن فقر الفقراء بالأدلة الدامغة، وعلى طبقة الأثرياء والمدعومين رفد بيت مال المواطنين بالأموال اللازمة لإنقاذ الوطن من الأزمات، في حال تعرض لمثل هذه الأزمات لا سمح اللـه ولا قدر!.
لكن هناك خللاً ما في المعادلة، فالفقراء هم من يمولون بيت المال الخاص بهم فيأتي السيد فساد ويلتهم أموالهم وهو يضحك ويلعب، فيما المواطن يشوى ويقلى ويعذب!.
على فكرة في كل مرة كتبت فيها عن الفساد يعاتبني أشخاص لم أذكر أسماءهم ولا صفاتهم ولا مواقعهم في الدولة وكأن المثل الشعبي خلق لهم، إذ يقول المثل: «اللي فيه مسلة بتنغزو» يعني كما النكز في الفيسبوك، ، وأنا لا أفعل شيئاً خارج القانون، فقط أنكز هذا وأضغط زر اللايك لذاك!.
أخيراً.. هل أبيع نفسي ومن يتجرأ على بيع نفسه من أجل وجبة طعام ساخنة أو لحظة دفء ضائعة كأعمارنا!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن