قضايا وآراء

الثورة الإسلامية الإيرانية الرسالة المحقة سببت استمراریتها

| بقلم: سفير إيران في سورية مهدي سبحاني

أبارك الذكری الثالثة والأربعین لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية لكل المواطنین الإیرانیین ومحبي إیران وكل الذین یطلبون الحریة خاصة في سوریة الشقیقة والصدیقة.

إن الشعب الإیراني الواعي قبل ثلاث وأربعین سنة مع رفعه لشعار الاستقلال والحرية للجمهورية الإسلامية، وبالتعویل علی معتقداته الدینية والوطنية العميقة وتحت قیادة فقيه عارف بالإسلام وسیاسي بارز ورجل تقي وذكي قام بإسقاط نظام الشاه في إیران الذي كان یعتمد علی دعم القوی الأجنبية وأقام هذا الشعب نظاماً مبنیاً علی التعالیم الإسلامية الأصیلة.

هذه الثورة هي نتیجة معتقدات الشعب الإیراني العمیقة بالمبادئ والقیم الإسلامية المتعالية، ومطالبته بالاستقلال والحریة والبحث عن العدالة.

إن الرسالة المدویة والواضحة لهذه الثورة هي عدم الخضوع للهیمنة ونفيها، وعدم تدخل القوی الأجنبیة في الشؤون الداخلیة للشعوب والدفاع عن المظلومین والحق في تحدید المصیر والاستقلال في السیاسة الداخلية والخارجیة.

إن الهویة الإسلامية لهذه الثورة ومناهضتها للاستكبار والظلم ودفاعها عن مظلومي العالم خاصة الشعب الفلسطیني المضطهد، ومطالبتها بالاستقلال منذ البدایة، أدت إلی اتخاذ قرار نظام الهیمنة العالمي لإسقاطها وحرفها عن مسیرتها.

كان الرسالة المحقة لهذه الثورة سببت استمراریتها، ولحد الآن رغم كل العداوات والمؤامرات والحرب المفروضة والعقوبات والأعمال التخریبية ضدها واغتیال علمائها، تابعت هذه الثورة طریقها بكل قوة، وبناءً علی إحصائیات المنظمات الدولیة والبنك الدولي نجحت بالقیام بإنجازات باهرة في مجالات مختلفة ومن ضمنها العلوم والتقنیات مثل العلوم النوویة والخلایا الجذعیة وتقنیة النانو، وهندسة الطیران والفضاء الجوي، والطب وصناعة الأدوية، والصناعات العسكریة وعلوم الفیزیاء والریاضیات وصناعة الفولاذ، وإنتاج المواد الغذائیة، وكذلك إنجازات في الأولمبیادات العلمیة والمیادين الریاضية والثقافية والسینما.

إن مؤشر متوسط العمر المتوقع طوال الأربعین سنة الماضیة ارتقی من واحد وخمسین سنة إلی خمس وسبعین سنة، وطوال الأربعین سنة الماضية ارتفع مؤشر التنمية البشرية في إیران ستین رتبة، وكذلك طوال العشرین سنة الماضیة ارتقت مرتبة إیران في مجال إنتاج العلم في العالم ستاً وثلاثین رتبة، ووصلت إیران إلی المرتبة الأولی في المنطقة.

وفي علوم النانو صعدت إیران من المرتبة الثامنة والخمسین إلی المرتبة السادسة عشرة، وحازت إیران في مجال الخلایا الجذعیة وعلم الوراثة المرتبة الثانية في العالم.

كل هذه الإنجازات تم تحقیقها بجهود الشباب والاختصاصيين في داخــل إيران وهي نتیجة تقدیر الذات والثقة بالنفس والتعویل علی شعار «نحن قادرون».

بجانب هذه الإنجازات الداخلیة العظيمة یمكننا رؤية أبرز صدی للثورة الإسلامية في السیاسة الخارجية والاقتدار الإقلیمي.

إن الجمهورية الإسلامية الإیرانية وبناءً علی المبادئ المنصوصة في دستورها وفي إطار مبادئ العزة والحكمة والمصلحة، قامت بتنظیم وتطبیق إستراتيجيتها في السیاسة الخارجیة.

إن التوازن والدینامیكية والذكاء هي میزات سیاستنا الخارجیة الیوم، وإن الحد الأقصى من التعامل مع الجیران والدول ذات التوجه المشترك والدول الحلیفة والالتفات نحو إمكانات المنظمات الإقليمية والدولية وتنمية الدبلوماسیة الاقتصادیة وتعمیق العلاقات وزیادة التعاون بهدف الاستفادة من إمكانیات متقابلة مع كافة المناطق الجغرافیة المختلفة مثل آسیا وإفريقيا وأميركا اللاتینية وأوروبا، هو من ضمن برامج الجمهورية الإسلامية الإیرانية في سیاستها الخارجية.

إن الدعم الحتمي لمحور المقاومة والقضیة الفلسطینية وتعمیق مجالات التعاون مع الدول الصدیقة والشقیقة ومن ضمنها الجمهورية العربیة السوریة، هو من أولویات السیاسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

إن الإرادة السیاسية لكبار المسؤولین في الجمهوریة الإسلامية الإیرانية والجمهورية العربیــة السورية، هي تعمیق مجالات التعــاون بینهما علی جمیع الصعــد، بعد مرحلة صعبة من حرب مشـتركة في مواجهة الإرهابیین وداعمیهم الدولیین والإقلیمیین، والتي ســببت ارتقاء العلاقات الثنائیة بین البلدیــن علی المستوی الاستراتیجي، نحن عازمــون علی تعزیــز علاقاتنا الثنائیة في المستویات المختلفـة الاقتصادية والثقافية والعلمية والتعلیمیة والشــعبیة، وهناك إمكانات هائلــة لــدی البلدیــن لتعزیز مجــالات التعــاون بینهما، ولدینا عزم راسخ لاستخدام هذه الإمكانات.

إن الجمهوریة الإسلامية الإیرانية تدعم السلامة الإقليمية وسیادة الجمهورية العربیة السوریة بشكل كامل، ومع إدانتها للحضور غیر الشرعي للعناصر الأجنبية في الأراضي السورية، تؤكد علی ضرورة إعادة كل شبر من هذه الأراضي إلى سیطرة الحكومة السورية الشرعية.

إن أعداءنا لم یستطیعوا أن یصلوا إلی أهدافهم في ساحات القتال، وحالیاً یبذلون جهودهم للضغط علی الشعب السوري الشریف من خلال وضع عقوبات جائرة وقصف أعمی واستهداف الحاویات التجارية لكي یزیدوا من معاناة هذا الشعب، كما يسعى الأعداء من خلال بث دعایات إعلامية كاذبة لاستبدال مكان المنقذ بمكان المجرم.

نحن علی قناعة راسخة بأن الشعب السوري الشریف كما هزم أعداءه هزیمة أعطی من خلالها درساً وعبرة في نضاله مع الإرهاب، فإننا في هذه المرحلة الجدیدة أیضاً من خلال مقاومته سیعطي درساً كبیراً للإرهابیین وداعمیهم الدولیین.

إن الجمهورية الإسلامية الإیرانية كما دعمت سوریة الصدیقة والشقیقة في حربها ضد الإرهابیین، ستقف بجانب أخوتها السوریین في مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار.

وأری لزاماً علی نفسي أن أتقدم بالتقدیر والامتنان لتضحیات الشباب السوريین والإیرانيين الذین ضحوا بأرواحهم خاصة الحاج قاسم سلیماني، وهؤلاء قدموا دماءهم الطاهرة لأمننا واستقرارنا وأحیي أرواحهم الخالدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن