رياضة

في ذهاب الدوري الكروي الممتاز.. غياب للمستوى والمنافسة … منغصات متعددة وتوقفات طويلة وملاعب متصحرة

| ناصر النجار

انتهت مرحلة الذهاب من الدوري الكروي الممتاز يوم السبت الماضي مع بقاء مباراتين مؤجلتين، الأولى ستقام الجمعة بين تشرين وجبلة والثانية يوم السبت بين حطين وضيفه الشرطة وكلتا المباراتين ستقامان على ملعب الباسل باللاذقية.

وذهاب الدوري ممتلئ بالمنغصات والعقبات التي تجاوزت حد المعقول والتحمل، لذلك اعتبر المراقبون أن ذهاب هذا الدوري هو الأسوأ منذ انطلاق هذه المسابقة رسمياً في ستينيات القرن الماضي.

والذهاب انطلق رسمياً يوم الجمعة 13 آب 2021 وسينتهي يوم السبت 19 شباط 2022، أي إن ثلاث عشرة مرحلة بـ91 مباراة استغرقت ستة أشهر وأسبوعاً، وهذا كان كفيلاً بإنهاء دوري طويل، وإذا قارنا بيننا وبين الدوريات العربية والعالمية فسنجد أن الآخرين توقفوا مثل ما توقفنا، وكل الاتحادات الوطنية احترمت أيام الفيفا، وسارت بأنشطتها الرسمية حسب روزنامة العمل الموضوعة مسبقاً إلا اتحادنا تفرغ للمنتخب وأهمل الدوري وللأسف بعد كل هذا الهم والاهتمام والدعم جاء منتخبنا في المركز الأخير بمجموعته دون أن يحقق أي فوز، ما يؤكد على سوء النهج المتبع في قيادة كرتنا وقد وصلت إلى الحضيض.

انتظار ممل

فرق الدوري الممتاز دفعت ضريبة باهظة الثمن سواء على الصعيد المالي أم الفني جراء التوقفات المتكررة للدوري الممتاز، هذه التوقفات أطالت المدة الزمنية لمرحلة الذهاب ما أدى إلى مصاريف إضافية، فضلاً عن غياب الموارد المالية جراء توقف المباريات، فعانى الكثير من الأندية من الضائقة المالية لأن الحسابات اختلفت جذرياً جراء ذلك.

وعلى الصعيد الفني فإن المدربين كرروا المنهاج مع كل توقف واللاعبون ملوا التمارين التي باتت محفوظة عن ظهر قلب، ولم نشهد في العالم أجمع أن هناك خطة تدريبية لفريق يلعب مباراتين ثم يتوقف شهراً، وتتكرر هذه العملية خمس أو ست مرات للأسف.

هذا الأمر أثر برمته على الجاهزية الفنية والبدنية لكل اللاعبين في كل الأندية ما ساهم بتراجع المستوى العام للفرق وللمباريات.

ورغم محاولات بعض الأندية تنشيط تمارينها ببعض المباريات الودية إلا أنها ما أفلحت في ذلك، لأن العامل النفسي له دور كبير في إعداد اللاعب وهو يختلف من مباراة ودية إلى مباراة رسمية.

هذا الأمر برمته أدى إلى عدم نجاح العملية التدريبية بشكل عام ما ساهم باستقالة المدربين أو إقالتهم وقد بلغ الحد الأعلى، ربما شكل رقم التغييرات الفنية رقماً قياسياً، ولم تغير أندية الوثبة والطليعة وتشرين مدربيها وطال التغيير بقية الأندية لأكثر من مرة ويمكن استثناء حرجلة الذي أعاد مدربه بعد يومين من الاستقالة.

مشاكل إدارية

إضافة لهذه التوقفات وتأثيرها المالي والفني على الأندية، فإن الكثير منها كان مرتبكاً على الصعيد الإداري، ومن الطبيعي عند غياب الاستقرار الإداري أن ينعكس ذلك على الفرق الرياضية سواء بكرة القدم أم غيرها من الألعاب الرياضية.

الوحدة على سبيل المثال واجه لجنة مؤقتة بعد استقالة إدارته، وتم بعدها تشكيل إدارة جديدة، والكلام نفسه ينطبق على حطين، وعاش الكرامة ظروفاً إدارية صعبة، والاتحاد في مشاكل جمّة ولسنا هنا بصدد استعراض أزمات الأندية الإدارية، لكننا نقول: إن أغلب أندية الدوري عانى من المشاكل والمتاعب الإدارية التي ساهمت بزعزعة الاستقرار الفني والتطور الرياضي على كل صعد العمل الرياضي سواء أكان تنظيمياً أم فنياً، لذلك فإن كوابيس هذه المشاكل أرخت بظلالها على الفرق الكروية بشكل عام، وهناك الكثير من القصص التي يمكن أن نوردها عن تمرد بعض اللاعبين وتوقفهم عن التمرين كما حدث مع نادي عفرين، وانخفاض المجهود الذي يقدمه بعض اللاعبين كرد فعل مباشر على تقصير الأندية بالتزاماتها المالية مع اللاعبين.

من أجل ذلك فإن المنافسة على الصدارة تقلصت واقتصرت على فريقي الوثبة وتشرين الأكثر استقراراً، بينما ابتعدت فرق الوحدة والجيش والكرامة والاتحاد عن المنافسة لأنها انشغلت بأوضاعها الإدارية المتردية.

وحافظ جبلة على موقعه كالموسم الماضي ومثله الطليعة، ووجدنا تحسناً مطرداً في الفتوة وكذلك حرجلة على صعيد الأداء لا على صعيد النتائج.

وتدهور حال فريقي حطين والشرطة عن الموسم الماضي، ولم يثبت الوافدان، الجديدان النواعير وعفرين أي جدية بالبقاء بالدوري الممتاز وهما أكثر الفرق المرشحة للهبوط، وخطر الهبوط باعتباره سيلف أربعة أندية سيكون ملازماً لعدة فرق كالشرطة وحرجلة وحطين والفتوة وربما دخل الطليعة والاتحاد فهم قريبون من الخطر، لذلك فإن التوقعات أن تستعر المنافسات على الهروب من الهبوط في الإياب وإن تقتصر منافسات البطولة بين الوثبة وتشرين فقط.

واقتصار المنافسة بين فريقين محاذيره كثيرة وخصوصاً إن لعبت فرق الوسط دور الكومبارس في الدوري!

الخطر القادم

المستوى الذي قدمته الفرق في الدوري كان بشكل عام ضعيفاً ولم نشهد المباريات التي تسر القلب، وكل ذلك كان متعلقاً بالأسباب المعنوية والفنية والمالية التي تحدثنا عنها، وكان ذهاب الدوري من أكثر المراحل سوءاً على صعيد الأداء، وإذا اتجهنا إلى الأرقام كدليل لوجدناها تتحدث عن ذلك بصراحة ودون أي خجل.

الملاحظ أن العقم الهجومي كان سارياً بكل الفرق، فلم نشهد المهاجم الهداف، وهذا تجلى جلياً في فريقي الوثبة وتشرين وهما المتصدران فأهدافهما سجلها لاعبون من مختلف المراكز وغاب المهاجمون عن التسجيل، والكلام نفسه ينطبق على أغلب الفرق وبعضها لم نجد المسجلين فيها تجاوزوا الأهداف الثلاثة كالاتحاد والوحدة والكرامة وعفرين والشرطة.

وأفضل المسجلين كان مهاجم الجيش محمد الواكد بـ11 هدفاً ومهاجم الفتوة محمد زينو بسبعة أهداف وهذه أرقام معيبة بدوري لم تسجل فيه الفرق الـ14 أكثر من 207 أهداف في 89 مباراة أقيمت حتى الآن باستثناء المباراتين المؤجلتين.

وفي الدفاع الوضع أدهى وأمر، والكثير من أهداف الدوري جاء من أخطاء دفاعية ساذجة ارتكبها لاعبون، وأغلب الحراس الذين تعرضوا لأهداف سهلة أو ساهموا بأخطائهم وسوء تقديرهم بدخول الأهداف مرماهم هم حراس المنتخب الوطني للأسف، فعلام هذا يدل؟

لكن الأخطر من هذا وذاك أن كرتنا باتت فارغة من مضمونها لعدم وجود لاعبين، وهذا ما حدث تماماً في الميركاتو الشتوي عندما لم تجد أنديتنا أي لاعب يمكن أن يلتحق بها في الإياب، وهذا دليل على أن المخزون من اللاعبين قد نضب، وهذا يؤكد على ضرورة معالجة هذه الظاهرة الخطيرة عبر جملة إجراءات تفرض على الأندية العناية بفرقها القاعدية وخصوصاً اللاعبين الشبان من أجل ضخ دماء جديدة في جسد كرتنا المتهالك.

إجراءات ناقصة

على صعيد اتحاد كرة القدم المستقيل أو اللجنة المؤقتة فقد لاحظنا أن إدارتها لشؤون كرة القدم كانت ضعيفة للغاية، ونقتصر بحديثنا هنا عن النشاط المحلي.

فلم نجد الجدية الكاملة بالتعامل مع المسابقات المحلية وكانت آخر اهتمام القائمين على كرتنا.

التعامل مع الدوري كان بمنتهى اللامبالاة مع الحالات الصعبة، ولم يكن الاتحاد المستقيل أو اللجنة المؤقتة حازمة بتفاصيل الدوري ومواعيده، حتى الغرامات كانت متفاوتة بين ناد وآخر، وعلى سبيل المثال قررت اللجنة المؤقتة مقابل أن يلعب الوحدة مع النواعير بحضور الجمهور أن يدفع خمسة ملايين ليرة، لكنه سمح للاتحاد أن يدفع مليون ليرة فقط من أجل حضور جماهيره مباراة الطليعة الأخيرة، مثل هذه المعايير تفقد اللجنة المؤقتة مصداقيتها بالتعامل على قدر المساواة بين كل الفرق، ودوماً تأتي البلاغات خالية من العقوبات، وكأن ملاعبنا تحولت إلى المدينة الفاضلة، وهذا الأمر لا يساهم بضبط حالات الشطط التي تحدث في ملاعبنا وخصوصاً أننا مقبلون على إياب ساخن حامي الوطيس، حتى المباريات التي أقيمت بلا جمهور شهدت خرقاً واضحاً فحضر جمهور قليل، وسواء حضر مئة أم ألف فهي مخالفة واضحة وصريحة لقانون اللعبة وتنقص من هيبة القائمين على اللجنة المؤقتة.

من جهة أخرى لم نجد الانضباط سارياً في الملاعب، فوجدنا العديد من الملاعب قد امتلأ بالفوضى من الجماهير التي افترشت جوانب الملعب ونشرت «الوطن» في أعداد سابقة صوراً من ملاعب عديدة لبعض الجماهير وهي تفترش البساط الأخضر في الملاعب ومعها (زوادة) ونرجيلة، على مرأى من الحكام والمراقبين.

وهذا الأمر انتهينا منه في الفترة السابقة وقد صان الاتحاد الذي قبلهم قدسية الملاعب وعمل على إرساء النظام والانضباط داخل الملعب على أقل تقدير وهذا حدث في عهد اتحادي صلاح رمضان وفادي دباس.

الملاعب المتصحرة

الملاعب السيئة زادت طين الموسم بلة، فشاهدنا العديد من الملاعب لا يصلح لركوب الخيل، وبالفعل كانت الملاعب صورة سيئة عن الإهمال لمنشآتنا الرياضية.

والغريب أن مدرجات ملعب خالد بن الوليد في حمص غير جاهزة لاستقبال الجمهور، بينما أرضيته صارت صالحة بعد دخولها فترة صيانة طويلة، وبالمقابل فإن ملعب الباسل في حمص أرضيته سيئة للغاية ومرافقه الصحية في أسوأ حالاتها مع غرف الفريقين والحكام، فقط مدرجاته صالحة، أليس في هذا المثال مفارقة عجيبة؟

وسوء ملاعبنا لم يقتصر على أرضيتها فقط، فكل المرافق في الملاعب سيئة، وكل التجهيزات والمستلزمات تعاني من النقص والإهمال وكم من حادثة صورت كمغسلة مكسورة وملعب بلا رايات أو راية عليها قطعة قماش، ولوحات التبديل حدث ولا حرج، ناهيك عن وجود سيارات الإسعاف وغير ذلك.

ولسنا الآن بوارد الحديث عن المراقبين والحكام وتجهيزاتهم والعملية التحكيمية لأنها تحتاج إلى مساحة أخرى منفصلة.

أخيراً

ما تم استعراضه يمكن إصلاح العديد من هذه الأخطاء والهفوات والمنغصات، المسألة تحتاج إلى الجدية في العمل والتعاطي مع المسابقات بمنتهى المسؤولية، فهناك القسم الثاني من الدوري والمراحل المهمة من دوري الدرجة الأولى، ومسابقة كأس الجمهورية وهي تحتاج الكثير من المتابعة والرعاية والعناية، فهل نجد آذاناً مصغية لتجاوز كل هذه العقبات أم إن تغيير الحال من المحال؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن