سورية

التقى سلوتسكي وبحثا الأوضاع في سورية.. وأعرب عن تفاؤله بجهود تطبيع العلاقات بين دمشق والدول العربية .. المقداد يندد بحملة الغرب ضد روسيا: تهدف للحد من دورها في العالم

| الوطن - وكالات

ندد وزير الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، بالحملة التي يشنها الغرب ضد روسيا بسبب الملف الأوكراني، واعتبر أن هذه الحملة تهدف إلى الحد من الدور الروسي في العالم، معرباً عن تفاؤله بالجهود القائمة لتطبيع العلاقات بين دول عربية وسورية.

وأوضح المقداد الذي يزور موسكو حالياً في حوار مع قناة «روسيا اليوم»، رداً على سؤال حول هدف الزيارة والملفات المطروحة للبحث على طاولة المسؤولين الروس أن موسكو ودمشق على تواصل مباشر لكن هذه الزيارة لها طابع خاص، حيث سنناقش التطورات العالمية لأن هذه التطورات الآن لا تخص بلد بمفرده بل تتعلق بالوضع الدولي العام.

ورأى أن التصعيد الغربي ضد روسيا الاتحادية يأتي في إطار ممارسة مزيد من الضغوط عليها لمنعها من أن تكون لاعباً رئيساً في الوضع الدولي.

وأعرب المقداد عن اعتقاده، بأن «الفبركات التي حفلت بها وسائل الإعلام الغربي والتصريحات الكثيفة التي صدرت مؤخراً تذكرنا كسوريين بأن هذه الحملة التي يشنها الغرب وأميركا وبعض الدول الأوروبية وجيران الاتحاد الروسي بشكل مباشر بالحملات التي تعرضت لها سورية خلال المرحلة الماضية»، مشيراً إلى أنهم الآن يكررون هذه الهجمة نفسها على روسيا.

ولفت إلى أن هذا الوضع يذكرنا بالوضع الذي مارست فيه الدول الغربية أبشع أنواع الإرهاب الإعلامي والاقتصادي والدعاية المضللة والتي تجعل من المجرم ضحية، معتبراً أنهم يريدون أن يحرموا العالم من الدور المتوازن الذي تقوم به روسيا في عالم اليوم ويريدون القضاء عليه ووضع حد لتعددية الأقطاب التي بدأت تحظى بمزيد من الدعم من قبل دول العالم لكي تضمن الدول الغربية هيمنتها على الوضع الدولي.

وأوضح المقداد أنه إضافة إلى ذلك هناك قضايا مشتركة بين سورية وروسيا سنناقشها بالتفصيل وتتعلق بما يجري من أحداث في سورية وحولها.

ورداً على سؤال حول تأثير الأزمة الأوكرانية على سورية؟، قال المقداد «نحن لم نفاجأ بهذا التصعيد الغربي لا على الاتحاد الروسي ولا على سورية، فهذه هي السياسات الغربية قبل انتهاء الحرب الباردة وبعد انتهاء الحرب الباردة، ولكن عندما بدأت تتضح أكثر السياسة الروسية التي تصدت لهذه المحاولات الغربية للهيمنة على العالم جاءت هذه الدول الغربية لتحاول وضع حد لذلك، قبل أن تأخذ روسيا دورها التام في صياغة السياسات الكونية، وعلى هذا الأساس ما يحدث في أوكرانيا يؤثر على سورية، وأضاف: «نحن نواجه وضعاً خاصاً في سورية الآن من خلال الهجمة التي تمارسها الدول الغربية على سورية ووقوف الاتحاد الروسي إلى جانب سورية وكل هذه المسائل هدفها وضع حد لهذا الدور الروسي في دعم قضايا الشعوب العادلة بما في ذلك الموقف الروسي الذي يدعم سورية في محاربة الإرهاب الذي عانت منه سورية طوال السنوات الـ11 الماضية وهو إرهاب مدفوع مالياً وسياسياً وعسكرياً من قبل الدول الغربية التي تقوم الآن بالهجوم على روسيا.

ووصف المقداد العقوبات الاقتصادية الغربية بأنها «لا أخلاقية وهي مرفوضة دولياً وتقوم الدول الغربية بفرضها على شعب الجهورية العربية السورية». وقال «عندما يواجه المواطن الآن أزمة حقيقية في لقمة العيش ويواجه الأطفال مشكلة عدم وجود كميات حليب كافية لهم وعندما نواجه مشكلة أساسية في توفير الدواء لشعبنا وعندما نواجه مشكلة حقيقية في مكافحة الإرهاب، فإن من يخلق هذه المشاكل للوصول إلى غايات وأهداف سياسية هي الدول نفسها التي تقوم الآن بمهاجمة الاتحاد الروسي وهي نفسها التي تفرض عقوبات على الاتحاد الروسي».

وأشار المقداد إلى أن إجراءات الحكومة السورية لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية هي استثمار كل ما لدى الدولة من خبرات وإمكانات ومن دعم من الدول الصديقة للتخفيف من هذه الأزمة القاتلة التي تمر بها الجهورية العربية السورية.

وحول العلاقات مع الدول العربية والحديث عن جهود لتطبيع العلاقات بين هذه الدول وسورية؟، قال المقداد: «أتحدث بكل تفاؤل. هناك اتصالات كثيرة مع دول عربية نحاول من خلالها التغلب على المرحلة الماضية التي مرت بها هذه العلاقات نتيجة الهجمة الإرهابية ونتيجة دعم بعض الدول لهذه الهجمة والآن هناك وعي لدى بعض الدول العربية التي كانت متغولة بإيذاء سورية لهذه الحقيقة».

وأضاف: «الآن نحن لا نسأل عن الماضي ولا نحاسب عن الماضي لسببين: الأول أن سورية كانت تضحي من أجل شقيقاتها العربيات وعندما نتعرض جميعاً الآن في كل الدول العربية إلى تحديات حقيقية فإن سورية لا يمكن إلا أن تجد نفسها في موقف إلى جانب هذه الدول العربية». وتابع «سورية لا تتعامل مع شقيقاتها العربيات من الموقف نفسه، نحن نتعامل معهم على أنهم أشقاؤنا وسنتعاون مع الدول العربية وفق منظومة تسهل التعامل العربي – العربي والقضاء على مخلفات الماضي. نحن الآن نود إعادة بناء مواقفنا العربية من جديد وسوف لن نتعامل مع آثار الماضي».

ومضى المقداد قائلاً: «عفا اللـه عما مضى وننظر إلى المستقبل بعين ملؤها التفاؤل».

وعن العلاقة مع السعودية ومن أين تنطلق عملية إصلاحها: «كدول عربية جميعاً معنيون بإصلاح ذات البين، لأن هذه الهجمة ستطولنا جميعاً وأعتقد أن هناك الآن أسس تقنع أشقاءنا بالدول العربية التي اتخذت مواقف معينة في الأزمة السورية بأهمية إعادة الحد الأدنى من التضامن العربي».

وأعرب المقداد عن تفاؤله بالحوار السعودي – الإيراني، وقال نحن متفائلون جداً وندعو إلى تعميق هذا الحوار وندعم هذا الحوار ونريد أن يأتي هذا الحوار بنتائج معينة».

وحول عودة سورية إلى الجامعة العربية وإن كانت ستشارك في القمة العربية المقبلة؟، قال المقداد: «ليس المهم العودة المادية إلى الجامعة. نحن لم نشعر ولو للحظة واحدة بأننا غبنا عن العمل العربي المشترك. سورية كانت ومازالت إلى جانب العمل العربي المشترك وكان هاجسها الأساسي أن تكون الدول العربية قوية في مواجهة التحديات المفروضة عليها في هذه الظروف، وعند ذلك يصبح العمل في إطار الجامعة عملاً ممكناً»، وأضاف: «أستطيع أن أقول إننا متفائلون».

وعن مطالبة دول خليجية بحل سياسي للأزمة السورية وإقصاء النفوذ الإيراني؟، أشار المقداد إلى أهمية وجود علاقات طبيعية بين جميع الدول العربية وإيران، لافتاً إلى أن استعداء إيران تحت شعارات مختلفة لا يفيد العرب، لذلك يجب علينا في الجانبين العربي والإيراني أن نبدي مزيداً من الاهتمام بهذه العلاقات لكي تقوم على أسس واضحة، وأضاف: «نحن نقول كسورية ولأنه لدينا علاقات طيبة مع إيران قادرون على أن نقوم بدور لتقريب وجهات النظر بين طهران والدول الخليجية.

ورداً على سؤال عن سبب تأخر الرد السوري دائماً على الاستهداف الإسرائيلي للأراضي السورية؟ قال المقداد: «أقول دائماً إنه يوجد رد على المحاولات الإسرائيلية ونحذر إسرائيل من التمادي على هذه الاعتداءات فنحن لدينا ما لدينا من قوة نستطيع من خلالها الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة سواء كان في إطار الشرعية الدولية أو في إطار الدفاع عن النفس.

واعتبر المقداد أن هذه الاعتداءات تشكل خطراً مباشراً على الأمن والسلم الدوليين وليس على الأوضاع في المنطقة ويحق لسورية أن ترد عندما تريد ذلك بكافة أنواع الرد وعلى إسرائيل أن تعي هذه الحقيقة لأنها تغامر كثيراً عندما تكرر هذه الاعتداءات وصبر سورية وإرادتها يجب ألا يتم اختبارها وأؤكد أن سورية قادرة على الرد في أي لحظة ولكن نحن من يقرر ذلك.

وجدد المقداد التأكيد على أن الجولان السوري المحتل جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية ونحن متمسكون بآخر ذرة من ترابه ومتمسكون بآخر ذرة تراب أيضاً من التراب الوطني الفلسطيني وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة.

ووصف المقداد الوضع في الشمال السوري بأنه «خطير»، وقال: «إن الحرب التي فرضت على سورية والتي وصلت إلى مختلف أنحائها بدأت تتراجع بسبب صمود سورية وشعبها وقائدها»، لافتاً إلى أن الجيش العربي السوري بهمة رجاله ودعم الشعب قادر أن يبعد هذه الهجمة عن معظم الأراضي السورية.

وأضاف: «بقي لنا الآن تحرير إدلب ونحن نسعى إلى إنهاء الاحتلال التركي لهذه المنطقة بكافة الوسائل، لكن إذا لم يكن ذلك ممكناً فنحن قادرون على تحرير أرضنا»، مؤكداً أنه لم يغب عن ذهن سورية ولو للحظة واحدة حربها على الإرهاب من جهة والدعم الذي تتلقاه المجموعات الإرهابية من النظام التركي لإقامة دولة موهومة يعتقدون أنهم قادرون على إقامتها ولكن تجاوزها التاريخ والزمن والحقائق.

وشدد المقداد على أن الوجود الأميركي يجب أن ينتهي وهنالك الكثير من الوسائل لضمان ذلك ونحن نتحدث عن شرعية دولية ومفاوضات وأن لا مصلحة للولايات المتحدة باحتلال الأراضي السورية ودعم حركات انفصالية في الشمال الشرقي وتبني مطالبها لأنها تتحول إلى قاتل للشعب السوري سواء كانت «قسد» أم غيرها فهي الآن خارجة عن منظومة الشعب السوري وتحاول خدمة الأهداف الغربية بما يتناقض ومصالح الشعب السوري.

وحول الحوار مع «القوى الكردية» قال المقداد: «نحن دائماً نتحاور وهذا موضوع أصبح خلفنا ولكن نحن لم نشعر بمصداقية من نتحاور معهم في هذا المجال، وإذا أرادوا أن يكونوا سوريين وأن يحافظوا على وحدة أرض وشعب سورية فعليهم التخلي عن تحالفهم مع الأميركيين ومع قوى أخرى عدوة لسورية تحاول تفتيت وتقسيم البلاد ومهما بذلوا من دعاية هنا وهناك ونتابع الاتصالات التي تجريها «قسد» وغيرها مع بعض الجهات التي تستهدف سورية في الدول الغربية ليتحدثوا عن كيان لن يكتب له النجاح».

واعتبر أن «الحل الوحيد ليس بضمانات أميركية أو وجود استعماري أميركي في شمال شرق سورية ولكن من خلال حوار حقيقي مع الدولة السورية ونحن جاهزون».

وحول زيارة المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون ومبادرته وإن كان حل الأزمة السورية بعيداً أم قريباً، قال المقداد: «نحن نريد أن يكون الحل اليوم قبل الغد ولكن يجب أن تكون هناك أسس وما فائدة أن نقول توصلنا إلى حل وتتفتت سورية وهذا ليس حلاً وليس الطريق الذي سيقودنا إلى سورية المستقبل والتي يتطلع إليها الشعب السوري علماً أن الدولة تسيطر الآن على 85 بالمئة من الأراضي السورية».

وأضاف: «بقي لدينا ثلاثة أماكن السيطرة التركية وهي خطيرة في الشمال الغربي لأنه هناك دعم للإرهاب ولداعش ومقتل زعيم داعش في هذه الأراضي يثبت احتضان الدولة التركية لداعش وغيرها»، و«هناك الوجود الأميركي في الشمال الشرقي والدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للمجموعات الانفصالية والإرهابية في تلك المنطقة والنهب الذي تمارسه الولايات لمتحدة للثروات السورية ولن نتسامح مع من يسرق الثروات السورية ويجعل من أطفال سورية جياعاً ويجعلنا نستجدي من يعطينا القمح ومواد أخرى لكي نسد رمق الجائعين في سورية وهذا نعترف به نتيجة الحصار الغربي على سورية».

وتابع: «نقول على من يسرق النفط والقمح السوري وأطفال سورية يعيشون البرد والموت أحياناً نتيجة عدم وجود إمكانات كافية لتغطية هذه الاحتياجات عندما يسرق هؤلاء هذه الإمكانات الشعب السوري سيحاسبهم على هذه السرقات ويجب أن يدفعوا ثمن هذه السرقات ويجب أن يعيدوا هذه الأموال إلى الشعب السوري بدلاً من الإنفاق على ملذاتهم في الفنادق الفخمة».

والتقى المقداد أمس مع رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي، ليونيد سلوتسكي، وبحثا معاً مستجدات الأوضاع في سورية والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.

وأكد المقداد خلال اللقاء، أهمية وإستراتيجية العلاقة مع الاتحاد الروسي في تحقيق الأهداف المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم، مشدداً على أهمية الدور الذي تضطلع به الدبلوماسية البرلمانية في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، وذلك حسب ما ذكرت وكالة «سانا» للأنباء.

كما أدان المقداد الهسيتريا الغربية إزاء روسيا الاتحادية بهدف الإبقاء على سيطرة الغرب وأطماعه في إدارة شؤون العالم والتي من شأنها تأجيج وتصعيد التوتر على الساحة الدولية.

من جهته، جدد سلوتسكي دعم روسيا لسورية في مختلف المجالات وخاصة على صعيد تعزيز الاستقرار ومكافحة الإرهاب والحفاظ على سيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، مشدداً على أهمية تعزيز علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

حضر اللقاء كل من معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان وسفير سورية لدى الاتحاد الروسي رياض حداد ومدير إدارة أوروبا لؤي فلوح ومدير مكتب وزير الخارجية عبد اللـه حلاق ومن مكتب وزير الخارجية والمغتربين إهاب حامد والدبلوماسي في السفارة السورية في موسكو أحمد قدورة وعدد من المستشارين في مجلس الدوما الروسي.

وحسب «سانا» فإن المقداد ونظيره الروسي سيرغي لافروف سيعقدان جلسة محادثات اليوم صباحاً الساعة الحادية عشرة بتوقيت دمشق ومؤتمراً صحفياً مشتركاً الساعة 12.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن