عربي ودولي

الاتحاد الأوروبي أكد التوجه للرد بشكل موحد.. وكييف اقترحت قمة خماسية لبحث وقف التصعيد … بوتين يعترف بلوغانسك ودونيتسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا

| وكالات

في نهاية يوم صاخب من المواقف السياسية وحتى المناوشات العسكرية على خطوط الجبهة، خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليضع نقاط سياسة دولته على الحروف بشكل لا يقبل أي تأويل بأن المصالح القومية لبلاده وأمنها القومي لن يكون مجالاً للمساومة مع أي أحد، وهو الذي تجلى بإعلانه عن الاعتراف بكل من لوغانسك ودونيتسك، جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، طالباً من البرلمان الروسي الاعتراف الفوري باستقلالهما.
كلمة بوتين المطولة مساء أمس جاءت بعد أن كانت موسكو قد أكدت أن قمة بوتين والرئيس الأميركي جو بايدن التي اقترحها نظيرهما الفرنسي إيمانويل ماكرون غير مخطط لها بعد، لكنها ممكنة إذا قرر الرئيسان ذلك، وجاءت الكلمة أيضاً بعد أن اقترحت أوكرانيا عقد قمة بمشاركة «خماسية» مجلس الأمن وكييف وبرلين وأنقرة لبحث وقف التصعيد في دونباس، على حين أكد الاتحاد الأوروبي أنه يعمل على حل الأزمة الأوكرانية دبلوماسياً لمنع نشوب حرب.
وفي كلمة موجهة إلى الشعب الروسي، لفت بوتين، إلى أن «أوكرانيا بالنسبة لنا ليست دولة جوار فحسب، بل لدينا ثقافة مشتركة ودين مشترك، وأقرباء لنا هناك، وهم مواطنون روس وأرثوذوكس وهم جزء لا يتجزأ من تاريخنا»، موضحاً أن أوكرانيا العصرية بشكلها الحالي، شكلت من قبل روسيا بعد ثورة 1917، وأن جوزيف ستالين هو الذي منحها بعض الأراضي لتشكيل دولتها، وأن فلاديمير لينين، هو الذي خلق دولة أوكرانيا.
واعتبر بوتين أن أوكرانيا أصبحت موطناً لتقاسم السلطة والفساد من قبل قادتها الذين لم يستطيعوا إقامة دولة حقيقية ما أدى لاعتمادهم على الدول الأجنبية، مثل الولايات المتحدة الأميركية، مؤكداً أن قوى أجنبية هي من تدير الأمور في أوكرانيا في كل مستويات السلطة، وموضحاً أن الغرب والناتو يستغلان الأراضي الأوكرانية وحولا أوكرانيا إلى ساحة حرب.
وتوالت الردود الغربية على قرار بوتين، فلفت رئيس مجلس الوزراء البريطاني ​بوريس جونسون إلى أن اعتراف روسيا باستقلال دونيتسك ولوغانسك، انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا، معتبراً أن القرار الروسي، مؤشر آخر على أن الأمور في أوكرانيا تسير في الاتجاه الخاطئ.
ومن جهتها، ذكرت رئيسة ​المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين​، أن الاعتراف خرق للقانون الدولي وسيادة أوكرانيا، أما مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي ​جوزيب بوريل​، فأشار إلى أن الاتحاد وحلفاؤه سيردون بصورة موحدة وحازمة على قرارات بوتين.
وقبل ذلك، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دمتري بيسكوف في تصريحات صحفية أمس الإثنين وحسب موقع «روسيا اليوم»، إنه لم يجر التخطيط بعد لعقد القمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين، والأميركي جو بايدن، التي اقترحها نظيرهما الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وأضاف بيسكوف: الكرملين لا يستبعد إمكانية إجراء اتصالات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي جو بايدن، وإذا لزم الأمر، يمكن لزعيمي الدولتين الاتفاق عليها.. بالطبع، يمكن لرئيسي روسيا والولايات المتحدة في أي وقت اتخاذ قرار بشأن الاتصالات بينهما، سواء كانت هاتفية أم لقاءات شخصية.
وأوضح بيسكوف في الوقت نفسه أنه من السابق لأوانه الحديث عن تنظيم أي اجتماعات، منوهاً بأنه لم يتم التخطيط بعد لعقد القمة، وشدد على أن الاجتماع ممكن إذا رأى رئيسا الدولتين أنه مناسب، والآن هناك إجماع واضح وملموس على ضرورة مواصلة الحوار بين البلدين على مستوى الوزراء، وزراء الخارجية.
وجاء تصريح بيسكوف تعقيباً على إعلان قصر الإليزيه ليل الأحد الإثنين أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي جو بايدن وافقا من حيث المبدأ أن يلتقيا في قمة اقترحها نظيرهما الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ومن جانب آخر علق الكرملين على تقارير وسائل الإعلام الأميركية التي زعمت بأن روسيا أعدت قائمة بالشخصيات السياسية الأوكرانية التي يجب تصفيتها أو اعتقالها في حالة نشوب نزاع عسكري بين موسكو وكييف.
وقال بيسكوف للصحفيين أمس، رداً على سؤال الصحفيين حول هذه المزاعم والتقارير: «هذه تقارير كاذبة وغير صحيحة.. لا يوجد مثل هكذا قائمة إنها مزيفة وكذبة ذات خيال مطلق».
وفي وقت سابق، زعمت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، نقلاً عن مصادر، أن روسيا أعدت قائمة بالسياسيين الأوكرانيين الذين تم التخطيط لتصفيتهم أو اعتقالهم، بعد غزو أوكرانيا.
كما أفادت وسائل إعلام أميركية أخرى بأن واشنطن بعثت برسالة تتضمن مثل هذه المعلومات إلى ميشيل باشليت، المفوضة السامية للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان.
في غضون ذلك اقترح وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، أمس الإثنين، مناقشة سبل وقف التصعيد حول أوكرانيا بمشاركة «خماسية» مجلس الأمن الدولي وكييف وبرلين وأنقرة.
وحسب وكالة «تاس» نقلت الخارجية الأوكرانية عن كوليبا قوله في بروكسل: برأينا فإن الصيغة الأمثل لإجراء مناقشة حول وقف التصعيد وبلورة ضمانات أمن جديدة هي عقد قمة بصيغة تضم الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، وأوكرانيا وألمانيا وتركيا.
من جانبه أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل أن الاتحاد يبذل كل جهوده لمنع نشوب حرب وحل الأزمة الأوكرانية دبلوماسياً.
ووفقاً لوكالة «تاس» قال بوريل في تصريح صحفي أمس قبل انعقاد اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي: نحشد جهودنا لحل الأزمة الأوكرانية دبلوماسياً، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي أكمل العمل على حزمة العقوبات ضد روسيا وفي حال تطورت الأوضاع سيتم عقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول الاتحاد للإعلان عنها.
بدوره أعلن رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، دينيس بوشلين، عن «تفاقم حاد» للوضع في منطقة ماريوبول، مضيفاً إن معركة جارية بالقرب من الحدود مع روسيا.
وحسب وكالة «نوفوستي» قال بوشلين في بيان: لقد تصاعد الموقف في ماريوبول بشكل حاد. هاجم مسلحو اللواء 36 مواقع وحدات القوات الشعبية في منطقة كومينترنوفو. وهناك تجري معركة بالقرب من الحدود مع روسيا.
وشدد بوشلين على أنه نتيجة لقصف بقذائف الهاون والمدفعية، قتل جندي من قوات دونيتسك الشعبية وأصيب آخرون.
ومنذ يوم الخميس الماضي، تصاعد الوضع في دونباس، وأعلنت جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان المعلنتان ذاتياً عن عشرات الهجمات من قبل القوات الأوكرانية.
كما أعلنت سلطات الجمهوريتين عن عمليات الإجلاء للمواطنين إلى منطقة روستوف الروسية، تضم النساء والأطفال وكبار السن، على خلفية تصاعد حدة القصف والتوتر في جنوب شرق أوكرانيا (دونباس).
إلى ذلك أعلن جهاز الأمن الروسي أن قذيفة أوكرانية استهدفت نقطة تفتيش حدودية روسية في روستوف على الحدود الأوكرانية.
وأضاف مراسل «روسيا اليوم» أمس إن قصفاً من الجانب الأوكراني أصاب ودمر نقطة لحرس الحدود الروسي داخل الأراضي الروسية على بعد 150 متراً عن الحدود مع أوكرانيا.
وأعلنت وزارة الداخلية الروسية، أن قذيفة أطلقت من أوكرانيا أصابت نقطة دائرة الحدود التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي في منطقة روستوف.
وأصدرت الوزارة بياناً رسمياً قالت فيه: في 21 شباط عند الساعة 9:50 صباحاً، أطلقت قذيفة مجهولة الهوية من الأراضي الأوكرانية وسقطت على نقطة حدودية تابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي ودمرت كلياً دون وقوع أي إصابات.
وأضاف البيان: المركز الحدودي يستخدم كمكان عمل النقطة الحدودية لإدارة الحدود التابعة للأمن الفيدرالي الروسي في مقاطعة روستوف، ويقع على مسافة نحو 150 متراً من الحدود الروسية الأوكرانية.
إلى ذلك أعلن الجيش الروسي أمس الإثنين عن إحباط عملية انتهاك الحدود الروسية من قبل مجموعة تخريبية جاءت من جهة أوكرانيا، وأن 5 متسللين قتلوا على يد القوات الروسية.
وجاء في بيان أصدرته المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية أن دورية لحرس الحدود الروسية رصدت عملية تسلل عبر الحدود في نحو الساعة الـ6:00 قرب إحدى البلدات بمقاطعة روستوف الحدودية.
وتابع البيان: إن الدورية طلبت إرسال فريق من القوات المسلحة الروسية المكلفة بدعم أداء حرس الحدود في المنطقة إلى مكان الحادث، وأنه خلال الاشتباك عبرت ناقلتان مدرعتان أوكرانيتان الحدود الروسية بهدف إجلاء المتسللين بشكل طارئ، وتم القضاء عليهما بنيران الوسائل الروسية المضادة للدبابات، مشيراً إلى عدم سقوط إصابات أو ضحايا في صفوف العسكريين الروس.
وتتواصل في الأيام الأخيرة جهود دبلوماسية لتسوية الأزمة حول أوكرانيا، حيث تشهد منطقة دونباس بجنوب شرق البلاد تصاعداً أمنياً حاداً، وسط تبادل كييف وقادة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين (المعلنتين من طرف واحد) الاتهامات بخرق الهدنة على خط التماس بين طرفي النزاع المسلح.
وتزامن تفاقم الأوضاع الأمنية في المنطقة مع استمرار كبار المسؤولين الغربيين في الحديث عن تخطيط روسي مزعوم لـ«غزو أوكرانيا»، على الرغم من نفي موسكو ذلك مراراً وتكراراً وإعلانها عن بدء انسحاب قواتها من الحدود مع أوكرانيا، بعد انتهاء التدريبات العسكرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن