من دفتر الوطن

أبطال التبرير

| عبد الفتاح العوض

قد أكون أنا وأنت من متعاطي التبرير، لكن أبطال التبرير في بلدنا هم المسؤولون.. المسألة لها علاقة بعقل مجتمع يحتاج كل فرد فيه ليبرر كل شيء للآخرين.. تبدأ القصة من تلك التصرفات الفردية والسلوكيات الشخصية لتصل فيما بعد إلى قدرة التبرير للخطايا الكبرى. تعليم الحاجة للتبرير تبدأ بحياتنا مبكراً، فنحن بحاجة بشكل أو بآخر للانصياع للصورة التي يريدها المجتمع لنا وقلة أولئك الذين استطاعوا أن ينجزوا ذواتهم كما يشتهون. ولا أظن أن مجتمعنا يسمح لهؤلاء بالعيش بسعادة وعليهم حتى أن يبرروا سعادتهم.

وعلينا الاعتراف أن ثمة معدلاً طبيعياً للتبرير، فهو حاجة نفسية لكن المشكلة عندما يزيد على المعدل الطبيعي كما هو حالنا!!
عندما يتحدث علماء النفس عن التبرير يقولون عنه حيلة دفاعية وحسب نظرية التحليل النفسي «إنّ الدفاعات النفسية التي ينحدر منها التبرير هي إستراتيجيات نفسية، تقوم بإنكار الحقيقة أو التلاعب بها عن طريق اللاوعي، من أجل حماية الفرد من القلق النفسي».
يتحول التبرير إلى مرض كما يحدث، وهنا لبُّ الحديث عندما يقوم المسؤولون بحالة من التبرير الدائم للأزمات التي يعاني منها المواطن، ورغم أن هذه التبريرات أصبحت مزمنة ولكنها مازالت صالحة للاستخدام عند البعض وحتى لو انتهت صلاحية التبرير وبقيت الأزمة أو المشكلة فهم لا يعدمون الإبداع بخلق تبرير جديد.
عقلية التبرير هذه لا تساعد في حل المشاكل فقط، بل يمكن اعتبارها بضمير مرتاح أنها خطأ آخر ومشكلة إضافية.. لعل محاولة تفسير لماذا تحدث الأزمات سيكون أمراً مفيداً على أن تقترن بخريطة طريق لحلها أو بمواعيد لإنهاء هذه الأزمات، أما أن نسعى فقط لشرح المشكلة وتفسيرها وتبريرها فلن يقدم للمواطن ما يريده.
لو كل مسؤول لديه مشاكل في القطاع الذي يديره يخرج للناس مع خريطة حل وليس مع ورقة تبرير لكان كثيراً من مشاكلنا تم التعامل معها بطريقة أفضل.
إيجابية التبرير أن الذي يقوم به مازال يهتم بأن يبرر لك… لكن بعض مسؤولينا توقفوا عن تبرير أي شيء ففي مثل هذه الحالة لا يمكن انتظار أي حل ببساطة عند هذه المرحلة لا تفسير إلا حالة العجز.
يا أبطال التبرير… لم يعد الكثير من الناس يصدق هذه المبررات، والحالة التي تمارسون فيها التبرير ليست ضمن المعدل الطبيعي.. لهذا ربما من المناسب لكم وللناس التوقف كلياً عن إيراد الأعذار.
ما يحتاجه الناس هو الحلول..
المسؤول هو الذي يملك الحل أو حتى الوعد بالحل.. والتبرير ليس حلاً.

أقوال:
– ليس المهم أن نبذل قصارى جهدنا، بل المهم أن نبذل ما هو مطلوب منا.
– سُئل حكيم ذات مرة: ما أجمل شيء قد رأيته؟ فقال: لم أرَ أجمل من شخص رأى جميع عيوبي وما زال يُحبني.
– لسنا مُجبرين على تبرير المواقف لمن يُسيء الظن بنا، من يعرفنا جيداً يفهمنا جيداً.
– تبدو الأخطاء كبيرة عندما يكون الحب صغيراً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن