ثقافة وفن

للغة الأم.. يوم عالمي يذكّر بأهميتها … المركز الثقافي الروسي.. يحتفي بيوم اللغة الأم في ثقافي كفرسوسة … سوخوف لـ«الوطن»: نوجه رسالة سلام إلى كل شعوب العالم

| سارة سلامة- تصوير: مصطفى سالم

أقام المركز الثقافي الروسي في دمشق حفلاً موسيقياً بمناسبة يوم اللغة الأم، شارك به عدد من الفرق الشعبية للناشئة المقيمين في سورية من كل بلدان: روسيا، سورية، بيلاروسيا، أوكرانيا، مولدوفا، إضافة إلى فرق شركسية وأرمنية.

وفود كثيرة توافدت إلى مركز ثقافي كفرسوسة لتشارك في إحياء اللغة الأم، حيث تنوع الغناء وتعددت اللغات في هذا اليوم الذي هو أشبه بمهرجان أو كرنفال يشهد على توق الناس للأهازيج، ساعة وبضع الساعة من الوقت امتدت النشاطات المختلفة بقيادة فرق فنية استطاعت استحواذ اهتمام الحضور وتفاعلهم مع الأغاني المترسخة في عقولهم.

صورة المجتمع السوري

وعن أهمية هذا الاحتفاء وماذا يحمل من معانٍ كشف مدير المركز الثقافي الروسي في دمشق نيكولاي سوخوف في تصريح خاص لـ«الوطن» أنه: «في ٢١ من شهر شباط من كل عام يحتفل العالم بيوم اللغة الأم، وهذا ما دفعنا حقيقة لإقامة الحفل لنقدم للجمهور السوري بعض المكونات الموجودة في المجتمع السوري من سوريين وأرمن وشراكس وروس وأوكرانيين وبيلاروس، هذه المكونات الواردة من روسيا والاتحاد السوفييتي السابق من خلال الزواج المختلط وهناك أجيال جديدة وناشئون سيقدمون فنهم في الغناء والرقص وهذه بصورة عامة صورة المجتمع السوري الموحد والمتنوع في الوقت نفسه، ونحن من خلال الثقافات نتوحد كبشرية من خلال الفن والرقص والغناء والشعر نوجه رسالة سلام إلى كل شعوب العالم».

يوم اللغة الأم

حددت منظمة الثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو) تاريخ 21 شباط من كل عام يوماً عالمياً للاحتفال باللغة الأم، حتى تلفت فيه الانتباه إلى دور اللغات في نقل المعرفة، وتعزيز التعدد اللغوي والثقافي.

ويرمز اختيار تاريخ هذا اليوم تحديداً من كل عام للاحتفال باللغة الأم، إلى اليوم الذي فتحت فيه الشرطة في دكا عاصمة بنغلاديش النار على تلاميذ خرجوا متظاهرين للمطالبة بالاعتراف بلغتهم الأم – البنغالية- لغة رسمية في باكستان بشطريها الغربي والشرقي آنذاك.

وتعود تلك الأحداث إلى عام 1948، عندما قام مؤسس جمهورية باكستان محمد علي جناح بإعلان فرض «الأوردية» لغة وطنية وحيدة، يتم التداول بها على الأراضي الباكستانية على اعتبارها اللغة الجامعة لأغلب العرقيات في باكستان.

ونتيجة ذلك قامت الطبقات الوسطى المناهضة في «باكستان الشرقية» -جمهورية بنغلاديش الحالية قبل انفصالها عن باكستان- بانتفاضة عرفت لاحقاً بـ«الحركة اللغوية البنغالية»، حيث تظاهر الطلبة ضد القرار، ففتحت الشرطة الباكستانية النار عليهم ما أدى إلى مقتل خمسة من الطلبة البنغاليين بالقرب من كلية الطب في مدينة دكا يوم 21/شباط 1952.

وبعد أن امتدت الاحتجاجات لتعم سائر الأقاليم البنغالية، اضطرت الحكومة المركزية فيما بعد للاعتراف باللغة البنغالية لغة متداولة على قدم المساواة مع اللغة الأوردية في باكستان.

وباقتراح من دولة بنغلاديش، وافقت اليونسكو على تخليد هذا اليوم تحت عنوان «اليوم العالمي للغة الأم» في مؤتمرها العام في تشرين الثاني 1999، بموافقة 28 دولة، ويحتفل بهذا اليوم سنوياً منذ شباط 2000.

سنة دولية للغات

وفي 16 أيار2007، أهابت الجمعية العامة للأمم المتحدة -في قرار لها- بالدول الأعضاء «التشجيع على المحافظة على جميع اللغات التي تستخدمها شعوب العالم وحمايتها».

وأعلنت الجمعية العامة -في القرار نفسه- اعتبار عام 2008 سنة دولية للغات، لتعزيز الوحدة في إطار التنوع وتعزيز التفاهم الدولي مع تعدد اللغات والتعدد الثقافي.

وخصصت اليونسكو جائزة توزع في هذا اليوم على اللغويين والباحثين ونشطاء المجتمع المدني مقابل عملهم في مجال التنوع اللغوي والتعليم المتعدد اللغات، وشرعت المنظمة في توزيع هذه الجوائز منذ عام 2002، وحازت عليها عدة شخصيات تهتم بميدان اللغات إضافة إلى عدة مؤسسات تعليمية من 11 بلداً. ومن هنا راح الجميع يبدون اهتمامهم بحفظ اللغة الأم.

وتعتبر اليونسكو أن اللغات هي الأدوات الأقوى التي تحفظ وتطور تراث الشعوب، لأن اللغة هي الوعاء الذي ينقل ميراث الشعوب وتقاليدها وعاداتها، وتعبر من خلالها عن هويتها.

وتسعى المنظمة من وراء تخصيص يوم عالمي للاحتفال باللغة الأم إلى تحقيق عدة أهداف منها:

– إبراز أهمية التنوع اللغوي في العالم، في عصر هيمنت فيه ظاهرة العولمة.

– حماية مقومات هوية شعوب الكرة الأرضية، ومن أبرزها اللغة.

تعزيز التعدد اللغوي والثقافي

واختارت اليونسكو لعام 2017 موضوع «نحو مستقبل مستدام من خلال التعليم المتعدد اللغات». تقول المنظمة التابعة للأمم المتحدة إنه من أجل تعزيز التنمية المستدامة، يجب أن يحصل المتعلّمون على المعرفة بلغتهم الأم إضافة إلى اللغات الأخرى، كما أن إتقان اللغة الأم يساعد على اكتساب المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب.

وتسهم اللغات المحلية- ولاسيما لغات الأقليات والشعوب الأصيلة- في نقل الثقافات والقيم والمعارف التقليديّة، وبالتالي تسهم على نحو كبير في تعزيز مستقبل مستدام.

والجدير بالذكر أن أرقام اليونسكو تؤكد أن هناك أكثر من 50 بالمئة من اللغات المحكية في العالم -والبالغة سبعة آلاف لغة حية- معرضة للاندثار في غضون بضعة أجيال، وأن 96 بالمئة من هذه اللغات لا يتحدث بها سوى 54 بالمئة من سكان العالم.

أما اللغات التي تعطى لها بالفعل أهمية في نظام التعليم فلا يزيد عددها على بضع مئات، ويقل المستخدم منها في العالم الرقمي عن مئة لغة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن