الأمن القومي الروسي خط أحمر ولهذا جاء اعتراف موسكو باستقلال دونيتسك ولوغانسك … الجعفري: سورية أبدت قبل شهرين استعدادها لبناء علاقات مع الجمهوريتين
| الوطن
أكد نائب وزير الخارجية والمغتربين بشار الجعفري أن توسع حلف الناتو شرقاً لا يهدد روسيا فقط بل العديد من الدول ولهذا رفضت موسكو ذلك بشدة.
وأشار الجعفري في حوار مع الإعلام الرسمي إلى أن الأحداث المرتبطة بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين وإعلان روسيا الاعتراف باستقلالهما عن أوكرانيا له علاقة بالجغرافيا السياسية ولهذا فالجميع معني بهذا الأمر، وقال: «الأمن القومي الروسي خط أحمر ولهذا جاء اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك».
وشدد الجعفري على أن سورية وانطلاقاً من مواقفها المبدئية تدعم اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وهي كانت أبدت قبل شهرين استعدادها للعمل على بناء علاقات مع الجمهوريتين في سياق المصالح المشتركة، وأضاف: «نحن جزء من الاشتباك الجاري حالياً فوق الساحة الأوكرانية، والمسألة تتعلق فيما إذا كانت واشنطن ستنجح بفرض النظام القطبي الواحد على الكرة الأرضية أم لا والأمر مرتبط بالجغرافيا السياسية وسورية بالمعنى الجيوبوليتيكي جزء من هذا المشهد، والصين وفنزويلا وإيران أيضاً».
وأشار الجعفري إلى أن هناك ثلاث دول كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي هي الأكثر أهمية لموسكو وهذه الدول هي أوكرانيا وبيلاروس وكازاخستان، وهي دول امتدت لها اليد الاستخباراتية الأميركية، لأنها الأكثر أهمية للأمن القومي الروسي، فالمسألة لا يمكن تبسيطها إلى أنها خلاف حدودي أو أنها نزعة انفصالية، بل هي مسألة جيوبولتيك بالمعنى الكامل للكلمة، فإذا نجحت أميركا بإدخال أوكرانيا للناتو فمعنى ذلك أن موسكو أصبحت على بعد دقيقتين من الصواريخ النووية للناتو، وبالتالي الأمن القومي الروسي خط أحمر، لذلك كل ما نراه من صلابة روسية هو لأن موسكو تدرك تماماً التداخل والاشتباكات الجيوبوليتيكية في كثير من الملفات بما فيها سورية.
وكشف الجعفري بأن الرئيس بشار الأسد وعندما استقبل قبل شهرين وفداً من مجلس الدوما الروسي برئاسة ديمتري سابلين وهو من جمهورية دونيتسك، وطرح الرئيس الأسد استعداد سورية للاعتراف السوري بجمهورية دونيتسك وذلك قبل الأزمة القائمة اليوم بشهرين، حيث كانت هناك قراءة سورية دقيقة لما يجري، وسبقت سورية الروس حتى في قراءتها للمشهد، حيث تنطلق سورية من أن مواجهة السياسة الغربية هو من مصلحة شعوبنا واستقرارنا ومن أن التصدي للهيمنة الغربية مطلوبة، والسياسة السورية مبدئية في هذا الموضوع وسورية من الدول القليلة بالعالم التي أسست دبلوماسيتها على أساس المبادئ، وهي من هذا المبدأ تقف مع موسكو في إحساسها المبرر والمشروع بأن أمنها القومي معرض للخطر، وأضاف: «لم نكن سذّجاً في تحليل ما يجري ودمشق تعرف بأن الغرب يكذب ويكذب، وحلفاؤنا الروس استراتيجيتهم بالسياسة مختلفة قليلاً عن القراءة السورية وهم رغم كل ملاحظاتهم على الغرب ما زالوا يسمونهم بأنهم شركاء، لكن سورية تجاوزت هذه النقطة وتدرك بأن الغرب يكذب دائماً».
واعتبر الجعفري أن السياسة السورية في التكتيك قد نتعثر لكن بالإستراتيجية وفوق الإستراتيجية لا تخطئ وكانت قراءة سورية واعية ودقيقة وأثبتت الأحداث أن هذه القراءة سليمة.
الجعفري أوضح أن الغرب مستاء جداً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأنه أعاد روسيا المعارضة للسياسات الغربية بعد افتراضه بأنه تم حصرها وأصبحت بحالة دفاعية ولن تلعب سياسة معارضة للسياسات الغربية، وواشنطن تعتبر أن عودة روسيا بوتين للساحة الدولية هو خروج على اتفاق ما بعد الاتحاد السوفييتي، وبوتين أعاد روسيا للعب دور المعارض على مستوى السياسات الغربية، وجاءت الصين لتؤازره ما أحدث رعباً في الدوائر الغربية، وكان أول تطبيق عملي للمفهوم الإستراتيجي الروسي في سورية ودخولها لمساعدتها في مكافحة الإرهاب كان إعلان من جانبها بانتهاء العهد الذي حصرها فيه الناتو، وإعلان بأن اللعب بالأمن القومي الروسي خط أحمر.
واعتبر الجعفري أن من يتحمل مسؤولية الأزمة هو الذي يقترب من الخطوط الحمر لدولة مهمة مثل روسيا ومثل الصين، مشيراً إلى أن موضوع طريق الحرير مهم للصين وهو إستراتيجية سلمية ذكية فوق العادة، وهو توسع تجاري غير عنيف وبإرادة الدول وفيه شراكة وفائدة، أما المنطق الغربي فمختلف وهو يفرض قناعاته كما يحصل مع أوكرانيا.
ورأى الجعفري أن بوتين هو زعيم كبير مدرك لما يجري داخل سورية وشارك بمحاربة الإرهاب وتم إنشاء قاعدة حميميم في سورية لمحاربة الإرهاب واليوم تم توسيع مهمة هذه القاعدة بموافقة سورية وتم جلب صواريخ إستراتيجية إليها، وبالتالي لم تعد القصة محاربة الإرهاب وإنما انتقلنا إلى دور إستراتيجي، وسورية شريكة في هذا الدور ومن هنا جاءت زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى سورية في خضم هذه الأحداث لأننا شركاء اليوم في مواجهة الهيمنة الغربية، التي لم تعد تهدد سورية فقط، وإنما أصبحت على أبواب موسكو.
الجعفري أكد أن الحديث عن إمكانية تأثير المتغيرات الخاصة عبر الوجود الأميركي على الأرض السورية وأن تكون سورية ساحة مختلفة نوعاً ما في هذا الصراع الروسي- الأميركي، بأنه صحيح معتبراً أن الولايات المتحدة تنظر على الدوام إلى المنطقة كساحة للصراع.
وأشار الجعفري إلى أن إستراتيجيات الكذب عند الغرب فشلت على أبواب دمشق، ومع ذلك هم يصرون اليوم في أزمتهم مع روسيا على الاستمرار في هذه الإستراتيجية، وحقيقة ما تطلبه روسيا هو ضمانات أمنية والابتعاد عن الحدود الروسية، مشدداً على أنه لن يكون هناك حرب عالمية وإنما حروب إنهاك من خلال التسليح الغربي الأميركي لما يسمى النازيين الجدد في أوكرانيا، وربما هناك خطط لغزو دينتسك ولوغانسك لكن المتضرر سيكون المواطنون في أوكرانيا والجمهوريتين عبر استخدام أرضهما كساحتين للصراع المحدود مع روسيا.
وشدد الجعفري على أن سورية جزء من المشهد الحاصل وهي تؤثر وتتأثر، واليوم لم يعد بالإمكان نجاح إستراتيجيات مكافحة الإرهاب من دون سورية، كما أن الاستقرار الإقليمي لن يحدث من دون دمشق، وفقد العرب ثقلهم بسبب ما فعلوه مع دمشق.
وقال: «رغم ما قد يخطر في ذهن البعض من أن سورية ضعيفة اليوم بسبب الحرب التي شنت عليها، لكن في الإستراتيجية فإن سورية «تلعب صح»، لأنه لنتخيل لو أن سورية اتخذت موقفاً آخر غير الذي اتخذته في عام 2011، فما هو البديل»؟ مبيناً بأن إسرائيل تشعر اليوم بالخوف أيضاً لأن المشروع الغربي- الأميركي لم ينجح وسقط على أبواب دمشق.