ثقافة وفن

في حفل تأبين المناضل الشاعر خالد أبو خالد … ممثل نائب رئيس الجمهورية: كان عاشقاً للشام بقي مقيماً فيها رافضاً خيانتها ومغادرتها في عز أزمتها

| وائل العدس - تصوير طارق السعدوني

برعاية نائب رئيس الجمهورية السيدة الدكتورة نجاح العطار، أقامت وزارة الثقافة – اتحاد الكتّاب العرب في سورية والاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، حفل تأبين المناضل والشاعر خالد أبو خالد في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.

الشاعر الكبير والنبيل، عاشق فلسطين الأبدي رحل قبل أن يكتمل حلمه بالعودة إلى فلسطين، بصوته الأبحُّ المميز، وبشعره الغاضب والمتفوق توجّه إلى فلسطين.

كان شاعراً مهماً ومميزاً، لا يتخلف عن أي منبر يدعى للمشاركة فيه، عن أي منبر كان يقف مناجياً فلسطين الحبيبة، أمل العودة والثورة يحدوه دوماً في أدبه المميز، فكان صوتاً شعرياً فلسطينياً وعربياً مميزاً.

الحارس لحكايات البلاد

كلمة راعية الحفل ألقاها الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وممثلاً عن فصائل المقاومة الفلسطينية الدكتور طلال ناجي وقال فيها: «خالد أبو خالد هو الفارس والفتى الكنعاني وقامة النخيل ووردة الياسمين الدمشقية الرهيفة، خالد شعراً وموقفاً وثباتاً، هو الفدائي.. الحارس لحكايات البلاد ورواية جده الفلسطيني الأول، هو المتجذر حقيقة وحلماً وواقعاً من النهر إلى البحر».

وأضاف: «قصيدة خالد أبو خالد تشبه قامته العالية، وحضوره المؤثر في السياسة والثقافة، هي القصيدة الملحمية التي لم تتغرب رموزها ودلالاتها في سراديب الحداثة المعلبة، فلا حاجة حين ونمضي بين صباحات ومساءات شعره وليل عذابات المنفى، أن نلجأ إلى تفسيرات مدارس المنجمين وتعويذات النقاد، والمصابين بلوثة التشابه مع عوالم لا ترى فينا إلا بقايا خيمة تعبث بها الريح».

وأشار إلى أن أبو خالد الشاعر والإنسان، هو الفضاء الذي تحلق صور رسائله وأسراب طيوره، ما بين هديل حمام القدس وأقصاها ويمام الأموي، وهو الماثل في معنى اللغة والموقف بين مقلاع فتى فلسطيني، وسيف دمشقي يصنع ملحمة النصر، ويهزم وجه الإرهاب والاحتلال.

وأكد أن الشاعر الراحل ترجل عن صهوة النضال، تاركاً إرثاً كبيراً من النضال والشعر والقصائد المقاتلة، نحت فيها هوية فلسطينية اصطبغت في كثير من تفاصيلها بتجربة شعرية ونضالية زادها اللجوء عمقاً، مؤكداً بطلان الاحتلال ومناقضته لكل الشرائع السماوية.

ولفت إلى أن التكريم اليوم هو تكريم لفلسطين ولجيل البندقية والقلم، جيل القواعد والميادين، جيل الثورة الذي لم يكل أو يمل ولم تلن له قناة، ولم يعرف النصب ولا الخوف ولا الوجل. جيل تحرير كامل تراب فلسطين، وهو تكريم للثقافة وللشعر وللشعراء والمثقفين في فلسطين، لأن خالد أبو خالد علم من أعلامها ومعلم من معالمها ورمز من رموز الثقافة والمقاومة في فلسطين والوطن العربي الكبير. ففي شعره، نجد فلسطين والقدس وجنين ونابلس، نجد الشآم وحلب وبغداد وعمان، نجد القاهرة وبيروت ونجد تونس والقيروان، نجد طرابلس وعدن وصنعاء، وكل بقعة من أرضنا العربية. وفي شعره نجد القضية حية لا تموت، نقرأ صمود فلسطين وتألق شعبها في الدفاع عنها وإبقاءها حية لا تموت. ونجد صوت المقاومة في لبنان وانتصاراتها ونجد الشام تعبق شعراً وياسميناً ومقاومة.

وختم بأن الشاعر خالد أبو خالد كان عاشقاً للشام، بقي مقيماً فيها رافضاً خيانتها، ومغادرتها في عز أزمتها، كتب في حب الشام من لا يكتبه إلا الأوفياء لياسمين الشام وقبابها ومآذنها وأجراس كنائسها، كما بعث تحية لسيادة الرئيس بشار الأسد ولشعب الشام المقاومة وجيشها المقدام ولتضحيات أهل الشام».

العوديسا الفلسطينية

كلمة وزارة الثقافة ألقاها المدير العام للهيئة السورية للكتّاب د. ثائر زين الدين بدأها بالقول إن الشاعر الراحل كثّف اثنتي عشرة مجموعة شعرية بدأت منذ عام 1970 مع مجموعة «الرحيل باتجاه العودة» التي صدرت في القاهرة، مروراً بـ«قصائد منقوشة على مسلة الأشرفية» عام 1971، و«وسام على صدر الميليشيا» و«شاهراً سلاسلي أجيء» و«بيسان في الرماد» وصولاً إلى «رمح لغرناطة، وها هي تجمع في عمل ضخم بهي يختار الشاعر عنواناً يبدو غريباً للوهلة الأولى «العوديسا الفلسطينية»، وستنشر الهيئة مختارات منه اعترافاً منها بأهمية هذا العمل فنياً ووطنياً، وتقديراً لمكانة الشاعر ودوره».

وكشف أن أبو خالد يتقمص شخصية «عوليس» ويلبسها قناعاً، وهذا النص واحد من أهم ما كتبه الشاعر، فقد خرج فيه من الغنائية الذاتية التي غرق فيها شطر كبير من شعرنا العربي إلى فضاءات العمل الدرامي الملحمي الحافل بالأصوات التي تكسر الرتابة ومزج فيه أيضاً شكلين من أشكال الكتابة الشعرية قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر.

ورأى أنه مهما قلنا في الشاعر والفنان التشكيلي والإعلامي وقبل هذا وذاك الفدائي خالد أبو خالد فسنبقى مقصرين.

جسر النضال والشهادة

وقال رئيس اتحاد الكتّاب العرب د. محمد الحوراني في كلمته: إن الشاعر الراحل كان من رعيل الأوائل الذين تسلسلوا رمزاً تلو الآخر في ساحات المصير ومعاركه من فلسطين إلى عمان فالكويت ثم دمشق مربط الفارس الأقرب إلى فلسطين وموطن الثبات على الفعل المقاوم الرافض للتطبيع، إنه الصوت الذي روّى بالبندقية والكلمة الرّيشة نضال ثراه ليثبت للعالم أننا نمضي وأكفاننا على أكتافنا لأن طريق النصر لا يمر إلا عبر جسر النضال والشهادة.

وأوضح أن أبو خالد أقسم منذ خطواته الأولى مقاوماً وثائراً وشاعراً أن يكون تحرير فلسطين من دمشق.

وشدد على أن الراحل صوت ضمير الأمة ورفيق درب الأحرار الذين زحزحوا عن كاهل الأمة وفلسطين مفردات النكبة والمأساة وأحلوا مكانها فلسطين النار والثأر ورصاص الكلمة والخندق.

قنطرتان وسيفان

الأمين العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين مراد السوداني وصف الشاعر الراحل بأنه أحد أسماء فلسطين الحسنى وقائد أركان الشعرية الفلسطينية المقاتلة، صاحب المسيرة والسيرة الباذخة العالية الذي ظل دمه نخيلاً للنخيل، ولم تسلبه اللحظة ولم يسقط فيها.

وكشف أن الراحل أكد أن فلسطين ودمشق لا تدافعان عن نفسيهما فقط بل هما قنطرتان وسيفان للصدق والحق والحقيقة.

وفاء وإخلاص واقتدار

أما عضو الأمانة العامة للكتّاب والأدباء الفلسطينيين عبد الفتاح إدريس فقال: «يحق لنا أن نكبر بك وأنت اليوم سيد الكلمة المقاومة وإمامها ونشيد المؤمنين العائدين إلى وطنهم فلسطين بقوة الإرادة والمقاومة والتصميم، وقد أوليتها يراعك وشعرك وبيانك الوطني المشرف، ونفذتها في روح الأجيال ورواد المقاومة والأدب والبيان، وأنت اليوم تنضم إلى جيل من المبدعين الوطنيين، وتلحق بأصدقائك وأسلافك الشعراء والمقاومين، ومن بعدك وبعدهم فإن الكلمة الرصاصة التي أطلقتها من منابر الإبداع والشعر سوف تظل نبراساً وعقيدة، ومبدئية، بثوابتها وبعطائها، يتوارثها الأبناء والأجيال والمخلصون من أبناء أمتنا.

وأعلن في وداع أبو خالد الأخير تسجيل وفاء وإخلاص واقتدار يحمل العبء الثقافي والوطني الذي حمله خالد أبو خالد وإننا على العهد متابعون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن