رياضة

البلياردو رياضة العصر الحديث.. استثمار جيد بلا فاعلية رياضية وصعوبات كبيرة … الخوري: معاناة كبيرة بسبب الأوضاع المالية وارتفاع قيمة التجهيزات الرياضية

| ناصر النجار

منذ زمن ليس بالبعيد تحاول اللجنة التنفيذية بدمشق تشكيل لجنة فنية لرياضة البلياردو والسنوكر والبولينغ وحتى الآن فشلت في مسعاها، والسبب في ذلك بسيط جداً لعدم وجود كوادر للعبة في دمشق! حتى في بقية المحافظات فالوضع ليس بأفضل.

ورياضة البلياردو والسنوكر والبولينغ رياضة الرفاهية والصالات، ونجد أن أغلب الشباب مهتمون بها ويزاولونها، لدرجة أننا نجد طاولات اللعبة منتشرة في الكثير من الصالات والمولات والمسابح والمنشآت السياحية.

وتبين لنا أن هذه الرياضة اعتُمدت في إطار أنديتنا كرياضة استثمارية لجذب المال وليس لصناعة اللاعبين والأبطال.

في دمشق إذا بحثنا عن هذه الرياضة نجدها مختصرة بنادي المحافظة، وبدأ نادي الجيش بها مؤخراً وهي قديمة بنادي بردى إنما ضمن إمكانيات النادي الضعيفة، وفي بقية الأندية نجد الطاولات منتشرة بيد المستثمرين في كل زوايا الأندية، وتؤجر هذه الطاولات في الساعة ولم تبحث الأندية عن مراقبة اللعبة في ديارها بأن تكتشف المواهب الزائرة لهذه الطاولات وتبني لها فريقاً، بل فضلت المال على الرياضة ولو أنها جمعت المجدين لكان الوضع أفضل ولحققت اللعبة الهدف من وجودها.

هذا باختصار حال البلياردو، فالأندية تستثمرها مالياً وتبتعد عنها رياضياً ولا أحد يحرك ساكناً في هذا الاتجاه، كاللجنة التنفيذية مثلاً أو اتحاد اللعبة وكأن أمر هذه الرياضة لا يعنيهم من قريب أو بعيد.

وإذا سألنا عن البولينغ والترامبول فهما موجودتان بالاسم ضمن (كليشة) الاتحاد وغير موجودتين فعلياً، وهما رياضة سياحية ينظم بطولاتها الشركات والفنادق بغطاء قانوني من اتحاد اللعبة.

الحال السيئة التي وصلت إليها اللعبة تعود لإهمال اتحادها وتعامله باللامبالاة معها، فعلى صعيد الكوادر من مدربين وحكام وإداريين لم يقم اتحاد اللعبة بتنظيم دورات تأهيل وصقل وترقية منذ سنوات، فبقيت هذه الكوادر (القديمة) تسيطر على مفاصل اللعبة بشكل تام وهي بقرارة نفسها لا تريد أحداً أن يقاسمها مصالحها من خلال سيطرتها على اللعبة وكل مفاصلها، فالحكام لم يتغيروا ولم يزيدوا، والمدربون لم يتحركوا من درجاتهم الدنيا قيد أنملة، وبقي المدربون الكبار مسيطرين، مع العلم أن المنتفعين من هذه اللعبة بين إداريين ومدربين وحكام لا يتجاوزون عدد أصابع اليد.

من جهة أخرى فإن البطولات قليلة جداً ولولا تبني نادي المحافظة للعبة لما رأينا لاعباً واحداً يشارك في بطولة خارجية.

آراء عديدة

«الوطن» وصلتها شكاوى عديدة من منتسبي اللعبة سواء أكانوا لاعبين أم من الكوادر، طالبوا بتحسين واقع اللعبة الصعب من ناحية البطولات وتأهيل الحكام والمدربين وغير ذلك، معتبرين أن اتحاد اللعبة مقصر جداً في إدارته للعبة، ولأن أغلب من حاورناه فضل عدم ذكر اسمه لأسباب تخصه فإننا أحلنا هذه الشكاوى إلى رئيس اتحاد اللعبة ليجيب عليها.

عوائق عديدة

رئيس اتحاد اللعبة الموجود على كرسيه منذ أكثر من ثلاث دورات انتخابية يعتبر سفير اللعبة في الخارج ويتمتع بمناصب كبيرة خارجياً وهو فخر للبلد في هذه المحافل، لكنه على المستوى الداخلي مقصر جداً بمتابعة اللعبة والاهتمام بها وتطويرها، كما أن بعض أعضاء الاتحاد لا يعرفون ماهية اللعبة وقوانينها وهذا تم اكتشافه فعلياً في إحدى البطولات للأسف.

ميشيل خوري رئيس اتحاد اللعبة يجيب على التساؤلات بقوله: بالنسبة للدورات المختلفة سواء دورات المدربين أم الحكام أم الدورات الإدارية والتنظيمية، فقد طالبنا في مؤتمر اللعبة الأخير بإقامة دورات في المحافظات تنظمها اللجان الفرعية على أن يقوم اتحاد اللعبة بتقديم كل ما يلزم لهذه اللعبة من محاضرات ومستلزمات تضمن نجاحها، ولكن لم يتقدم حتى هذه اللحظة أي لجنة فنية لتنظيم أي دورة!

أما على الصعيد المركزي فإننا أعلنا عن دورات عديدة إلا أن العدد لم يكتمل لتنظيم هذه الدورات والسبب الكلفة العالية التي منعت الكثير من المشاركة، فإذن السفر لم يعد يكفي أجرة الطريق، والمتدربون غير جاهزين لدفع تكاليف الدورة من جيوبهم وهذا هو المبرر لعدم حضور الدورات وتنظيمها.

من جهة أخرى فإن العزوف عن حضور الدورات يأتي لأن شهادات التدريب والتحكيم في البلياردو غير مؤثرة في العمل الخاص كما هي في ألعاب القوة، فأي لاعب كاراتيه أو بناء أجسام أو جودو وغيرها من هذه الألعاب لا يمكن منحه ترخيص بيت رياضي إن لم يكن يحمل شهادة تدريب، لذلك نرى أبناء ألعاب القوة يتسابقون على هذه الدورات بعكس رياضتنا.

في السابق (قبل أكثر من عشر سنوات) عندما استضفنا بطولة العالم شارك من سورية بالتحكيم 22 حكماً منهم دوليون بدرجات عليا.

هناك سبب آخر لقلة عدد الكوادر ويتمثل بهجرة الكثير من كوادر اللعبة ولاعبيها إلى الخارج، إضافة للابتعاد عن اللعبة وأجوائها من خلال البحث عن مهنة أخرى لكي (يتعيش) منها المدربون والحكام، فاللعبة لم تعد تطعم خبزاً!

نؤكد (والكلام لميشيل) أننا لا نرغب بإقامة دورات ليس لها قيمة أو فائدة، فأنا ضد منح الشهادات لمن لا يستحقها، لذلك أنا ضد دورات (السلق) وإن لم تكن الدورة غنية ويستحق روادها الشهادة الرياضية فأنا لا أرغب بالكم على حساب المستوى والخبرة.

إضافة لذلك فإن كل لاعب على مستوى دولي يمنحه اتحاد اللعبة شهادة تدريب وتحكيم، لأن لاعبنا الدولي من خلال مشاركاته الخارجية يكون قد هضم اللعبة وقوانينها وهو قادر على إدارة المباريات باللعبة مدرباً أو حكماً.

عوائق مالية

يضيف رئيس اتحاد اللعبة: أن هناك الكثير من الصعوبات المالية التي تعوق تقدم اللعبة واستمرارها وتتمثل الصعوبات على الشأن الفردي بضعف إذن السفر الذي أصبح لا يشجع اللاعبين على المشاركة في البطولات لأن أغلبهم سيتحمل النفقات وهذا يخص الكوادر أيضاً، ومع أن التنفيذيات تحاول أن تقدم شيئاً في هذا الإطار إلا أنه لا يكفي لأنه ضمن أطر القانون.

مع ارتفاع أسعار السوق ومع العقوبات الاقتصادية على بلدنا فإن هناك صعوبة بتوفر مستلزمات اللعبة من مصادرها الأصلية، وهناك شح في السوق المحلية، وإن توفرت فإن أسعارها باهظة الثمن جداً ومكلفة للغاية، سواء ثمن طاولات أو ستيكات أو غير ذلك من أدوات اللعبة الأساسية والمعروفة، لذلك نحن هنا نقول: لا جود إلا بالموجود، وقلة المواد والطاولات الأصلية يساهم بتراجع مستوى اللعبة بكل تأكيد.

تجاوب ضعيف

كما تم ذكره فإن الأندية أو أغلبها غير متعاونة لتطوير اللعبة ونحن نأسف للأندية التي تستثمر اللعبة مالياً دون أن تهتم بها رياضياً، والمسألة في هذا الإطار غير صعبة لأنه بإمكان هذه الأندية أن تستقطب من يزاول اللعبة عندها وأن تنظم له كشفاً وترعاه ليكون ممثل النادي في البطولات الفرعية والمركزية، وفي هذا الإطار فإننا نقدر الجهد الذي يقوم به نادي المحافظة من خلال رعايته اللعبة ودعمه لها.

أيضاً هناك تقصير واضح من اللجان الفرعية في العديد من المحافظات بالنهوض باللعبة ومتابعتها ومتابعة أنديتها ولاعبيها.

أما موضوع اللجنة الفنية بدمشق فهو موضوع غير صحي، وسنحاول معالجته في القريب العاجل مع اللجنة التنفيذية بدمشق ليصار إلى تشكيل لجنة فنية بأسرع وقت.

أخيراً

هذه الرياضة وصلت إلى مرحلة جداً من التراجع والتقهقر، ونحن نلوم القائمين على اللعبة وعلى الرياضة على ما وصلت إليه، ونحن لسنا قلقين من نتائج اللعبة محلياً وخارجياً، بل بتنا نخشى على وجودها الذي بدأ يتلاشى، وهنا نحاول أن نوصل صوت محبيها لإنقاذها.

لا نريد التبرير وخصوصاً وضع الفشل والركود واللامبالاة على الأزمة، فهذه هي الأماكن السياحية وغيرها تنشط فيها هذه اللعبة ولديها أبطال بمستويات عالية ولم تثنهم الأزمة وغلاء المعيشة عن متابعة التحصيل المالي والتفوق الرياضي، وإذا كان اتحاد اللعبة محدد الإمكانيات فإن اللوم يقع على المكتب التنفيذي الذي لم يستطع تأمين حاجات ألعابه الرياضية وليس اتحاد البلياردو وحده من التجهيزات والمستلزمات والأمور المالية، وهنا نخص بالذكر إذن السفر كأضعف الإيمان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن