سورية

جددت التأكيد على دعم سورية للعملية العسكرية في أوكرانيا … ووصفت حديث الغرب عن العداء مع النازية بأنه «كذبة كبرى» .. الشبل: الغرب سيعاني من العقوبات أكثر من روسيا نفسها

| وكالات

جددت المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية، لونا الشبل، أمس، التأكيد على دعم سورية للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وأن روسيا لم تلجأ لهذه العملية إلا بعد أن استنفدت كل الفرص ووصل التهديد والخطر العسكري عليها إلى خطرٍ قاتل، وشددت على أنه لا يحق للدول التي دعمت الحروب السابقة في عدد من دول العالم ومنها سورية، إدانة روسيا التي باتت مضطرة للدفاع عن نفسها، معتبرة بالوقت ذاته أن الغرب سيعاني من العقوبات التي يفرضها على روسيا أكثر من روسيا نفسها.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن الشبل تأكيدها أن سورية تدعم هذه العملية العسكرية، مشددة على أن مسار العمل العسكري لا يمكن الحديث عنه من دون رؤية كل ما سبقه من عمل سياسي ودبلوماسي، وقالت: «والسؤال هل كانت روسيا تسعى وتحضر لهذا العمل العسكري كما يحاولون تسويقه، بالتأكيد لا».

وأضافت الشبل: إنه «إذا كنا نريد أن ننظر للموضوع بشكله الصحيح، يجب العودة إلى مفاوضات بوش الأب وغورباتشوف وهلموت كول في مباحثات توحيد ألمانيا وكان الشرط الرئيسي الروسي في حينها هو عدم تمدد «الناتو» شرقاً، وقد وعد بوش الأب روسيا وعداً قاطعاً بذلك، وطبعاً لم يفِ بوعده، وعلى مدى كل السنوات اللاحقة ومع أن روسيا لم تعد عدواً للولايات المتحدة بل وطرحت أن تكون جزءاً من «الناتو» بقيت الولايات المتحدة الأميركية تتعامل مع روسيا كعدو وحركت حرب الشيشان الأولى والثانية وبعدها أحداث 2004، عندما رتبت انقلاباً في أوكرانيا وأحضرت حكومة مناهضة لروسيا، وصولاً إلى عام 2014».

وأكدت الشبل، أنه خلال كل تلك السنوات مارست روسيا سياسة الاستيعاب والاحتواء وغض النظر واستعملت باللغة السياسية مراراً وتكراراً أن الغرب شريك وكل ذلك لم يمنع من تمدد «الناتو» شرقاً ومحاولة إدخاله إلى دولة جارة لروسيا وتحويلها فوق كل ما سبق إلى دولة نووية في «الناتو»، مشيرة إلى أن هذا هو أخطر تهديد حصل في العمق الروسي، وبالتالي فإن روسيا لم تلجأ لهذه العملية العسكرية إلا بعد أن استنفدت كل الفرص ووصل التهديد والخطر العسكري على روسيا إلى خطرٍ قاتل.

وأوضحت الشبل، أن الغرب والولايات المتحدة الأميركية لم يتركوا شيئاً إلا وحاولوا إيذاء روسيا به سواء سياسياً أو اليوم عسكرياً، وبالتالي من حق أي دولة عندما تتعرض لتهديد عسكري أن تقوم بحماية نفسها، وقالت: «نحن ندعم هذه العملية».

وأضافت: إن ما نشاهده اليوم في أوكرانيا يشابه إلى حد التطابق ما قامت به المنظمات الإرهابية كـــ«الخوذ البيضاء» من سيناريوهات تمثيلية وتزييف للحقائق يقوم به النازيون والفاشيون في أوكرانيا والأمثلة كثيرة من الدبابة التي دهست سيارة أوكرانية بمن فيها، ليتبين أنها ليست دبابة روسية إلى صور قصف إسرائيل لغزة ونشرها على أنها قصف روسي لأوكرانيا… إلخ».

وفي معرض ردها على سؤال حول ما إذا كان دعم الإدارة الأميركية للتنظيمات الإرهابية في سورية يشبه دعمها للنازيين المتطرفين في أوكرانيا، أكدت الشبل، أن الغرب وأميركا تاريخياً كانوا يدعمون النازية وخلال السنوات الأولى من الحرب العالمية كان الغرب يدعم هتلر وخاصة أميركا، ولم يتحولوا إلى مناهضين للنازية شكلاً وليس مضموناً إلا عندما بدأت الموازين تنقلب لصالح روسيا ضد النازيين.

وأضافت: «إذاً إن حديث الغرب أن هناك عداءً بينهم وبين النازية كذبة كبرى، الحقيقة إننا إذا دخلنا إلى جوهر الفكر النازي وجوهر الفكر المتطرف نجد أنهما واحد وفي بدايات القرن الماضي هو الغرب نفسه من أوجد المتطرفين واستعملهم في ترهيب الشعوب ولاحقاً استخدمهم كأداة فعالة لاحتلال الدول تحت ذريعة مكافحة الإرهاب».

وحول تقييم الهجمة الدبلوماسية الشرسة على روسيا واتهامها بخرق القانون الدولي واحتلال دولة أخرى، قالت الشبل: «إن الدول التي قامت بقتل الملايين منذ الحرب الكورية، مروراً بفيتنام وأفغانستان والعراق وما يحصل اليوم في سورية وأوكرانيا، هذه الدول لا يحق لها الحديث بالقانون ولا بالشرعية الدولية ولا بالأخلاق»، مؤكدة أن هذه الدول حوّلت العالم إلى غابة والغابة لا يحكمها إلا قانون الغاب، والمتمثل بالبقاء للأقوى وبأن القوي يأكل الضعيف، وبما أن الغرب حول العالم إلى غابة، فإن من واجب روسيا وليس فقط من حقها أن تحمي نفسها من الأعداء.

وعن توقعها باعتراف سورية بشكل رسمي بجمهورتي دونيتسك ولوغانسك، والقلق من فرض مزيد من العقوبات، أو تأثير هذا الاعتراف على العلاقات بين سورية وأوكرانيا ودول أخرى، أكدت الشبل أن سورية أبدت استعدادها للاعتراف بتلك الجمهوريتين قبل الأحداث بحوالي شهرين أثناء زيارة وفد برلماني روسي يضم ممثلين عن جمهورية دونيتسك.

أما فيما يتعلق بالخشية من فرض المزيد من العقوبات إثر إنشاء هذه العلاقات، قالت الشبل: «لو كنا نخشاها لما اتخذنا كثيراً من المواقف التي اتخذناها».

وفي ردها على سؤال حول ما إذا أجرت الحكومة السورية اتصالات أولية مع الجمهوريتين وإن كان سيكون هناك تعاون عسكري أو الاقتصادي معهما، أكدت الشبل أنه كان هناك اتصالات عبر وفود تأتي إلى دمشق فيها ممثلون عن هاتين الجمهوريتين وقالت: «نحن جاهزون للتعاون طبعاً ولكننا ننتظر حتى تهدأ الأمور قليلاً، وعندما يبدأ التعاون سيكون في مختلف المجالات».

وحول إذا ما كانت العقوبات الأميركية والأوروبية غير مسبوقة ضد روسيا، ستؤلم موسكو وستؤثر على التعاون بينها وبين دمشق، أكدت الشبل أن الغرب سيعاني من هذه العقوبات أكثر من روسيا، معربة عن توقعاتها بأن روسيا حضرت نفسها لمثل هذا السيناريو وهي كدولة عظمى يمكن لها أن تتأقلم، لكن الغرب هو الذي لم يحضر نفسه لمثل هذه الأحداث، ومشددة على أن «روسيا وقفت معنا ونحن سنقف معها من دون تردد».

وفي لقاء آخر لها مع قناة «روسيا اليوم» مساء أمس أكدت الشبل أن الغرب يحاول من خلال العقوبات الوصول إلى نقطتين متقاطعتين بالنسبة لروسيا ولغير روسيا، النقطة الأولى هي أن هناك حدوداً سواء لروسيا أو لغير روسيا ويجب أن تفهم الدول أن كل دولة لها حدود يجب ألا تتخطاها، من قبل الغرب بالعموم ومن ثم أميركا بمعنى أنه يجب إشعار هذه الدول بأنها إما أن تكون خاضعة أو تكون مرتهنة أو تكون إمعة وإلا فهناك سيف العقوبات المسلط عليها.

وأضافت: النقطة الثانية تتمثل بمحاولة إشعار الشعب الروسي كما حاولت إشعار الشعب السوري كما تحاول إشعار معظم الشعوب، بأنه لا يمكن لها أن تعيش بلا الغرب ومن دون حنية الغرب، هناك من حاول إقناعنا على مدى ثلاثة عقود سابقة بأن كل العالم هو الغرب وليس هناك نصف أو ثلثا عالم آخر موجود يعيش ويحاول أن يكون بكرامة.

وتابعت: بالمقابل الجميل والجيد أن معركة العقوبات هي معركة يائسة لأن العالم في هذه النقطة تحديداً تغير، روسيا والصين وسورية تغيرت، وعلى سبيل المثال سورية دولة محاصرة الآن، واستطعنا أن نعيش دون الغرب لأن هناك اقتصادات ناشئة وتحولا في هذا المفهوم، بالنتيجة نستطيع كسر هذا الحصار والالتفاف عليه لأن الفكرة التي زرعوها في أذهاننا أنه لا يمكن لنا العيش دون الغرب ودون رأيه هي فكرة خاطئة تماماً، وهذه العقوبات نعم ستزعج روسيا وكل دولة ستعاقب ستنزعج.

وأضافت: لكن السؤال، من سينزعج أكثر؟ من سيتألم أكثر؟ الغرب أم روسيا؟ على سبيل المثال الآن تم حظر الطيران الروسي عن كل الاتحاد الأوروبي وبالمقابل روسيا حظرت كل الطيران الذي حظرها عن أجوائه، ومن حيث المساحة روسيا أكبر دولة في العالم عندما تحظر كل الطيران عن أجوائها فالمتضرر هو من حظر عن أجوائها وليس العكس، وذلك يذكرنا بمثل بريطاني، طالما بريطانيا جزء أساسي من هذه الهيستيريا التي نسمعها ضد روسيا، يقول: أقطع أنفي نكاية بوجهي وهو ما يقوم به الغرب الآن ضمن هذه العقوبات.

وحول الحرب الإعلامية ضد روسيا قالت الشبل: عندما يصل الغرب إلى الشيطنة فهذا يعني أنه أفلس ويخشى الحقيقة لذلك يبدأ بالشيطنة ويبدأ بالحظر ويبدأ بإنزالكم عن الأقمار وحظركم عن وسائل التواصل الاجتماعي لأنه فعلياً تعود على الكذب وكما قال الرئيس بوتين إنه أصبح إمبراطورية الكذب، هذا التشويه أو الشيطنة لخلق عالم افتراضي لنعيش جميعاً فيه كما يريده الغرب وهذه هي الصورة وخاصة أعداء الغرب كي يصلوا إلى الهزيمة النفسية، أما عن نقطة اللاعودة مع الغرب فعادة في السياسة ليس هناك نقطة لا عودة، العودة دائما تحصل عندما ينتصر أحد الطرفين وبالتالي عندما ستنتصر روسيا ستشاهدون الغرب يأتي مهرولاً عائداً إلى روسيا وهذا ما حصل في الحرب العالمية، كان الجميع مع النازية ولكن عندما بدأت روسيا بالاقتراب من النصر انقلبوا وأتوا إلى روسيا لمشاركتها هذا النصر لذلك نقطة اللاعودة متعلقة بانتصار روسيا حصراً.

وأكدت الشبل أن روسيا لم تقل ولا مرة إنها تريد الدخول إلى أوكرانيا واحتلالها وهي دخلت لحماية إقليم دونباس ولحماية أمنها القومي وعندما تتحقق هذه الأهداف ستخرج روسيا بكل تأكيد، وقالت: لذلك برأيي فإن موافقة روسيا على المفاوضات بشأن اوكرانيا فيها ليونة ومرونة وتفتح الباب أمام هؤلاء للنزول عن الشجرة.

وحول تشابه سيناريو دعم الغرب للمتطرفين في أوكرانيا بالسلاح مع سيناريو دعمهم في سورية قالت الشبل: بالتأكيد هو متطابق وليس فقط مشابه لأن السيد والخصم والأدوات والتكتيك والاستراتيجيات هي نفسها ولكن الفارق فقط هو التسميات، يعني لديكم موجود نازيون جدد، ولدينا هناك إرهابيون، وهم حركوا الإرهابيين في روسيا قبل سورية منذ الشيشان مرتين وأحداث مدرسة بسلان وعندما فشلوا استمروا في سيناريو الإرهابيين إلى دولنا العربية وقلبوا هذا المسمى للنازيين الجدد لدى روسيا.

وأضافت الشبل: بالنتيجة الكل يشبه بعضه، حتى السيارات المحملة بالقذائف التي نراها بالإعلام الروسي حالياً هي نفسها التي شاهدناها في سورية للإرهابيين، وقلت في بداية حديثي إن المعركة في سورية لم تكن فقط تستهدفها بل تستهدف سورية وروسيا.

ورداً على سؤال حول كيف يمكن فهم دعم الغرب وأميركا للنازيين وهي التي تجاهر بالعداء لهم وأوجه الشبه بين النازيين والإرهابيين، قالت الشبل: أميركا تجاهر لكنها تكذب، المجاهرة شيء والحقيقة شيء آخر فلو عدنا إلى نشأة النازية في عشرينيات القرن الماضي نجد أنه نفسها في التوقيت نفسه نشأة الإخوان المسلمين في مصر، بقي الغرب يدعم الاثنين معاً إلى أن اضطر شكلا إلى التخلي عن دعم النازية عندما لاحظ نصر روسيا، وبالتالي استمر بدعم الإرهابيين والنازيين إلى يومنا هذا لكن بمسميات أخرى كالحركات القومية وما إلى ذلك، باختصار السياسات القذرة بحاجة إلى أدوات قذرة وبناء على ذلك نجد أن التطرف والارهاب والنازيين الجدد، والنازية كمفهوم هما متطابقان بشكل كامل والغرب يدعم الاثنين معاً.

وأضافت الشبل حول تأثير ما يجري في أوكرانيا على الوضع في سورية: إنه من الصعب التكهن الآن بكيفية التأثير لكن علاقات الدول ومصالحها هي كتلة واحدة أو لنقل لا يمكن أن تأخذ بشكل منفصل يجب أن ننظر إلى النتائج والنتائج تقول إذا حليفك انتصر فأنت انتصرت، وإذا حليفك خرج من هذه الأزمة أقوى، طبعاً هو قوي لكن بعد تحصين الأمن القومي، فأنت ستكون أقوى، لكن بالطبع هناك خسارة في مجال وربح في آخر، والأهم أن ننظر إلى الصورة الكبرى وهذا ما حصل معنا في سورية عندما هدد أمننا القومي لم ننظر كثيراً إلى الخسائر الاقتصادية لأنه ستكون هناك خسائر اقتصادية.

وتابعت: لم يكن الموضوع هو الدولار بل كان الأهداف الكبرى والتي هي بحاجة أثمان وتضحيات كبرى وسورية ضحت بدمائها وبجرحاها وهذه الدماء قطعاً لم تذهب هدراً، الأهداف الكبرى بحاجة إلى هذه الأثمان والأهداف التي تخوضها روسيا هي مشابهة جداً للأهداف التي خضنا من أجلها حربنا، مستقبل آمن للأجيال ودولة قوية محمية ومصونة.

وقالت الشبل: إن المعركة في سورية ليست منعزلة عما يدور حولها في العالم وهي فعلياً جزء من كل ما يجري في العالم وهي جزء تحديداً الآن مرتبط بشكل أو بآخر بما يدور في أوكرانيا باعتبار أن المخطط واحد والأهداف واحدة وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك تأثير لهذه التحركات أو مخططات التحركات لكن بالنتيجة طالما أن المعركة واحدة بشكل أو بآخر فالتأثير سيكون متكاملاً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وبالتالي في سورية الجبهات أثرت على بعضها، الشيء نفسه الآن جبهة أوكرانيا أيضاً ستؤثر على جبهة سورية والعكس صحيح.

وبشأن المواقف المتضاربة للنظام التركي تجاه روسيا بسبب أوكرانيا قالت الشبل: ما قامت به تركيا ليس إلا تخبطاً أو ما قام به أردوغان هو العقل أو انعكاس للعقل الإخونجي المتطرف الذي يجاهر بشيء ويبطن شيئاً آخر يقول شيئاً ويفعل عكسه تماماً، تاريخياً منذ أن استلم أردوغان زمام تركيا، والسياسة التركية هي ابقاء قدم هنا وقدم هناك، يعني في أي كفة نرجح نذهب بهذا الاتجاه.

وبينت الشبل: أن أزمة أوكرانيا أحرجت أردوغان لأنه اضطر مرتين للكشف عن وجهه الحقيقي مرة قبل ذلك عندما لم يقبل انضمام القرم إلى روسيا والمرة الثانية الآن عندما أدان العمليات العسكرية وخلال المرتين كان ينفذ أوامر سيده الأميركي كي لا نتوقع أن أردوغان يأخذ قرارات ومواقف، وفي كل الأحوال تركيا عضو في حلف الناتو وفي الوقت نفسه عقل اخواني يديرها فكيف لها أن تكون صديقة أو حليفة أو قريبة من روسيا، قطعاً لن تكون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن