قضايا وآراء

ثلاثة سيناريوهات لسياسة الاستغلال الأميركية

| تحسين الحلبي

مع التطورات المتلاحقة للمواجهة المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا والغرب بشكل عام، بدأت تزداد تحذيرات مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الرئيسة في العالم من احتمال وقوع حرب عالمية ثالثة على الأراضي الأوروبية.

معهد «بروكينغز» الأميركي للدراسات الدولية تطرق إلى الإستراتيجية الأميركية في مجلته في شباط عام 2017 على خلفية الموضوع الأوكراني نفسه، وأشار إلى أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن العمل على إنهاء التحديات التي تشكلها روسيا والصين على النظام الأميركي العالمي وهيمنته.

وفي 25 كانون الثاني الماضي، أكد البروفيسور الأميركي هال برانديس من معهد «جونز هوبكنز» الأميركي الشهير، في دراسة في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أن الإدارة الأميركية تضع في أولوية جدول عملها للسياسة الخارجية محاصرة روسيا والصين والتخلص من قدرتهما على منافسة الغرب في الساحة العالمية ومنعهما بكل الوسائل من تغيير النظام الأميركي العالمي.

وقبل أيام نشرت مجلة «ذا ويك» الأميركية تحليلاً بعنوان: «هل نتجه نحو حرب عالمية ثالثة؟».

وفي أوروبا حذرت وسائل إعلام كثيرة من خطر حرب عالمية ثالثة، ونشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية في 13 شباط الجاري أن المطلوب من أوروبا ألا تسمح بتحويل قارتها إلى ساحة حرب عالمية ثالثة، وألا تنجر إلى سياسة حافة الحرب التي تريد واشنطن فرضها، وأوضحت أن أي حرب عالمية مقبلة ستكون أكبر وأشد فظاعة من الحربين العالميتين.

يبدو من الواضح أن الولايات المتحدة تريد ربط الحكومات الأوروبية الرئيسة إلى عربتها السياسية لتحقيق أحد هدفين: إما حرب باردة أشد حصاراً على روسيا والصين، وإما حرب عالمية ثالثة، وفي كلتا النتيجتين تعتقد الولايات المتحدة أنها حافظت على مصالحها وتوسعت في فرض نظامها العالمي الأحادي حتى لو حملت الحرب العالمية الثالثة كوارث ودماراً غير مسبوق ولعشرات السنين، طالما أنها تعد نفسها من أقل من تلحق به أضرار الدمار الشامل إذا ما تعرضت للإصابة بأسلحة نووية، علما أن مدن الولايات المتحدة تعاني نقصاً حاداً في عدد ونسبة الملاجئ، هذا إذا كانت قد أعدت مثل هذه الملاجئ فالمعروف أن الملاجئ، للوقاية من أسلحة الدمار الشامل معدة لحماية المسؤولين الأميركيين والطبقة الحاكمة.

السؤال الذي يمكن أن تثيره تطورات المواجهة التي فرضتها سياسة الهيمنة والعدوان الأميركية في منطقة البحر الأسود وخضوع دول أوروبية لها هو: هل سيسمح الجمهور الأوروبي ولا نقول حكومات أوروبا، لهذه السياسة الوحشية الأميركية بتوريط شعوب أوروبا للمرة الثالثة بحرب لمصلحة الولايات المتحدة وهيمنتها؟

يبدو أن التحالف الأميركي الغربي ضد روسيا يدرك وجود هذا العامل الشعبي الأوروبي، ودوره في عرقلة سياسة حافة الحرب التي لن تستخدم فيها أسلحة تقليدية بل نووية، ولذلك يكثف هذا التحالف حملاته الإعلامية التحريضية لشيطنة الرئيس فلاديمير بوتين وقادة روسيا وكل من يقف ضد الهيمنة الأميركية، ويحاول إغراق السرديات والروايات التضليلية في وسائل الإعلام بحملات العداء والتشويه، ويقوم في الوقت نفسه بمنع الاطلاع على وسائل الإعلام الروسية، وهي تنشر وتبث بمعظم اللغات المتداولة في أوروبا، ويعتقد التحالف أنه قادر على تحقيق أهدافه بهذه الطريقة أمام رأي عام لا يمكن أن يمنعه من التمييز بين الحقيقة وبين الزيف.

ويتوقع عدد من المحللين في أوروبا والولايات المتحدة أن هذه السياسة الأميركية في جر أوروبا لحرب عالمية ثالثة، قد تكون نووية، لن تحقق النجاح، وإن أقصى ما يمكن أن تحققه هو إما انفراط هذا التحالف الدولي وإعادة النظر في هذه السياسة والاتفاق مع روسيا والصين، وإما إعادة العالم إلى الحرب الباردة والاستعانة بها مع دول غربية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا في أوروبا لاستنزاف روسيا والصين والبحث عن مواقع توتر أخرى لمنعهما من فرض دورهما الدولي في تشكيل نظام عالمي متوازن يحافظ على السلم بين دول العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن