اقتصاد

تأثيـر أزمة أوكرانيا عـلى رغـيف العـرب؟!

| د. سعـد بساطـة

أزمة أوكرانيا مالئة الدنيا وشاغـلة البشر.. موضوع فريد يحتل التريند بوسائل التواصل الاجتماعـية والميديا في العـالم..؟

والعـقوبات تتراوح بين حظر عـلى البنوك الروسية لاستعـمال نظام السويفت المصرفي؛ مشاكل في مناطق الطيران؛ هجمات إلكترونية عـلى مواقع بروباغندا؛ منع تمثيل الفرق الرياضية الروسية في المنتديات الدولية؛ وحتى رفض قيام البولشوي بحفلاته الأوروبية الشهيرة!
ولكن أشد ما يهمنا الآن: تأثـّر أسعـار النفط والغـاز والقمح قبل كل شيء، وما تجره من ارتفاع عـلى جميع السلع والخدمات ببلدنا؛ فمقولة: العـالم قرية كونية كبيرة؛ يترجم الآن بالفعـل إلى واقع.
بالأذهان صور للناس هناك يفرون من الحرب بأمتعتهم، وبعد وقت قصير من سيناريو استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان وهروب الآلاف من كابول.
حتى قطاع المنسوجات لم يسلم من تداعـيات الحرب؛ فهو في حالة تدهور خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى انخفاض كبير بأكثر من 900% في معدلات التوظيف فيه، مقارنة بمستويات عام 2000.
وواكب ارتفاع أسعار البترول الأزمة، ما سيزيد من ضغوط التضخم العالمي ليس نقصاً في الإنتاج بقدر ما هي شكوك بالاستقرار العالمي اقتصادياً والمحافظة على النمو وتحسن الاقتصاد العالمي بعد أزمة كورونا، الذي أصبح محل شك اليوم. وإلى أي مدى ستؤثر الأزمة على أسعـار البترول العـالمية؟ هل هناك مقاطعة وحظر؟ وما البديل؟ هل هو العودة للفحم؟ أم للطاقة النووية!
نعـود للنظر بالناحية الغـذائية؛ حيث أكدت الدراسات أن أوكرانيا أصبحت (من حيث صادرات جميع أنواع الحبوب) ثاني أكبر مصدّر في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية.
إنها تعتبر لاعبا مهما في سوق الحبوب الدولية، وقد احتلت المركز الثاني من حيث إمداد الشعير، والمركز الرابع بالنسبة للذرة، والمركز الخامس بالنسبة للقمح. ففي عام 2020، تم حصاد 65.4 مليون طن من الحبوب في أوكرانيا من مساحة 15.3 مليون هكتار، وفي عام 2019 بلغ حصاد الحبوب في أوكرانيا 75.1 مليون طن.
إنّ (روسيا وأوكرانيا) تساهمان سنوياً بأكثر من ربع الصادرات العالمية من القمح، أي بنحو 55 مليون طن. وحسب منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» فإن القسم الأكبر منها يتم شحنه لمختلف الوجهات وعلى رأسها الدول العربية التي أضحت بمقدمة دول العالم.
يعكس المخاوف الجدية نقص الإمدادات واستمرار ارتفاع أسعار القمح بنسبة وصلت إلى 65 بالمائة منذ شباط 2021. ولن يكون هذا الارتفاع الأخير لأن المخزون العالمي في هذه الفترة يكون ضعيفاً. ما سيقود بشكل أوتوماتيكي لارتفاع التكلفة ومعها أسعار المبيع.
وتتصدر الدول العـربية قائمة الدول التي تعتمد إما على روسيا أو على أوكرانيا في توفير القسم الأكبر من احتياجاتها. وقبل أن تصبح روسيا وأوكرانيا الأهم بتصدير الحبوب بأسعار هي الأنسب عالمياً، كانت الدول العربية تعتمد على فرنسا وكندا والولايات المتحدة والأرجنتين ودول أخرى في تأمين وارداتها من القمح والحبوب الأخرى. وتبدو الحاجة ملحة لإعادة طرق أبواب هذه الدول بسرعة (مع اندلاع الحرب في أوكرانيا) من أجل سد أي نقص سيعرقل توفير رغيف الخبز الذي ينبغي أن يكون حاضراً مع وجبات الطعـام في العالم العربي. وعـدا مشكلة نقص الإمدادات هنالك توقعـات بارتفاع الأسعار من 360 دولاراً حالياً إلى 500 دولار في غضون أسابيع أي المزيد من العجز والتقشف.
أجرى العلماء بحوثاً عن معدل ما يأكله الإنسان العادي طوال حياته، فوجدوا أنه يزدرد 20 طناً من الخبز وحمولة سيارتي شحن كبيرتين من البطاطا، وما يساوي حجم أربعين بقرة من اللحوم. وأربعة أطنان من السكر، وألف كلغ من الملح. ولننتقل للفاكهة: تخيلوا لو أردنا تقدير حجم ما ازدرده أحد الأثرياء، (120) دونماً من الكنافة وغيرها من الحلويات، ناهيك عن 78 كم مربعاً من أصابع زينب، وحمولة سفينتين من الزلابيا وأربع بوارج من المعـجنات، وبحيرة كاملة من الشوكولاتة. وبمجال اللحوم والشحوم والرز فلن تتحمل سفينة نوح هذه الكميات، وسوف تغرق في الرمال، قبل أن تغرق بالمياه، خلال عمليات التحميل.
ختاماً ليس بيدنا إلا أن نغـني مع فيروز: «القمر، بيضوي عَالناس- والناس بيتقاتلوا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن