قضايا وآراء

الكيان الإسرائيلي بين أضيق خياراته

| تحسين الحلبي

أعلنت وكالات أنباء أجنبية قبل يومين أن 16 ألفاً من المرتزقة الأجانب جرى تسجيلهم للاشتراك في الحرب ضد روسيا في أوكرانيا بعد أن أعلن رئيسها فلوديمير زيلينسكي فتح البلاد أمام أي فرد يريد القتال إلى جانب الجيش الأوكراني ضد روسيا.

لن يكون من المستغرب على أجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية العمل على توظيف شركاتها الخاصة للخدمات الأمنية وتجنيد المرتزقة في مهام تجنيد ما يسمى بالمتطوعين، وإرسالهم إلى ساحة الحرب في أوكرانيا، فهذه الشركات وخاصة الإسرائيلية كانت قد انشغلت بهذه المهام طوال الفترة التي جرى فيها إرسال عشرات الآلاف من المرتزقة من دول عربية وإسلامية كثيرة وتسليحها بأموال هائلة للعمل على تدمير سورية وجيشها وتغيير السلطة فيها.

تشير تحليلات إسرائيلية وأميركية في هذه الظروف إلى العمل على بذل محاولات تجنيد مجموعات داعش وغيرها من الإسلامويين المتشددين وحثهم على العمل ضد روسيا في داخل أوكرانيا وخارجها، وخاصة في مناطق المسلمين داخل أراضي الاتحاد الروسي للانتقام مما قام به الجيش الروسي ضدهم في سورية، ولذلك من المتوقع أن تحاول واشنطن وتل أبيب وأوروبا إعادة ربط علاقاتها بتلك المجموعات الإرهابية لتوظيفها في هذه الظروف ضد روسيا في أي مكان وليس فقط في أوكرانيا.

ولن يكون من المستبعد أن يجري تكليف هذه المجموعات الإرهابية بالقيام بعمليات تفجير بمنشآت مدنية وأفراد مدنيين لفبركة الاتهامات ضد الجيش الروسي في أوكرانيا وغيرها من الأماكن بهدف زيادة الحملات التحريضية الإعلامية ضد روسيا، على غرار حملات التحريض الإعلامية التي استهدفت سورية في السنوات الماضية ولا تزال تستهدفهم، ولا أحد يشك أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأجنبية سجلت لنفسها خبرات في هذا المجال وفبركاته حين كانت تقدم الدعم والتعليمات لكل المجموعات التي شنت عملياتها الإرهابية على الجيش السوري والمدن السورية ومنها مجموعات «الخوذ البيضاء» لاتهام سورية باستخدام السلاح الكيميائي، إضافة المجموعات التي كانت تستهدف المدنيين لاتهام الجيش السوري وتحريض العالم ضده، كما لا يستبعد أن تقوم هذه الدوائر الاستخباراتية الإسرائيلية والأميركية بالعمل على استهداف حلفاء روسيا بمثل هذه الفبركات من جديد وخاصة في منطقتنا، فإسرائيل تخشى كثيراً من زيادة قوة ونفوذ روسيا في المنطقة في أعقاب عملياتها العسكرية المستمرة في أوكرانيا، ولا شك أن إسرائيل تدرك أن عالم ما بعد العمليات الروسية العسكرية في أوكرانيا لن يعود كما كان سابقاً، بل إن النظام العالمي كله سيتغير في اتجاه ليس في مصلحة النظام الأميركي، وسينعكس هذا التغيير على الشرق الأوسط، ولهذه الأسباب لم تستطع إسرائيل التعليق بأي كلمة على المناورات الروسية السورية العسكرية قبالة السواحل السورية في البحر الأبيض المتوسط قبل أسبوعين، وهي تدرك أن قوة محور المقاومة تزداد ولن تستطيع إيقاف تزايدها في ظل التطورات الروسية العسكرية الناتجة عن مواجهة موسكو للغرب في أوروبا والبحر الأسود، ولذلك يرى المسؤولون في واشنطن بموجب آخر تصريحاتهم، أن عليهم العمل على إطالة أمد ما يجري بين روسيا وأوكرانيا لسنوات طويلة لاستنزاف روسيا وحلفائها في المنطقة، وهو ما تدركه القيادة الروسية وتعد الخطط لإحباطه وتحويل كل نتائج هذه المواجهة ضد الغرب إلى مصلحة روسيا والصين وحلفائهما، وهذا ما تدركه إسرائيل وتخشى من نتائجه عليها في المنطقة وخاصة بعد أن هزم هذا التحالف السوري الإيراني الروسي وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين، الحرب الكونية التي استهدفته على الأرض السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن