عربي ودولي

شي جين بينغ يشدد على ضمان إمداد المنتجات الزراعية الرئيسية وبناء شبكة ضمان اجتماعي أقوى

| وكالة الأنباء الصينية الجديدة «شينخوا»

شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ أمس (الأحد) على وضع تحسين قدرة الإنتاج الزراعي الشاملة في مكانة أكثر بروزاً، ومواصلة بذل الجهود لتدعيم التنمية عالية الجودة للضمان الاجتماعي.
وأدلى شي، وهو أيضاً الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، بهذه التصريحات خلال لقائه مستشارين سياسيين وطنيين من قطاعات الزراعة والرعاية والضمان الاجتماعي، يحضرون الدورة الخامسة للمجلس الوطني الـ13 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني.
وشارك شي في اجتماع المجموعة المشتركة الذي عقدوه، واستمع إلى تعليقاتهم ومقترحاتهم.
وشدد على ضمان إمداد المنتجات الزراعية الرئيسية، وخاصة الحبوب، بصفته على رأس أولويات النهوض الريفي.
ونيابةً عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أعرب شي عن تحياته وأطيب تمنياته لنساء البلاد من جميع المجموعات القومية ومن جميع مناحي الحياة، قُبيل يوم المرأة العالمي.
وانضم وانغ يانغ، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، إلى الزيارة والمناقشة.

مزايا الصين الإستراتيجية

قال شي إنه على مدار العام الماضي سجلت المشاريع المختلفة للحزب والدولة إنجازات جديدة وكبيرة، نتجت عن العمل الجاد لجميع الصينيين، كما قدم المستشارون السياسيون مساهماتهم في هذا الشأن.

وأضاف شي: إن الوضع الدولي يمر بتغيرات عميقة ومعقدة، وأن العالم دخل فترة جديدة من الاضطراب، مضيفاً: إن الصين تواجه مهام شاقة في تحقيق الإصلاح والتنمية والاستقرار على الصعيد المحلي.

لكن شي استدرك قائلاً إنه على الرغم من ذلك، فإن الصين تتمتع بمزايا إستراتيجية متعددة، من بينها القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني، والقوة المؤسسية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والأساس المتين المتراكم في التنمية المستدامة والسريعة للبلاد.

وقال إنه بفضل الإجمالي الاقتصادي الكبير للصين وسوقها المحلية الضخمة، ستظل الأسس الاقتصادية السليمة طويلة الأجل من دون تغيير، مضيفاً: إن الاقتصاد يتمتع بمرونة وحيوية قويتين.

كما أشار شي إلى الاستقرار طويل الأمد للمجتمع الصيني وثقة الشعب الصيني وتصميمه على التغلب على الصعوبات.

وعاء أرز صيني

قال شي: إن الصين وفرت الغذاء لما يقرب من خُمس سكان العالم عبر استغلال 9 بالمئة من الأراضي الصالحة للزراعة و6 بالمئة من موارد المياه العذبة في العالم، مشيداً بهذا الإنجاز الذي تم تحقيقه عبر جهود بالغة، ومحذراً في الوقت ذاته من تضاؤل الاهتمام بقضية الأمن الغذائي.

وأضاف: من الخطأ الاعتقاد بأن الإمدادات الغذائية لم تعد مشكلة في مجتمع صناعي، أو الاعتماد على السوق العالمية لحل المشكلة.

وشدد شي على إبقاء إنتاج الحبوب السنوي عند أكثر من 650 مليون طن، و«ملء وعاء أرز الشعب الصيني بالحبوب الصينية بشكل رئيسي».

وقال شي: إن الحد من هدر الغذاء مهمة طويلة الأمد تتطلب جهوداً متواصلة.

ووصف الأراضي الزراعية بأنها أساس ضمان التنمية المستدامة للأمة الصينية، وشدد على زراعة مليار مو (حوالي 66.67 مليون هكتار) من الأراضي الزراعية عالية المستوى، وضمان بقاء مساحة الأراضي الزراعية فوق 120 مليون هكتار.

وقال شي: إن الحل النهائي لحماية الأمن الغذائي يكمن في تعزيز العلوم والتكنولوجيا.

وأوضح شي أن أمن موارد الأصول الوراثية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن الوطني، مضيفاً: يتعين على الصين تعزيز صناعة البذور لتحقيق الاعتماد على الذات في التطوير العلمي والتكنولوجي لهذا القطاع، والإبقاء على موارد الأصول الوراثية في البلاد مستقلة وتحت السيطرة الوطنية.

وشدد على ضمان الإمداد الفعال باللحوم والخضراوات والفواكه والمنتجات المائية والأنواع الأخرى من الأغذية، إضافة إلى الحبوب.

وقال شي: ينبغي بذل الجهود لتطوير التكنولوجيا الحيوية والصناعة الحيوية، والنشاط في تعزيز الإصلاح الهيكلي إلى جانب العرض الزراعي، وتطوير أنواع مختلفة من الأغذية.

رعاية الفئات الضعيفة

وقال شي: إن النهوض الريفي يشمل أكثر من مُجرد التنمية الاقتصادية، وحث على التثقيف الأخلاقي والأدبي بين المزارعين وتطبيق الحوكمة القائمة على القانون. وطالب بجهود متواصلة لقمع العصابات والجماعات الإجرامية في المناطق الريفية، داعياً إلى تنفيذ آليات لتسيير مثل هذا العمل بشكل منتظم.

وأشار شي إلى أنه يجب إنزال العقوبة بالأنشطة الإباحية والمقامرة والجرائم المتعلقة بالمخدرات في المناطق الريفية، فضلاً عن الأعمال غير القانونية والإجرامية التي تنتهك حقوق ومصالح النساء والأطفال.

وفي إشارته إلى أن الصين أقامت أكبر شبكة ضمان اجتماعي في العالم، دعا شي إلى بذل جهود لتطوير نظام معاشات متعدد المستويات والمحاور لكبار السن، لجذب المزيد من المواطنين إلى نظام الضمان الاجتماعي.

كما دعا إلى تحسين نظام الضمان الاجتماعي للعاملين في وظائف مرنة، مشدداً على أهمية توسيع تغطية التأمين ضد البطالة والتأمين على إصابات العمل وتأمين الأمومة.

وقال شي: ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام والرعاية للفئات الضعيفة، مضيفاً: إنه ينبغي منح كبار السن والأطفال في المناطق الريفية مزيداً من الدعم.

وأوضح شي أنه ينبغي القيام بعمل أفضل فيما يتعلق بإعادة تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة وتعليمهم وتوظيفهم، وطالب ببذل جهود لضمان السلامة الشخصية وضروريات المعيشة الأساسية للمشردين والمتسولين، ودعم ورعاية الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية.

وشدد شي على ضرورة القضاء على الأعمال غير القانونية المتمثلة في التنمر والإساءة إلى النساء والأطفال وكبار السن والمعوقين.

بتعزيز الانفتاح… الصين تواصل مشاركة الفرص التنموية مع العالم العربي

حددت الصين مستهدفها للنمو الاقتصادي لهذا العام عند حوالي 5.5 بالمئة، حسب ما ورد في تقرير عمل الحكومة المطروح للمداولة خلال الدورة السنوية الخامسة الجارية للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية في البلاد.

ورغم الضغوط الكبيرة لبسط الاستقرار في جنبات اقتصادها وسط الضغوط النزولية الكبيرة ومخاطر وتحديات شتى في البيئة الاقتصادية العالمية، ما زالت الصين تظهر عزمها للسعي نحو الانفتاح على مستوى أعلى، كما تدفع النمو المستقر للتجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي خلال العام الجاري، بهدف مواصلة مشاركة الفرص السوقية والتنموية مع بقية العالم، بما في ذلك الدول العربية والدول التي تشارك في مبادرة «الحزام والطريق».

وقد تعوّد محمد الناصر، رجل أعمال أردني يعمل في الصين منذ حوالي عشرين سنة، على متابعة الدورتين السنويتين للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني كل سنة، لكي يطلع على الصورة الشاملة للسياسة والاقتصاد في الصين وخطتها التنموية بشكل عام، وسياسات البلاد بشأن التجارة والانفتاح بشكل خاص.

ومما استرعى انتباه الناصر أن الصين، حسب تقرير عمل الحكومة لهذا العام، ستعمل على الاستفادة من السوقين المحلية والدولية والموارد بنوعيها الداخلي والخارجي بشكل كامل، وتوسيع التعاون الدولي اقتصادياً وتجارياً باستمرار، وتحفيز الإصلاح العميق والتنمية عالية الجودة بالاعتماد على دفع الانفتاح عالي المستوى.

وقال: إن «مثل هذه الإجراءات التي تتخذها الصين في هذه السنوات سهّلت عمل الشركات الأجنبية ومكّنت شركتنا من الدخول إلى السوق الصينية بمنتهى السلاسة»، مشيراً إلى أنه بدأ أعماله قبل 20 سنة في مدينة ييوو، التي يطلق عليها لقب «متجر العالم للبضائع الصغيرة»، شرق الصين، ونمت شركته المتخصصة في التجارة من شركة صغيرة لديها 200 موظف فقط إلى شركة يعمل فيها أكثر من 1700 موظف داخل الصين وحوالي 300 موظف خارجها.

ولدى إلقائه الضوء على السبب وراء ذلك، أكد الناصر أن بيئة أعمال شركته «تميّزت بدرجة عالية من الدعم الحكومي الصيني خلال السنوات الأخيرة»، الذي سهّل تطور الشركات التجارية الصغيرة والمتوسطة وخلق فرصاً جديدة للتصنيع والتصدير، متوقعاً أن تُفتح له وللتجار العرب الذين يتعاملون مع الصين آفاق جديدة مع تخطيط الصين لبناء المزيد من مناطق التجارة الحرة وتعزيز التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، حسب التقرير.

ولدى تأكيده رأي الناصر، قال أحمد حامد، رجل أعمال مصري موجود في الصين منذ 15 عاماً ومدير شركة للتجارة والتصنيع في مدينة قوانغتشو بجنوب البلاد: «شهدنا كل التسهيلات الممكنة المقدمة من الحكومة الصينية ومكاتب العمل المنتشرة التي تسهل الإجراءات وسرعتها».

وقد أورد تقرير عمل الحكومة أن الصين ستولي اهتماماً بالغاً بمساعدة شركات التجارة الخارجية على تلقي الطلبات والمحافظة على الإنتاج، كما ستتحرك بخطوات أسرع لتطوير أشكال ونماذج جديدة للتجارة الخارجية، وإفساح المجال كاملاً أمام التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، إلى جانب دعم تأسيس مجموعة من المستودعات في الخارج.

الجدير بالذكر أن الحجم الإجمالي لتجارة البضائع الصينية نما بنسبة 21.4 بالمئة ليبلغ 39.1 تريليون يوان (حوالي 6.2 تريليونات دولار أميركي) في العام الماضي، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً جديداً؛ بينما ارتفع حجم الصادرات والواردات بين الصين والدول على طول الحزام والطريق بنسبة 23.6 بالمئة، أعلى من نسبة النمو الكلي بمقدار 2.2 نقطة مئوية.

وحسب الخطة المذكورة في التقرير، ستتخذ الصين هذا العام مجموعة من الخطوات للحفاظ على استقرار التجارة الخارجية والعمل على الاستفادة بشكل أكبر من الاستثمار الأجنبي، ودفع التعاون العالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق، وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي والمتعدد الأطراف.

وعلى صعيد الاستثمار، ستعمل البلاد على مراعاة التنفيذ الكامل لنظام القائمة السلبية للسماح للاستثمارات الأجنبية بالنفاذ إلى السوق المحلية، وضمان تمتع جميع الشركات ذات الاستثمارات الأجنبية بالمعاملة الوطنية.

وذكر التقرير أن الدولة ستشجع الشركات ذات الاستثمارات الأجنبية على الدخول إلى نطاق أوسع من القطاعات، وتدعم المزيد من الاستثمارات الأجنبية في الصناعة التحويلية المتوسطة والراقية، والبحوث والتطوير، والخدمات الحديثة، مشيراً إلى أن الدولة ستحسن الخدمات لتعزيز الاستثمارات الأجنبية، وتسرع إطلاق مشروعات كبيرة ذات تمويل أجنبي.

وفي هذا السياق، سيتم اتخاذ خطوات ثابتة لتطوير مناطق التجارة الحرة التجريبية وميناء هاينان للتجارة الحرة، وتعزيز الإصلاح والابتكار في مناطق التنمية الاقتصادية، وحفز تنمية مناطق التخزين الجمركي المؤقت المتكاملة، وإطلاق المزيد من التجارب حول الانفتاح الموسع لقطاع الخدمات.

ويرى الناصر أن هذه الإجراءات ستساعد على بناء بيئة صحية للتجارة الحرة، حيث تتميز الصين ببنية تحتية فائقة التطور، ومن ثم فهي نقطة جذب كبيرة للاستثمارات الأجنبية.

وما برحت الصين تكون أكبر شريك تجاري للدول العربية، حيث حافظت التجارة الصينية- العربية على نمو مستمر رغم تأثير جائحة كوفيد-19، بينما ازدهر الاستثمار المتبادل بين الجانبين، وتواصل تعميق التعاون الثنائي كماً وكيفاً في مجال البنية التحتية، كما شكل التعاون والتضافر الصيني والعربي في مكافحة الوباء وحماية أرواح المواطنين أنموذجاً عالمياً، تزامناً مع جهود الطرفين المشتركة لدفع عجلة الإنتاج وإنعاش الاقتصاد في ظل الوباء.

وقال الناصر: إن أعماله لم تتأثر بالوباء كثيراً، بل بالعكس زادت بنسبة 60 بالمئة، مشيراً إلى أن سبب ذلك يرجع إلى نجاح التدابير الصينية في احتواء الوباء واستئناف الإنتاج التصنيعي بشكل سريع وتحوله إلى المنصات التجارية الإلكترونية الجديدة بتشجيع من السلطات المحلية.

وأكد أن الحكومة الصينية تبذل جهوداً مضنية في محاربة الوباء وحققت إنجازات ملحوظة، لذا «كان علينا نحن رجال الأعمال القيام بعبء النهوض بالاقتصاد، ولذلك قمنا بتطوير طرق أعمالنا من التجارة التقليدية إلى التجارة الإلكترونية، كما أن هذا سيساعدنا على تطوير حجم أعمالنا لمستويات تفوق التوقعات»، مضيفاً: «رب منحة في ثوب محنة».

وقال أحمد حامد: إن عزم الصين على تعزيز التجارة الإلكترونية العابرة للحدود يعد خطوة صحيحة ونافعة لتخطي تأثيرات الوباء السلبية على أعمال التجارة، وسيخلق هذا آفاقاً جديدة في عالم ما بعد الوباء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن