ثقافة وفن

المرأة… بصورة منمّطة ومكرّسة في الإعلام العربي! … أفكار بنيت على أحكام خارجية ومعالجة سطحية لواقعها

| مايا سلامي

لطالما كانت المرأة حاضرة في كل الأشكال والوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية، سواء من حيث تناول قضاياها أو عرض البرامج المخصصة لها أو تقديمها في الإعلانات التي تختلف فيها الصورة التي تقدمها عن المرأة تبعاً لمكانتها في المجتمع الذي تنتمي إليه الوسيلة، إلا أن هذا الاختلاف لم يمنع من تشكيل ملامح وسمات عامة تعطي الصورة النمطية عن المرأة كإظهارها بشكلٍ سطحي لا تهتم إلا بالشؤون التجميلية والأزياء أو الأمور المنزلية كالطهي وتربية الأولاد.

المرأة في البرامج

هذه الموضوعات ستجدها تحتل موقعاً رئيساً من الأبواب النسائية في الصحف، كما أنها تحتل معظم البرامج والفقرات التلفزيونية العربية والمحلية الموجهة للمرأة، حيث تقدّم المرأة على أنها بلا طموحات شخصية وبلا وجهات نظر في القضايا العامة وجلّ اهتماماتها لا تخرج عن نطاق المنزل وإرضاء الزوج.

المرأة في الإعلانات

دائماً ما يتم حصرها في الإعلانات ضمن نموذج «المرأة الجسد» أي تقديمها بشكل مثير كأداة جذب وطعم للتشجيع على الاستهلاك وخاصة في المنتجات الموجهة للرجال وبعض الأطعمة كالشوكولا التي قد تعرضها بالكثير من الابتذال وتنقص من قيمتها كإنسان فاعل له دور في الحياة غير الدور الترويجي المؤسف، وغالباً ما تظهر المرأة في إعلانات السلع المنزلية كمتلقية ومقتنعة بالسلعة بشكل ساذج وهو الأمر الذي يؤدي إلى تعميق الصور الدونية عنها.

معالجة سطحية

كل تلك الصور السابقة بنيت على أحكام خارجية ومعالجة سطحية لواقع وطبيعة المرأة فغالباً ما يتم النظر إلى حقيقتها البايولوجية على أنها أنثى لها مجالات معينة تقتصر فقط على الشكل والجمال وأن كيانها يتحدد بجسدها فقط، من دون الاهتمام بالشرائح النسائية المفكرة والمشاركة بفاعلية في مناقشة قضايا مجتمعها.

واقع إعلامي جديد

مع التطورات الحاصلة في المجتمعات وظهور العديد من الحركات النسائية المناهضة لهذا التنميط والمهتمة بارتقاء مكانة المرأة، إضافة إلى زيادة وعيها بحقوقها، كل ذلك خلق واقعاً إعلامياً جديداً يسلط الضوء على نموذج المرأة القوية المستقلة فأصبحنا نشاهد الكثير من البرامج والحوارات التلفزيونية التي تبرز ثقافة النساء وتناقشها في القضايا المحورية والمهمة، حيث لم تعد المرأة محاطةً فقط بموضوعات الأبراج وقراءة الطالع بل أخذت المكانة التي تستحقها في طرح وتحليل الموضوعات السياسية والاجتماعية والثقافية، فغدا من البديهي عرض نماذج مختلفة للمرأة الأديبة والكاتبة والناقدة، الطبيبة، المعلمة، والمرأة العاملة في مختلف المهن الشاقة مع تخصيص مساحات لا بأس بها لقصص نجاح وبطولات كبيرة خطّتها الأيدي الناعمة.

خير مثال

واستطاع الإعلام السوري أن يكون خير مثال على دعم وتقدير المرأة في شتّى المجالات، فمنذ انطلاقة البث التلفزيوني الأول في الستينيات من القرن الماضي كان للعنصر النسائي دور بارز فيه من خلال العديد من المذيعات والمقدمات اللواتي سطع نجمهم حينذاك وخلّدت أسماؤهن إلى يومنا هذا، والعديدات من الإعلاميات السوريات أثبتن جدارتهن في إدارة الحوارات في مختلف الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما حلّت العديد من النساء ضيفاتٍ في مثل هذه اللقاءات التي أبعدت المرأة السورية عن الأطر التقليدية وأظهرت قوة ثقافتها وعمق تفكيرها.

الشمولية

تميزت البرامج التلفزيونية السورية بشموليتها لمختلف الشرائح فلم تتوجه فقط للنساء الحضريات بل كان أيضاً للمرأة الريفية حصّة عبر البرامج التثقيفية والتوعوية إضافة إلى إظهارها ضمن الحلقات التي تعنى بالشؤون الريفية والتراثية حيث لم تهمّش يوماً بل كان لها حضورها.

المرأة المناضلة

خلال سنوات الأزمة قدّم الإعلام السوري في مختلف أشكاله نماذج رائعة تروي قصص بطولة وشجاعة خطتها يد امرأة ضحت بفلذات كبدها الذين استشهدوا في أثناء الدفاع عن أرضهم وبلدهم فكانت خير قدوة ومثال يحتذى به بالصبر والقوة عند الشدائد والمحن، إضافة إلى إبراز دور المرأة المناضلة من خلال المراسلات الحربيات اللواتي وقفن إلى جانب الجيش العربي السوري في أقسى معاركه.

القوة الناعمة

قد تكون المرأة قوة ناعمة لكن أثرها كأثر الفراشة إلا أنه يرى ولا يزول، لذلك نحن بحاجة دائماً إلى وجود إعلام ينقل الصورة الحقيقية عن المرأة، صور الأم والمعلمة والمربية، الحرة والمستقلة، التي تستطيع أن تربي طفلاً بيد وتحرك العالم بأسره بيدها الأخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن