تمثل روسيا قلب العالم الطاقوي وخاصة بالنسبة لأوروبا التي تغذيها تلك الشرايين الممتدة من هذا القلب إليها عبر العديد من خطوط الغاز المتعددة الأسماء من «السيل الشمالي1» وليس انتهاء بخط «يامال أوروبا» لتعود اليوم كل الضغوطات الاقتصادية على روسيا بآثار عكسية على من يطبقها وخاصة القارة العجوز التي تعتمد اعتماداً كلياً على الغاز الروسي.
اليوم حطم سعر الغاز في أوروبا رقماً قياسياً تاريخياً فزاد على الـ4000 دولار لكل ألف متر مكعب، ـ وذلك ابتداء من بورصة لندن «آي سي إي» إلى مركز هولندا «ت ت إف» لينتهي يوم التداول عند هذه الحدود.
في انتظار توريدات الغاز الطبيعي المسال الأميركي التي من الممكن أن تكسر حدة الارتفاع الجنوني لأسعار الطاقة في أوروبا، إلا أن هناك إجماعاً من معظم الخبراء على عدم كفايتها للتعويض عن غاز أنابيب «غاز بروم» بالكامل.
أسوأ السيناريوهات المتوقعة هو فرض حظر على النفط والغاز الروسي والأمر مستبعد إلا في حال التصعيد العسكري كأن تتدخل قوات الناتو العسكرية إلى جانب كييف.
صحيح أن بيع النفط والغاز يجلب لروسيا ما يقرب من نصف الإيرادات إلى الميزانية، إلا أنها ليست المتضرر الوحيد وإنما الضرر سيلحق بأوروبا والعالم أجمع خاصة أن ارتفاع أسعار الطاقة سيتخطى حدود المعقول وسيؤدي إلى تعميق أزمة الطاقة في أوروبا، بالتالي الدخول في نفق اقتصادي مظلم في العالم لأننا نتحدث عن نقصان طاقي مفاجئ يتجاوز الـ140 مليار متر مكعب من الغاز وحده.
إذا ما تم وقف إمدادات الطاقة من روسيا سيترتب على المستهلكين الآسيويين والأوروبيين التنافس الشديد الذي ستكون عواقبه وخيمة لجهة الارتفاع فلا أحد في العالم قادر على التعويض مهما بلغت الزيادات القصوى للإنتاج.
النتائج الكارثية على المستوى السياسي والاقتصادي لزيادة الضغوطات والحصار على موسكو لا يمكن تحمل عواقبها عالمياً وحتى على مستوى الداخل الأميركي الذي بدأ يتحدث عن مدى ضعف الرئيس الديمقراطي أمام روسيا التي اتخذت قرار إعلان العملية العسكرية في أوكرانيا، لنجد أنفسنا أمام ما قاله كبير المستشارين السابق لوزير الدفاع الأميركي في إدارة دونالد ترامب الكولونيل دوجلاس ماكجريجور على هواء قناة «فوكس نيوز» الأميركية التلفزيونية إن فلاديمير بوتين الآن ينفذ ما كان يحذرنا منه منذ 15 عاماً، بأنه لن يتسامح مع نشر القوات الأميركية أو أنظمة الصواريخ بالقرب من حدود روسيا مثلما رفضت الولايات المتحدة نشر الصواريخ الروسية في كوبا، وهو في النهاية تحرك ونحن للأسف تجاهلنا تحذير بوتين، وهو لن يقبل، تحت أي ظرف من الظروف، انضمام أوكرانيا إلى الناتو.