سورية

ليست بوارد «المفاضلة» بين سورية وأوكرانيا وفي ظل الرغبة بالحفاظ على «التفاهمات» و«موازين القوى» … توقعات بعزل موسكو «المسارات» مع واشنطن شرق الفرات

| حلب- خالد زنكلو

رجحت مصادر متابعة للأوضاع في المناطق الخاضعة لنفوذ ميليشيا «قوات سورية الديمقراطية- قسد» وللاحتلالين الأميركي والتركي شمال شرق سورية، أن تواظب كل من موسكو وواشنطن على الاحتفاظ بسياسة «فصل المسارات» الخاصة بتلك المناطق عما يدور من أحداث بين الدولتين المتنافستين في أوكرانيا.

وتوقعت المصادر في تصريحات لـ«الوطن»، ألا ينعكس تأزيم المواقف حيال الحرب الدائرة في أوكرانيا على تبدل خريطة السيطرة وخطوط التماس الصامدة شرق نهر الفرات منذ سريان وقف إطلاق النار في تشرين الأول 2019، على الرغم من التحشيد العسكري المدروس والمضبوط لكل من أميركا وروسيا في المنطقة، الذي لا يرقى إلى مستوى التصعيد أو المواجهة، على الأقل في المدى المنظور.

ومرد ذلك، حسب المصادر، إلى ثبات إستراتيجية الإدارة الأميركية في سورية والمناطق الشمالية الشرقية منها، والمتمحورة حول دعم «قسد» ومحاربة تنظيم داعش و«الملف الإنساني»، وبما لا يمس خطوط المواجهة الحالية بغض النظر عن تداعيات الحرب في أوكرانيا وتضارب مواقف موسكو وواشنطن منها، على اعتبار أن مسارات كل من الملفين معزولة ومنفصلة عن بعضها بعضاً، مبدئياً، على الرغم من الترابط العضوي لمستقبل «تفاهمات» الملف السوري بمسار تغير الأوضاع في أوكرانيا، والتي يفترض أن تبدل منطقياً «أوراق اللعب» محلياً وعالمياً.

ورأت أن موسكو، وعلى الرغم من تصاعد حدة العقوبات الغربية المفروضة عليها، ليس بوارد المفاضلة بين أوكرانيا وسورية، على اختلاف مناطق نفوذها فيها، على اعتبار أن البلدين يشكلان امتداداً لعمق الأمن القومي الروسي وبما تمثله سورية من ثقل جيوسياسي وعسكري شرق المتوسط لمصلحة الكرملين المتمسك بمسارات «سوتشي» و«أستانا» و«لجنة مناقشة الدستور» لإيجاد حل مستدام للأزمة، التي ستدخل عامها الثاني عشر قريباً، في البلاد.

ولذلك، فمن مصلحة أميركا وروسيا التمسك بـ«التوافقات» القائمة بينهما إزاء مناطق شمال شرق سورية، والمتمثلة بـ«منع التصادم» وتحجيم تطلعات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بتوسيع رقعة المناطق التي يحتلها فيها، وحيال مناطق شمال غرب البلاد، التي تحكمها مقتضيات وموجبات التمديد للقرار الأممي الخاص بالمساعدات الإنسانية بشقيه «عبر الحدود» و«عبر الخطوط»، بغض النظر عما يدور من أحداث وما يمكن أن تتطور في أوكرانيا، حسب وجهة نظر المصادر.

وللتأكيد على ذلك، رأت المصادر، أن خروج ممثلي الدول الغربية والعربية خلال استضافتهم في العاصمة الأميركية الخميس الماضي، ببيان أكدوا فيه الالتزام بالتوصل إلى «حل سياسي» للأزمة السورية والترحيب بإحاطة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية غير بيدرسون حول مبادرة «خطوة مقابل خطوة»، يصب في اتجاه الحفاظ على «التفاهمات» السارية المفعول بين أميركا وروسيا حيال المناطق السورية المختلفة.

على الأرض وفي سياق الحفاظ على موازين القوى، واصل ما يسمى «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن إرسال تعزيزات عسكرية لدعم قواعده العسكرية غير الشرعية في مناطق هيمنة «قسد» شرق الفرات، ودخلت أمس إلى منطقة الرميلان النفطية شرق القامشلي قافلة جديدة عبر معبر الوليد غير الشرعي مع إقليم كردستان العراق، وهي الثالثة في غضون الأيام الثلاثة المنصرمة، إحداها وصلت إلى منطقة التنف الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الأميركي عند الحدود السورية الأردنية العراقية، والرابعة من نوعها منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 الشهر الماضي، وفق قول مصادر أهلية في القامشلي لـ«الوطن».

وردت القوات الروسية على التحرك والنشاط العسكري الأميركي، كما ذكرت مصادر محلية لـ«الوطن»، بتعزيز عتادها العسكري، وخصوصاً سلاحي الدبابات والمدفعية في دير الزور شرق الفرات، في وقت كثفت مهام طائرات الاستطلاع المستنفرة على مدار الساعة، بعد أن زادت عدد طائراتها المقاتلة في مطاري القامشلي في الحسكة والطبقة في الرقة أخيراً. وعمدت أول من أمس الشرطة العسكرية الروسية إلى تسيير دورية عسكرية مشتركة مع قوات الاحتلال التركي، هي الـ94 من نوعها، وانطلقت من ريف عين العرب إلى ريف جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي شرق نهر الفرات، في مسعى لضمان استمرار تحييد النظام التركي عن مجريات تطور الحرب في أوكرانيا وعدم ربطها بالسيناريوهات المحتملة لمناطق شمال شرق سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن