قضايا وآراء

المنظمات اليهودية الأميركية: الأخطار المقبلة على إسرائيل غير مسبوقة

| تحسين الحلبي

ربما تجد إسرائيل نفسها في هذه الأوقات التي نشهد فيها حرباً واسعة تشنها معظم دول الغرب على روسيا، في وضع مربك إن لم تكن في ورطة، فالغرب كله وبخاصة الولايات المتحدة، يرون أنها تتردد في التصريح العلني المباشر عن استعدادها لدعم نظام أوكرانيا بالسلاح، برغم أنها رفضت بعبارات واضحة إعلان روسيا الحرب على أوكرانيا، ويذكر أنها لم تندد باستعادة روسيا للقرم عام 2014 بل شارك رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو في الاحتفال الذي أعده الجيش الأحمر السوفييتي في موسكو بمناسبة الانتصار على النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، في حين أن معظم رؤساء الدول الأوروبية كانوا قد قاطعوه ولم يشاركوا بسبب استعادة القرم، وقد لاحظ الجميع في هذه الأوقات أن إسرائيل تحاول النأي بنفسها عن المشاركة العلنية والمباشرة في دعم أوكرانيا وجيشها وربما تخشى من نتائج هذا الدور، وهي التي اعتادت على المشاركة بأشكال مختلفة ومباشرة بحروب الغرب في كل مكان.

لا شك أن ترددها بهذا الشكل قد أقلق النظام الأوكراني ورئيسه فلودومور زيلينسكي حين حرض إسرائيل وطلب منها ومن يهود العالم أجمع، الوقوف إلى جانب نظامه بعد أيام من دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، وكان آخر المطالبين حتى الآن بمشاركة إسرائيل، هو السفير الأوكراني نفسه في تل أبيب، فقد عقد مؤتمراً صحفياً في تل أبيب أول من أمس وقال فيه: إن «الرئيس زيلينسكي لا يستوعب لماذا ترفض إسرائيل تزويد الجيش الأوكراني بالمعدات العسكرية»؟ وأضاف ساخراً من إسرائيل: «إن روسيا ليس لديها في سورية سوى طائرات قليلة وأنظمة دفاع جوية وما زلتم تخافون منها، في حين ها هي دول البلطيق المحاذية لحدود روسيا لا تخاف منها وتنقل إلى أوكرانيا كل ما بوسعها من معدات ومساعدات تحتاجها أوكرانيا»، ويذكر أن إسرائيل كانت قد أرسلت من مطار بن غوريون مئة طن من المعدات الطبية والمساعدات الأخرى غير العسكرية، لكن ما يطلبه النظام الأوكراني من إسرائيل لا تفضل المنظمات اليهودية الأميركية أن تتجاوب معه إسرائيل خوفاً من مضاعفاته عليها إن شاركت في الحرب ضد روسيا، وترى هذه المنظمات بموجب ما نشرته أقدم مجلة يهودية أميركية «فوروورد» أول من أمس حين ذكرت أن إسرائيل تدرك خطورة أي دور كهذا لأنها «تضع حسابات مصيرية له بسبب حلفاء روسيا الذين يحيطون بإسرائيل».

عضو الكونغرس الجمهوري ليندسي غراهام وبموجب ما ذكرته المجلة، انتقد إسرائيل لأنها رفضت إرسال قاذفات ستينغر المحمولة على الكتف لأوكرانيا، وقال علناً: «ولذلك سأتصل بالهاتف بإسرائيل وأقول إننا نقدم لها بطاريات القبة الحديدية» وطالبها بتغيير هذا الموقف، لكن المجلة اليهودية الأميركية ترى أن «إسرائيل لو تدخلت إلى جانب أوكرانيا عسكرياً ضد روسيا، فإنها ستولد مواجهة من حلفاء روسيا في المنطقة، وهذا ما لا تحتاجه إسرائيل في هذه الظروف»، وتضيف المجلة: «وإذا كان اصطفاف روسيا إلى جانب سورية وتقديم دفاعات جوية لها وإرسال قوات إلى حميميم قد ألحق الضرر الفادح بمصداقية ومكانة الولايات المتحدة، فإنه قد فرض نتائج أكثر سوءاً في فداحتها على إسرائيل»، وتختتم المجلة: «ومع ذلك ثمة من يسخر من إسرائيل لأنها ترفض مد يد المساعدة لزعيم أجنبي يهودي وبخاصة بعد أن تعامل معه بوتين كعدو ولم يرحمه».

يبدو أن إسرائيل تدرك أيضاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كرر في أكثر من مناسبة أن كل من يقدم السلاح للجيش الأوكراني سيعده عدواً لروسيا، وفي هذه الأوقات تجد إسرائيل نفسها في ظروف لا تستطيع تغييرها وأهم هذه الظروف هي تزايد قدرات محور المقاومة الذي يتصدى لعدوانها على امتداد حدودها الشمالية والجنوبية، ولا شك أن إسرائيل كانت منذ فترة تضع حسابات كثيرة لهذا المحور فما بالك الآن حين أصبحت روسيا الحليف الدولي لهذا المحور، تتصدى لحرب يشنها الغرب وحلفاؤه عليها بجميع أشكال العقوبات الاقتصادية والحصار والتهديد بحرب يريدون أن تكون طويلة في أوكرانيا، وروسيا من الطبيعي ألا تترك حلفاءها أو يتركها حلفاؤها الذين صوتوا في الجمعية العامة ضد قرار إدانتها، وهذا ما سوف يقلق إسرائيل جداً بل ويقلق مستقبلها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن