عربي ودولي

رؤية شي جين بينغ الاقتصادية: كيف يسهم الابتكار الصيني في دفع النمو الاقتصادي داخل البلاد وخارجها

| وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا»

انهمك ميلاغري آبيل ماسينغوي في تشغيل طائرة من دون طيار في مزرعته الكائنة بمدينة زاي زاي في جنوب موزمبيق، حيث قام على هاتفه المحمول بضبط مسارات تم تحديدها مسبقا، وبدأت الطائرة من دون طيار في رش المبيدات الحشرية وفقاً لتلك المسارات.

وتقوم الآلة الطنانة بالأعمال الزراعية بشكل أكثر دقة وكفاءة مما يمكن أن يقوم به المزارع البالغ من العمر 44 عاماً بمفرده، إذ إنه بمساعدة نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية الذي طورته الصين، يمكنه رش المبيدات الحشرية على مساحة نحو هكتار واحد من الأراضي الزراعية في الساعة، أي أسرع بواقع 25 مرة من العمل اليدوي.
في الوقت الذي يثري فيه الابتكار التكنولوجي الزراعة الحديثة، ما ساهم في تغيير حياة ماسينغوي والعديد من المزارعين الآخرين في مزرعة وانباو للأرز بموزمبيق. فمن خلال ابتكارات عالية التقنية مثل نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية، شهدت المزرعة زيادة نسبتها 13.6 في المئة في غلة المحاصيل في السنوات الثلاث الماضية.
«إنني أحب ما نفعله هنا»، هكذا قال ماسينغوي، وهو أب لثلاثة أطفال، انتقل للعيش في مسكن بالإسمنت بعد أن كان يعيش في منزل مسقوف بالقش وأرسل ابنه الأكبر للدراسة في الكلية، مضيفاً: «نحن نعيش حياة كريمة لأننا تمكنا من كسب شيء من خلال هذا المشروع».
وهذه المزرعة الموزمبيقية هي مجرد واحدة من العديد من المشاريع التي تتقاسم فيها الصين التكنولوجيا مع شركائها في جميع أنحاء العالم لتحفيز الحيوية الاقتصادية. وثمار ذلك يحصدها الجانبان.
على مدى العقد الماضي، عززت الصين الابتكار التكنولوجي لدفع النمو، على الصعيدين المحلي والعالمي، وطبقت «رؤية شي الاقتصادية»، وهي الفلسفة الاقتصادية للرئيس الصيني شي جين بينغ.
يتطلع نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية إلى تحقيق تطور سريع لمختلف التطبيقات الصناعية في الصين، كما أنه يُستخدم لرسم خرائط الأراضي والنقل والإغاثة من الكوارث والتخفيف من حدتها، والزراعة الدقيقة والغابات والموانئ الصغيرة في أكثر من 120 دولة ومنطقة.
ومن جانبه، قال دييغو باوتاسو، الأستاذ الزائر في جامعة ريو غراندي دو سول الفيدرالية في البرازيل: إن الرئيس الصيني أكد مجدداً على أن الابتكار هو أساس تنمية القوى المنتجة.
وأشار باوتاسو إلى أن «تحديث الصين هو مثال على النجاح الكبير في هذا الاتجاه، وكانت له تأثيرات ملحوظة في تحسين الظروف المعيشية للشعب».

الشريان الاقتصادي

على بعد نحو 150 كم من بكين، تستخدم مجموعة من المهندسين طائرات من دون طيار لتفقد شبكات الكهرباء في المحطة الفرعية لخطوط الجهد الفائق في مدينة باودينغ عبر مسارات محددة وفقا لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية، على غرار ما فعله ماسينغوي في مزرعته.

واستطاعت تلك الشبكات الفائقة نقل الكهرباء من مزرعة للطاقة المتجددة، على بعد نحو 310 كم من باودينغ، وإمداد أولمبياد بكين الشتوي بالكهرباء.

تتمتع شبكات مشروعات خطوط الجهد الفائق بقدرة أكبر على نقل الكهرباء عبر مسافات طويلة ويمكنها أن تقلل بشكل كبير من فقدان الطاقة مقارنة بخطوط الطاقة العادية.

باستخدامه تكنولوجيا نقل الكهرباء الأكثر تقدماً في العالم، توفر مشروعات الجهد الفائق حلاً لاختلالات الموارد في الصين، التي تعد أول دولة تتقن هذه التكنولوجيا تماماً وتضعها موضع الاستخدام التجاري. إنها ترسل الكهرباء الفائضة من الغرب الغني بالموارد في الصين إلى الشرق الأكثر تطوراً.

حتى عام 2020، قدمت مشروعات خطوط كهرباء الجهد الفائق 2. 1 تريليون كيلووات/ ساعة من الكهرباء منذ تشغيل أول محطة في عام 2009 في الصين. ولم تعمل هذه التكنولوجيا على تنشئة محركات جديدة للنمو الاقتصادي فحسب، بل ساعدت أيضاً الدولة على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالكربون من خلال زيادة نقل الكهرباء المولدة باستخدام الطاقة الخضراء.

وفي هذا الصدد قال جون ماكلين، رئيس معهد المديرين في مدينة لندن: أن «اقتصاد الصين شهد نمواً سريعاً خلال العقود القليلة الماضية»، مشيراً إلى أنه «من أجل مواصلة النمو والحفاظ على الزخم، تم ضخ استثمارات كبيرة في الابتكار العلمي والتكنولوجي وهو ما من شأنه أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي ويحافظ على مكانة الصين باعتبارها القوة الاقتصادية لآسيا».

ويرى شي أنه لا ينبغي أبداً تطوير الابتكار وتطبيقه خلف أبواب مغلقة. فقد قال الزعيم الصيني: «علينا أن نجعل قوة الابتكار تدفعنا إلى الارتقاء بهياكل الاقتصاد والطاقة والصناعة لدينا، والتأكد من وجود بيئة سليمة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في جميع أنحاء العالم».

في البرازيل، وهي دولة غنية بالطاقة ولكنها محدودة بسبب التوزيع غير المتكافئ، فإن ممر نقل الكهرباء بخطوط كهرباء الجهد الفائق الممتد من الشمال إلى الجنوب ساهم بشكل كبير في تلبية احتياجات الطاقة وتعزيز الكفاءة.

وبمساعدة الصين، يقوم (الممر) بتوصيل الكهرباء إلى حيث تشتد الحاجة إليها، ليصبح بمثابة شريان للاقتصاد البرازيلي، وهو ما يعود بالفائدة على 22 مليون برازيلي، أو 10 في المئة من سكان البلاد.

وقال خوسيه ريكاردو دوس سانتوس لوز جونيور، الرئيس التنفيذي لشركة ليدى تشاينا ومقرها ساو باولو: إن «تعاون الصين مع البرازيل من حيث التكنولوجيا والابتكار في مجموعة متنوعة من القطاعات يساعد بالفعل في تنمية الاقتصاد البرازيلي».

نهج متمحور حول الشعب

خلال العقد الماضي، دعا الرئيس الصيني إلى فلسفة تنمية متمحورة حول الشعب لتلبية احتياجات الشعب المتزايدة باستمرار من أجل حياة أفضل.

ويعد الابتكار في مجال نقل الطاقة مثالا على رفع مستويات المعيشة. وينطبق الشيء نفسه على الاقتصاد الرقمي المزدهر في الصين.

في جنوب غرب الصين، كانت مقاطعة قويتشو ذات يوم موطنا لأكبر عدد من السكان الذين يعانون من الفقر في البلاد.

وفي الوقت الذي حشدت فيه الصين الجهود لرقمنة اقتصادها، عقدت المقاطعة العزم على بناء صناعة بيانات ضخمة باستخدام ميزاتها المناخية والجغرافية.

وفي الوقت الحاضر، تعد هذه المقاطعة من بين المناطق التي تضم أكثر عدد من مراكز البيانات الضخمة على مستوى العالم. وفي عام 2021، ساهم الاقتصاد الرقمي بنحو 34 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي لقويتشو وساعد في انتشال 9. 23 مليون شخص من براثن الفقر.

قال شي خلال ترؤسه جلسة دراسة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني العام الماضي إن تطوير اقتصاد رقمي هو خيار إستراتيجي لاغتنام الفرص الجديدة في الجولة الجديدة من الثورة في العلوم والتكنولوجيا والتحول الصناعي.

إن «فلسفة الرئيس شي جين بينغ بشأن تحقيق تنمية عالية الجودة من خلال الابتكار التكنولوجي يمكن بالفعل رؤيتها في الخطوة التي تتخذها الصين بالاستثمار بكثافة في مجال البحث والتطوير»، حسبما قال لوز.

في مؤشر الابتكار العالمي، صعدت الصين في التصنيف العالمي من المرتبة 14 في عام 2020 إلى المرتبة 12 في عام 2021 بين 132 اقتصاداً. وفيما يتعلق بالجهود المبذولة لرقمنة اقتصادها، احتلت الصين المرتبة الثانية في العالم لسنوات، وفقاً لإحصاءات مؤتمر الاقتصاد الرقمي العالمي.
ومن ناحية أخرى، فإنه بمساعدة الصين، تذوق العديد من البلدان النامية أول طعم للنجاح في التحول الرقمي مع تطوير التجارة الإلكترونية. وقد لفت سيتويو لوبوكويت، الرئيس التنفيذي لشركة ((M-Pesa Africa)) الرائدة في مجال منصات التكنولوجيا المالية في إفريقيا، إلى أن التكنولوجيا الآمنة والمستقرة والمبتكرة التي تقدمها الشركات الصينية غيرت حياة الملايين في إفريقيا.
وذكر لوبوكويت «سأضرب حالة لمستها نفسي مثالاً على ذلك، فعائلتي تعيش على بعد 550 كم من نيروبي. وكان ذلك يعني القيام برحلة ليوم كامل لزيارة أمي وإعطائها المال على فترات منتظمة»، مضيفاً: إن «هذه التكنولوجيا غيرت كل شيء وكانت أساسية في دفع الاشتمال المالي في جميع أنحاء القارة الإفريقية».
من التعاون في مجال زراعة فول الصويا مع تايلاند إلى التعاون مع أوروبا في مجال الألياف البصرية، من تقديم خدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في الجزائر إلى العمل بشكل مشترك على استكشاف رؤى جديدة حول الوقاية والعلاج من السرطان في محطة الفضاء الصينية، تفي الصين بالتزاماتها تجاه تعزيز الازدهار المشترك من خلال التعاون في الابتكارات التي تغير حياة الناس، مثل ما حدث مع ماسينغوي ولوبوكويت.
واتباعاً لرؤية شي للتنمية التي تتسم بنمو مبتكر ومنسق وأخضر ومنفتح ومشترك، عملت الصين على تطوير اقتصادها بطريقة تعود بالنفع على شعبها وشعوب العالم.
وقد قال شي إن «مفاهيم التنمية هذه لم تنشأ من فراغ»، مشيراً إلى «أنها انبثقت عن التجارب المحلية والأجنبية للتنمية، وعن تحليل الاتجاهات المحلية والأجنبية في التنمية على حد سواء».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن