قضايا وآراء

كيد العقوبات بالنحر الأوروبي

| هديل علي

سكين العقوبات التي شرّعتها أوروبا ضد روسيا، بدأت تحز رقاب الساسة الغربيين، فيما تجلس واشنطن متفرجة على سذاجة قل نظيرها في عواصم القرار المشكلة للتكتل السياسي الاقتصادي الذي يدعى الاتحاد الأوروبي اسماً فقط، فيما يبدو أن كل سياساته ومخططاته وقراراته رهينة أو منسقة مع المصالح الأميركية مهما تعددت إداراتها.

إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية التي لا تستخدم سوى 3 بالمئة فقط من النفط الروسي تأثرت وبسرعة قياسية بقرار الرئيس جو بايدن حظر موارد الطاقة الروسية، حيث سجل سعر غالون البنزين في الولايات المتحدة 4.14 دولارات أميركية وذلك في اليوم نفسه الذي أعلن فيه القرار، وفقاً لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، فما هي الحال في أوروبا التي تعتمد على روسيا بأكثر من 40 بالمئة من طاقتها؟

المصيبة التي حطت على رقبة الأوروبيين بفعل سياستهم، لا تقتصر على الطاقة فقط بل هناك الكثير من القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية والغذائية التي ستشهد ارتفاعاً خطيراً في الأسعار وانعدام أخرى وانكسار العديد، وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً وما سينتج عنه من معدلات تضخم غير مسبوقة.

من الواضح أن أوروبا لا تحسب جيداً طريق العودة على دروب موسكو، خلافاً لواشنطن التي أدخلت السذج من ساسة الغرب الأوروبي في حيرة من خلال تخلي الولايات المتحدة عن اختبار الصواريخ البالستية العابرة للقارات «مينيوتيمان 3» وقول المتحدث باسم وزارة الدفاع جون كيربي: إن الولايات المتحدة تخلت عن ذلك لإثبات أن واشنطن ليست لديها نية الانخراط في أي عمل يمكن أن يساء فهمه أو تفسيره، بعد أن أشار إلى أن «الحرب النووية لا يمكن كسبها وينبغي ألا تبدأ»، إضافة إلى منح الأخيرة ضمانات نصية لموسكو بأن العقوبات المفروضة عليها لن تنعكس على تعاونها مع طهران.

التراجع العملي لواشنطن خطوة خطوة للانسحاب من هذه المعركة بدأ، كما بدأت دول ذات ثقل سياسي وعسكري واقتصادي تعزز علاقاتها مع موسكو وتبدي موقفاً كاملاً مؤيداً لها، لترجح الكفة هنا بكل المعطيات التي أمامنا والمواقف للجانب الروسي المتنامي النفوذ والضارب عرض الحائط بالعقوبات الأميركية والأوروبية وما يتمخض عنها من نتائج تشد الخناق على الغرب أضعافاً مضاعفة عما هي الحال بالنسبة لروسيا الاتحادية، ولعل الأيام والأشهر القادمة ستظهر حجم المصيبة التي سيشعر بها الأوروبيون جراء القرارات المتسرعة لقادتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن