شؤون محلية

منطق الغرب: يطرد المهاجر الأسمر ويطارد الأشقر..!

| د. سعـد بساطـة

لا حديث الآن سوى أزمة روسيا – أوكرانيا؛ والتركيز عـلى هجرة 2 ونصف مليون أوكراني (الرقم المعـلن للآن) خلال أسابيع من الحرب.

وهذا يقودنا للتطرق لتأثير هجرة مواطنينا في أثناء الأزمة التي دامت 11 عـاماً.
هجرة الأدمغة يطلق على هجرة العلماء بمختلف فروع العلم من بلد لآخر التماساً لأحوال أفضل. وبالعادة تكون الهجرة من البلدان النامية للبلدان المتقدمة. وقد قامت الجمعية البريطانية بابتداع مصطلح Brain Drain لوصف هجرة العلماء منها لأميركا وكندا في خمسينيات القرن الماضي.
وحسب بحث صدر مؤخراً، فإن 50بالمئة من الأطباء، و23بالمئة من المهندسين و15بالمئة من عـلمائنا يهاجرون متجهين لأوروبا وأميركا الشمالية و54بالمئة من طلابنا العرب الدارسين بالخارج لا يعودون.
ما الأسبابِ المُؤدِّيـة للهجرةِ؟
عدمُ توافـرِ التسهيلاتِ والمزايا الداعمَـة لأصحابَ العقولِ والمهاراتِ.
سوءُ البنى التحتيّة. (لاسيما بالتعـليم)
قلة الشعورِ بالأمان؛ حيثُ يَنتقِلُ الأشخاص لدُوَل أكثر استِقراراً.
ندرةُ الفُرَصِ؛ ممّا يُشجِّعُ على الهجرة، إضافة إلى الدَّخلِ المُرتفِعِ الذي تُقدِّمُه الدُّوَلُ المُضيفةُ.
طموحُ الكثيرين لتحسينِ مهنتِهم، وإكمالِ دراستهم.
تشجيعُ الأسرة، والأقارب، لفكرةِ الهِجرةِ؛ ممّا يشكِّلُ تأثيراً كبيراً.
التمييزُ في التعييناتِ، والترقِيات بأماكن العملِ.
لا تُعدّ هجرةُ الأدمغة ظاهرةً حديثةً، إذ شهدَ التاريخ هجرات واسعة للكفاءات ؛ وتتعدّد أشكال هجرة الأدمغة؛ فهناك هجرة الأدمغة جغرافيّاً من بلدٍ إلى آخر أكثر احتضاناً لمهاراتهم وإمكانيّاتهم، وهناك هجرة الأدمغة التي تحدث من خلال انتقال جماعيّ للكفاءات من إحدى الشركات لافتقارهم الاستقرار الوظيفي ونقص الفرص المتاحة للترقّي والتقدّم المهني، لشركـة توفّر لهم الامتيازات والإمكانيات اللازمة لحياة وظيفية أفضل، والشكل الآخر هو تخلّي الكفاءات عن مجالٍ بأكمله والبحث عن مجالٍ آخر يُمكن أن يؤمـّـن متطلّباتهم.
دعـنا لا نغـفل عـن بضعـة آثار إيجابيّة للهجرة رغم كثرة آثارها السلبيّة: الأموال التي يُحوّلها الأفراد للدول الأصليّة ممّا يدعم عمليّة التنمية. تبادل المعرفة ونقلها إلى الدول الأصليّة عبر المؤتمرات والمشاركة في المشاريع العلميّة. دفع عمليّة التطوُّر واستخدام التكنولوجيا، وتوفير الدعم اللازم للتنمية في الدول المُستقطِبة للكفاءات والأدمغة. واحتمالية عودة المهاجرين للوطن بعد اكتسابهم المهارات اللازمة بما يصبّ في تنمية أوطانهم.
طرفة حول التحامل عـلى المهاجرين: مدير شركة بأميركا؛ وعامل أميركي؛ وعـامل مهاجر؛ يحتسون الشاي معاً وأمامهم عـلبة فيها 10 فطائر؛ يلتهم المدير 9 منها؛ ويهمس لعـامله الأميركي» انظر كيف سيسرق هذا المهاجر قطعـتك الباقية!».
بلغ تعداد المهاجرين الدوليين، المتزايد باستمرار ما يقارب ثلث مليار وهو معدل يفوق سرعة نمو تعداد سكان العالم، حسب بيانات جديدة عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة.
وأظهرت الأرقام أن ثلثي جميع المهاجرين يقصدون 20 دولة فقط، وظلت أميركا الوجهة الأكبر، مستضيفة 51 مليون مهاجر حتى عام 2020، أي ما يعادل 18 بالمئة من الإجمالي العالمي. بينما حلـّـت ألمانيا الثانية بحوالي 16 مليوناً، يليها الاتحاد الروسي 12 مليوناً وبريطانية 9 ملايين.
وتُعد الهند الدولة الأكثر تصديراً للمهاجرين بـ17.5 مليون مهاجر، تليها المكسيك بـ11.8 مليوناً، ثم الصين بـ10.7 ملايين، وروسيا بـ10.5 ملايين مهاجر. وتأتي سورية بالمركز الخامس بـ8.4 ملايين مهاجر، معظمهم لاجئون في أوروبا.
تعاني دول الاستقبال مـن نقص الأيدي العاملة إضافة لكون النمو القوي بها يتطلب جلب العديد من العمال المهاجرين لمواقع البناء وخطوط التجميع.
ومن أهم المهن والمجالات التي تستقطبها دول الاستقبال والتي يستفيد منها أصحابها من برنامج هجرة كندا للكفاءات هي: الهندسة، تكنولوجيا المعلومات، الرعاية الصحية، أعمال البناء وقطاعات الخدمات والزراعة.
إن «الذين يصلون الآن لأراضي الاتحاد الأوروبي يتمتع أغلبيتهم بمؤهلات تلبي مطالب سوق العمل»، حيث ذكر أرباب العمل أن قدوم هؤلاء يشكل فرصة يجب اغتنامها. وأشاروا في رسالة موجهة للحكومة أنهم يمكن أن يشغلوا مئات ألوف الوظائف الشاغرة بمجالات تكنولوجيا المعلومات والفنادق والبناء والمنسوجات.
ختاماً؛ وللحدّ من هجرة الأدمغة يجب أن يفرض البلد الذي يُعاني من هذه الظاهرة سياسات تشجيعيّة للكفاءات التي تعود إليه، ومحاولة تسخير خبراتهم ومهاراتهم لمصلحة البلد وبما يُحقّق رضاهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن